١٩-يأس

378 25 4
                                    

"عندما يتملك اليأس من إنسان لا تسأله عن تصرفاته، لا تسأله أين عقله، لا تسأله عن أسباب حماقاته فهو لا يعلم، هو مُغيب توقف عقله و ترك زمام الأمور لليأس يُحركه، يسير و لا يعلم لأين، يضحك دون سبب، يرقص، يغني و يبكي دون سبب و لكن بالحقيقة هناك سبب و هو الألم، ألم الروح، روحه التي يحاول وأدها علَّ الألم ينتهي".

هربت عباراته و إلينا تستمع له بألم و تابع هو:
"بقيت كل ما اشتغل أكتر كل ما يديني فلوس أكتر و بدأت أحس إني لأول مرة في حياتي أكون قادر أصرف على بيتي و مراتي تترحم من خدمة البيوت.......إتشديت في الشغل و بطلت أخاف و قلبي قوي، الفلوس قوت قلبي، إشتغلت معاه في كل حاجة لحد ما في يوم كنا جايبين شُحنة بنات و كالعادة كل شُحنة بيفحصوهم و اللي متنفعش للشغلانه بيخلصوا عليها".

صمت قليلاً ثم تابع بألم يعتصر قلبه:
"جمعهوهم و جابوهم و أنا اللي كنت هخلص اليوم ده، وقفت و نزلوهم من العربية و دخلوهم المكان و هما مغطيين راسهم و خلصت عليهم واحدة ورا التانية بدم بارد........".

إنهمرت عباراته دون هوادة و تابع من بين بكائه:
"وقفت أتكلم مع صاحبي و كإني معملتش حاجة و بقيت الرجالة بيلموا الجثث..........لمحتها غطا راسها وقع و هما بيشيلوها........مراتي، قتلت مراتي بإيدي".

أجهش في البكاء ثم تابع:
"كانت حامل عشان كده أمروا بقتلها، كانوا هيبيعوها أو يجبروها تمارس الدعارة و عشان حامل منفعتش و طبعاً برضه منفعتش لبيع الأعضاء.......أنا كنت بعمل كل ده عشانها، عشان تترحم من المرمطة و تعيش مرتاحة و في الآخر قتلتها بإيدي و سابتلي بنت مش قادر أبص في وشها.....هبص في وشها إزاي و أنا اللي حرمتها من أمها؟، و الكلب اللي مع راسل ده هو اللي كان جايب الشُحنة، هما دول اللي قتلوها و قتلوني".

عودة للحاضر.

تذكرت إلينا كيف بدأت صداقتها مع محمود و بعدما علمت عن مأساته قررت ضمه لرجالها و لم يرفض راسل ذلك و أصبحا منذ ذلك اليوم سوياً بكل الأمور، بينهما ثقة متبادلة و خصوصاً بعدما علم أنها محتجزة عند راسل و ليست إبنته و لم يخونها قط و لم يتخلى عنها و قد رأى بها زوجته التي قُتلت دون ذنب و قرر مساعدتها ليخلصها من براثن راسل و يكفر عن ذنبه و قد ترك إبنته لعائلة أخرى تقوم بتربيتها عوضاً عنه.

أبان ذلك عند عائلة إلينا يجلس أحمد بذعر على عائلته لا يعلم من هؤلاء و لماذا تم إختطافهم، فُتح الباب فصرخ أحمد بالرجل:
"إنتوا مين و عايزين مننا إيه، حد يفهمني؟".

لم يجيبه الرجل و وضع الطعام على الطاولة فاقترب أحمد منه يمسكه من تلابيبه و زوجته تحتضن أبنائها بذعر و بكاء، لم يدافع الرجل عن نفسه و صرخ أحمد به بغضب:
"إنطق جيبتونا هنا ليه و عايزين إيه؟".

إليناحيث تعيش القصص. اكتشف الآن