٢٠-نبضات عاشق

400 26 24
                                    

"أكثر ما يؤلم بهذه الحياة نبضات عاشق تخفق لخائن، نبضات تعشق رغم جرحها، إشتياق رغم النفور، عشق رغم البغض، ذهن يعصف بالعاشق و تساؤلات لا تنتهي و لا أجوبة لها سوى نبضات عاشق تذبحه حياً".

فتح أنس خزانة المرحاض و أفرغها كاملة و لم يجد شيء فنظر بإمعان بنظرة شرطي بارع و رأى خط رفيع داخل الخزانة فوضع أصابعه عليه و ضغط عليه فلم يظهر شيء ظل يحاول و بضغطه أكثر من مرة فتحت خزانة سرية، نظر بذهول فهناك سلاح ناري و خنجر و هاتف من الطراز القديم و عدة بطاقات خاصة بالهاتف لشركات مختلفة.

إرتمى أرضاً بصدمة و ذهول و عينيه مُعلقة بالأغراض لا يصدق كيف خدعته طيلة هذه الفترة، كيف لهذه الملاك أن تكون بهذا الخبث؟، أمسك بالهاتف يتفحصه و لكنه لم يجد به شيء فمن الواضح أنها دائماً تبدل البطاقات مِمَ يحذف البيانات فنهض بغضب و بدأ يحاول التفكير بعقليتها الإجرامية التي مازال يتعرف عليها، بدأ يبحث بنطاق أوسع في المنزل حتى وصل للمطبخ و بدأ يلقي بجميع ما بالخزانات أرضاً حتى وجد مخبأ آخر و آخر و جميعهم بهم أسلحة مختلفة لأشخاص محترفين و هواتف و بطاقات و لكنه لم يجد شيء يدل على هويتها الحقيقية.

جلس بشرود و خواء تعصف بذهنه الذكريات يشعر بالألم يعتصر قلبه و يتساءل:

"كيف لعيونها أن تكون كاذبة، كيف رأيت العشق بعمق عينيها، كيف كنت أشعر دائماً بنبضاتها العاشقة لي بقلبي، كيف شعرت بالدفء و السكينة بين ذراعيها؟، كل هذا كذب و خداع؟!!، و نبضات قلبي.....و أحلامي....كيف لها أن تكون هراء........أسلمت قلبي لخائنة، عشقت حيَّة ملعونة......كيف إستطاعت طعني.....كيف إستطاعت الغدر بي.....كيف سلمتني للموت بيديها........لم تؤلمني إصاباتي بالأعيرة النارية قدر طعنتكِ لقلبي أيتها المخادعة الملعونة....مازال قلبي ينزف و لن يشفى جرحه أبداً.......فالتطمئني الآن لقد نجحتي.....إرقصي و تمايلي حافية القدمين على أشلاء قلبي و أخضبي كفيكِ و قدميكِ بدمائي إحتفالاً بنصركِ العظيم و ما أعظم من تمزيق قلب عاشق يهواكِ بجنون".

تمدد على الأريكة بهوان عباراته تنهمر دون هوادة، يشعر بإنسحاب أنفاسه و إختناق روحه، ينظر لصورتها المُعلقة على الحائط و أكثر ما يؤلم أنه رغم جرحه و ألمه يشتاق، يشتاق لعسليتاها الدافئتين، إبتسامتها الصافية التي ترغمه على السعادة، خصلاتها البنية القصيرة الهاربة على وجنتيها، أناملها الصغيرة و هي تعبث بلحيته، عناقها الذي يطفئ نيران شوقه و عشقه و يمده بالدفء و السكينة، نبضات قلبها بقربه التي تنبض بقلبه، مشاكساتها و مرحها و لحظات عشقهما، يشتاق و يشتاق و لن تنتهي الأشواق.

غفى رغماً عنه هرباً من كثرة آلامه الجسدية و النفسية و لكن إلي أين يهرب منها فهي تسكن روحه و قلبه و عقله، إخترقت أحلامه كما تخترق كيانه بعشقها يراها تجلس أرضاً متكورة على نفسها بالظلام تضم ركبتيها لصدرها مستندة برأسها على قدميها، منطفئة حزينة و هزيلة و بها جروح متفرقة بجسدها، ثوبها الأبيض متسخ و ملطخ بالدماء لا يعلم أهي دمائها أم دماء غيرها، نظر لها بألم و اقترب منها تقوده قدماه إليها دون شعور، إنتبهت له فرفعت بصرها تنظر له و رأت بعينيه نظرات العتاب و الألم فأخفضت بصرها بخذي و هربت عباراتها و فتحت كفيها أمامه و كأنها تشكو له فرأى حُمرة بكفيها تشبه الدماء و كأنها خضبت كفيها بدمائه و رغم ألمه لم يقوى على الإبتعاد، تناسى ألمه و جرحه منها و لم يشعر سوى بالحنين و الشفقة فجثي أمامها يمد يده ليمسك بكفيها و لكنها ضمت كفيها لصدرها و تراجعت تبتعد عنه و هي تنفي برأسها و تعرض بنظرها عنه حتى التصقت بالحائط و خبأت وجهها تضم كفيها لصدرها و تتكور على نفسها تخفي نفسها عنه تتألم و تبكي بمفردها، هربت عباراته و اقترب ليضمها لصدره و لكنه فوجئ بأن قدمه مكبلة لا يستطيع الوصول إليها.

إليناحيث تعيش القصص. اكتشف الآن