«الفصل التاسع والثلاثون»

3.4K 208 72
                                    

ابتلعت لعابها وهي تستدير بقلق، ثم زفرت براحة حينما رأت الدخيل ووضعت كفها على صدرها متنهدة، دخلت الأخيرة وهي توصد الباب خلفها وتراقب ما إذا كان أحدًا قد رآها، ثم هتفت بحنق:
-إنتي اتجننتي يا نسمة؟ داخلة المكتب كدا عادي افرضي بابا ولا ماما صحيوا.

هزت رأسها نافية وهي تتابع بحثها المستميت على المفتاح:
-متقلقيش.

اقتربت منها هامسة من بين أسنانها:
-اتفضلي اخرجي حالًا قبل ما بابا يقلق ويقوم.

كشّرت نسمة عن أنيابها وصاحت بخفوت وشراسة:
-مش هخرج ألا أما لاقي المفتاح وآخد حقي، أنا عايزة حقي يا وسام!

لانت ملامحها وأردفت بحنو:
-هتآخديه والله، بس كل حاجة بوقتها!

هدرت بانفعال:
-وقت أيه! أنا مش لسه هستنى! أنا لازم أرجع العاصمة وأكمل شغلي! أنا لو مرجعتش في خلال أسبوع هترفد! ونامر.. مين اللي هياخد باله منه في غيابي!

لوت وسام شفتيها بشفقة وهي تراقب إنفعال ابنة عمها، ثم همست:
-طب تعالي دلوقتي نطلع أوضتي ونتفاهم.

زفرت نسمة حانقة، وجذبتها الأخيرة خارج الغرفة يخرجن بخفاء.

✦❥❥❥✦

في ظل ذلك التوجس والخشية من القادم كان صوت آسيا خائفًا:
-ممكن تفهم!

دخل الشقة تمامًا وأوصد بابها بقدمه وما زال رافعًا مسدسه في وجههما، اقترب منهما بوجهٍ جامد فتراجعا متوجسين!

-Cut..هايل يا فنان.

قالها شادي مبتسمًا بود، فأخفض داغر مسدسه وتبسم بهدوء:
-أدائي رائع مش كدا؟

أومأ الأخير ضاحكًا ضحكة خافتة متوترة، ثم مد يده يصافحه:
-منورنا يا أستاذ داغر.

وداغر يتحدث بلطف:
-دا نورك يا دكتور.

وآسيا في المنتصف تنظر إليهم بأعين جاحظة بذهول!

نظر داغر لآسيا هاتفًا بجمود وهو يدس كفيه في جيبي بنطاله:
-دكتور شادي جالي بعد ما رجعت الشغل على طول وفهمني حاجات كتير كنت أتمنى أفهمها منك إنتي.

نقلت آسيا بصرها لشادي بلوم، فتنحنح حرجًا، وتداخل مع الحوار فتاتين صغيرتين متشابهتين تمامًا كانتا تفركان عينيهما بنعاس، قالت إحداهن:
-آسيا قومتي ليه؟

تحرك شادي إليهن وهتف مبتسمًا:
-خشوا لماما دلوقتي يا حبايبي، فريدة تعالي حوشي عيالك.

ومن الداخل خرجت سيدة في منتصف العمر ترتدي إسدال الصلاة، جذبت أطفالها وابتسمت لداغر مرّحبة، ثم دخلت بالأطفال وتركت زوجها مع ضيوفه.

نظرات داغر كانت تخترق آسيا، كلها عتاب ولوم، أشار له شادي ليجلس فهتف نافيًا وحدقتيه لم تتحركا عن زوجته:
-لا مش للدرجادي، هآخدها ونمشي.

لن أُفلت يدكِحيث تعيش القصص. اكتشف الآن