«الفصل الرابع»

4.5K 242 64
                                    

في جوف الليل...
سقط رأس حاتم وغاص في بئر النوم..
وكانت أسمهان تتسطح بإرهاق على الأريكة وتميم يجلس على مقعد آخر بجوار الفراش...
حركت آسيا جفنيها وآنت بتعب، وتمتمت بعبارات الألم وكلمات الوجع:
-سيبتني ليه....داغر!

فُتح الباب بهدوء، ودلف منه ممرض...أو ربما هو شخصًا يرتدي ثياب ممرض ويتستر ليستطيع إيصال أحوالها لسيده، نظر للأجواء لبرهة فوجد الصمت يخيم على المكان والجميع نيّام، أخرج هاتفه والتقط صورة للغافية بتعب وتأن بوجع، ومن ثم استدار راحلًا كما جاء...
ولم يكد يخرج من المستشفى حتى عبث بهاتفه وأرسل الصورة لرقمٍ مجهول، وهكذا انتهت مهمته، فسار في الرواق ورحل تمامًا...

وصلته رسالة عرفها من نغمة هاتفه، فالتقط الهاتف سريعًا وبلهفة، حتى ابتسمت ملامحه وهو يتأمل ملامحها المرهقة الذابلة، لم تكن بسمة كاملة...
فرؤيته لها مُعذبة...مهشمة..وذابلة، أرهق قلبه وألم كل ذرة بكيانه...
فتنهد بتعب وهمس بصوته المبحوح ذو النبرة الخاصة:
-هانت يا آسيا...هانت يا ست البنات

وكان لا بد من قبلة على الصورة..
ولا بد من إغلاق وحذف الصورة...
فإذا رأها العدو...لن يسكت ولن يستكين...
والمقصود بالعدو...خاطفه

✦❥❥❥✦

طرق داغر على باب المنزل طرقتين خفيفتين، وبجواره آسيا تُقلِّب بصرها في كل مكان حولها وتُطالع الأرجاء بإشمئزاز جلي، فُتح الباب وإذا بشابة رقيقة فاتنة تضع على رأسها وشاح تُغطي بها جمال شعرها وتبتسم بـرقة قائلة:
-يا مراحب يا مراحب، اتفضل يا أستاذ داغر

أطرق برأسه في الأرض ودخل المنزل متنحنحًا بخشونة هادرًا:
-يا رب يا ساتر

دخلت آسيا خلفه وهي تنظر بفضول لتلك الفتاة، جلس على الأريكة واشار لآسيا بالجلوس أمامه، فهزت رأسها بنفي هستيري، رمقها بحدة فانصاعت بحنق وجلست على الأريكة المقابلة له برفق حتى لا تأخذها وتقع من منظرها المتهالك!

دلفت الشابة للداخل وسمعها داغر تقول:
-أستاذ داغر برا يا بابا

سمعه يسعل قائلًا:
-دخليه هنا يا فاتن متسيبهوش برا يا بنتي

اومأت فاتن وعادت لهم سريعًا قائلة بإبتسامة:
-أبويا بيقولك تدخله يا أستاذ داغر

أومأ داغر ونهض قائلًا لآسيا:
-انتي تفضلي هنا لحد ما أجيبه ونطلع، متتحركيش من مطرحك

قالها وانصرف، فـ امتعضت ملامحها وارتسمت امارات الغضب على وجهها...

ظلت آسيا قرابة النصف ساعة جالسة على تلك الأريكة الصلبة حتى شعرت بعظامها تتكسر، لذلك تحركت كثيرًا بغير راحة في مكانها، وقررت النهوض لتقف قليلًا وبالفعل نهضت..
وظلت تمرر عينيها في أرجاء المنزل المتهالك بإشمئزاز، سرعان ما انتفضت بخضة عندما جذبها أحدهم من تنورتها، فخفضت بصرها للأسفل لترى فتاة صغيرة الحجم تبتسم ببراءة وخصلاتها متناثرة حولها بعشوائية وتنظر لها بعينين بريئتين يشع منهما الإشراق...

لن أُفلت يدكِحيث تعيش القصص. اكتشف الآن