لن أُفلت يدكِ

«الفصل الثامن والثلاثون»

-الحيوان، وربنا لا أقوم أنط في كرشه.

قالتها آسيا وهي تتأهب للنهوض، فأوقفتها أسمهان بأن تشبثت بكفها رافضة، ثم تنهدت هاتفة:
-هو له حق يشك، إذا كنت أنا قعدت شوية مع الصور دي وشكيت! ما بالك بيه.

صرخت آسيا فيها بانفعال:
-مالوش الحق إنه يشك ويصدق من غير ما يسأل ويستفسر.

ثم صمتت جامدة، أتقول هي هذه الكلمات وهي التي انسحبت من حياة داغر لمجرد رؤيتها لذاتِ الصورة دون إستعلام عن حقيقة الأمر! هناك سرًا يخفيه الاثنين، وتريد معرفته.. والآن.

هتفت بتردد:
-وإنتي وداغر.. كنتو تعرفوا بعض زمان؟

وضعت أسمهان رأسها بين كفيها تضغط عليها بانفعال:
-معرفش! صدقيني معرفش، أنا دماغي بتوجعني وحاسة إن فيه حاجة أنا نسياها! حاسة بحاجة غلط يا آسيا.

ثم أغمضت جفنيها واعتصرتهما بقوة ثم ارتجفت تبكي بلا صوت، مما آثار شفقة آسيا التي ربتت على كتفها وضمتها بعطف، ثم تنهدت بهم وهي تستغفر، الشك حاوط قلوب الجميع، وأربك العلاقات.

ثم أبعدتها عنها ونهضت باتجاه الباب، فتحته بقوة انتفض لها تميم، ونهض ينفض ملابسه ناظرًا لها بأمل، فأشارت له ليدخل هاتفة بسخرية:
-خش يا كتكوت.

هرول للداخل سريعًا، فأوصدت آسيا الباب جيدًا وهتفت موقفة إياه:
-استنى، إنت هتترمي هنا على جمب لحد ما نفهم أيه اللي حصل، ولو عليت صوتك أو نطقت بحرف مش على هوايا هقطعلك لسانك ورآسك وأرميهم لكلاب السكك تنهش فيهم نهش.

قالتها بوعيد وسرعة رهيبة، فازدرد تميم لعابه متوجسًا ونظراته لها متعجبة، فربعت ذراعيها وتمايلت مجيبة بسخرية على تساؤلاته التي أراد البوح بها:
-شهرين في حارة العجوزة مش قليلين برده.

تنفست بعمق ثم نظرت لأسمهان قائلة بحنان:
-خشي اغسلي وشك واعمليلك لمون واعمليلي كابتشينو ومتعمليش للبأف دا حاجة لأنه ماشي على طول، يلا يا بيبي قومي وروقي.

أومأت بهدوء ونهضت تمسح دموعها دون أن تنظر له، فنظر لها تميم بلهفة إنتظار كلمة منها! إلا أن آسيا وقفت تحجب رؤيته متشدقة بجدية:
-عينك يا ظريف.

وما إن غابت اسمهان عن الأنظار جلست آسيا مكانها بهدوء، ابتسمت بخفة وجمود هاتفة:
-صلي ع النبي.

-عليه الصلاة والسلام!

قالها متعجبًا، فتابعت آسيا:
-شوف يا تميم، أسمهان أختي..مش هقولك بنت عمتي ولا صاحبتي، لأ هي أختي حرفيًا مباشرةً نفيًا وإثباتًا، لذلك أنا هكلمك بكل هدوء الدنيا، بتشك فيها ليه يا روح أمك؟

أغمضت عينيها بعد جملتها وتنفست بعمق، ثم فتحتهما هاتفة:
-آسفة خرجت عن شعوري، المهم فيه إجابة للسؤال ولا هتتكل؟