«الفصل الحادي والعشرون»

3.3K 285 81
                                    

اقتحم الغرفة بلا استئذان، فارتبك الأخير وأسقط الابرة، لكمه في أنفه فسالت منها الدماء، وقاومه بأن حاول لكمه، ولكنه سيطر على الموقف حينما لكمه مرة أخرى وجذبه من تلابيبه يُبعده عن فراش آسيا الراقدة، وقد جاء الطبيب لينقذ ما يُمكن إنقاذه، ومن وراءه الممرضات ورجال الأمن، قيّد حركته وثبته على الأرض بحذاءه صارخًا بعروق بارزة ووجهٍ محتقن:
-مين باعتك انطق.

سعل الأخير ولم يعقب، فغضب الآخر ولكمه ثانيةً يصرخ فيه بهستيرية وجنون:
-انطق يا حيوان مين اللي باعتك.

أبعده رجال الأمن بصعوبة عنه، وقيدوه جيدًا، أخذوه إلى حيث لا يستطيع الهروب، فهرول الآخر وراءهم ولم يتركه، طرحه على الأرض في ردهة المستشفى وراح يلكمه بقوة وقد أعماه الغضب، ولا يردد سوى السؤال عن هوية من بعثه، حتى قال الرجل بصوتٍ متقطع:
-جميل النشار.

ركله بقدمه فأخذه رجال الأمن يجرونه جرًّا على الأرض، ومن خلفه سمع صوت خطوات كثيرة تقترب، وقف حاتم أمامه وسأله بهلع:
-إيه اللي حصل.

سأله بلهاث:
-تعرف حد اسمه جميل النشار؟

شهقت زينات بصدمة، فنظرت لها سمر متسائلة وكذلك حاتم، تمتمت بتلعثم:
-جـ..جميل!

سألها الشاب عن سيرته الذاتية ومن يكون، فترنحت بجسدها لذلك أسندتها سمر إلى أقرب مقعد، فجلست وعينيها مخضلتان بدمع الماضي، فجثى الشاب على ركبتيه أمامها وتحدث بهدوء:
-مدام زينات، لازم نعرف مين جميل، دي محاولة اغتيال، حد عايز يخلص من آسيا.

تشوش عقلها، وجالت حدقتيها في كل مكان عدا عينيه، تمتمت باِرتباك:
-جميل..خيري..و..وخليل، أنا..أنا مش عارفة!

كلمات غير مترابطة تلاها وضعها ليدها على موضع قلبها وتنفسها المضطرب، فتدخلت سمر وقالت بذعر:
-ماما..ماما أنتي كويسة؟

زاغت عينيها، فلم تعلم أهي من التعب أم من الدموع، عادت برأسها للخلف ورفعت عينيها للسقف، غير واعية بما يُقال حولها، شعرت برأسها يدور، فاستسلمت وأغمضت عينيها متقبلة الإغماء بصدرٍ رحب لعله يمحي هذا الكابوس السيء.

بالإضافة لذلك صدح صوت الطبيب بقوة وهو يصيح في إحدى الممرضات، وبالمستشفى عَلَى صوت صفير قادم من غرفة محددة، صفير صادر من جهاز القلب، من غرفة آسيا.

✦❥❥❥✦

انقضى الأسبوع سريعًا وعادت زينات وابنتها لدارهم، مر يومين على ذلك الحدث، حتى أن آسيا من كثرة تفكيرها فيما أوقعت نفسها به لم تهتم بكونهم يُشاركونها حياتها، فقط لم يسلم أيًّا منهم من عجرفتها وخاصةً سمر التي كانت متعطشة لسفك دماءها لولا أخيها وأمها، وضعت زينات طعام الغداء ودعت الجميع للحضور، جلس كلًا من سمر وداغر وزينات، بينما جاءت آسيا من غرفة داغر ترتدى شورت چينز قصير وكنزة بنصف كم بينما خصلاتها الناعمة تنسدل خلفها، وقفت أمام طاولة الطعام لبرهة تتأمل ما وُضع عليها، فإذا بها ترى لحوم من كثرة أنواعها، تراجعت بذعر وصرخت:
-إيه دا.

لن أُفلت يدكِحيث تعيش القصص. اكتشف الآن