٣٠-تحرري

416 27 43
                                    

"أحياناً تخدعنا الحياة ببريقها و تُشعرنا بالتحرر أخيراً من معاناتنا و لكنها تُفاجئنا بصفعات لم تكن في الحُسبان، نصاب بالصدمة للوهلة الأولى و لكننا نتذكر أنها الحياة كما هي دائماً تصيبنا بالخذلان و القهر، تطعننا بأسعد لحظاتنا، نتألم و لكن يختفي صوتنا و نصبح بُكم، صرخاتنا تمزق داخلنا و لكن لا يُسمع لها صوت".

وصلا سوياً و دلفا من باب القصر،جالت بنظرها في الأرجاء بمشاعر مختلطة و ارتجف جسدها فأمسك أنس يدها و تحركا نحو باب القصر الداخلي و اغرورقت عيني نغم و توقفت فجأة و قالت بألم و نبرة مهتزة:
"أنا.....أنا خايفه يا أنس.....أنا مشتقاله بس كارهه عيشتي هنا....أنا تايهه".

ضمها أنس لصدره يربت على ظهرها بحنو و لكنه تركها فجأة و في لحظات كان قد قفز و تسلق الباب الداخلي و استقر فوقه على قطعة خرسانية و هو يصرخ بها بذعر:
"يا خبر إسود، هاتي إيدك...إيه ده؟".

كانت نغم ملقاة على الأرض تضحك بملئ شدقتيها و قد كان كلبها الذي أهداها راسل إياه منذ سنوات اشتم رائحتها و هرول نحوهما و قفز عليها ترحيباً بها فسقطت أرضاً و لكن أنس كان قد نجى بنفسه و يحاول مساعدتها ظناً منه أنه سيؤذيهما و قد ذعر من حجمه و هيئته المخيفة، قال أنس بعدم تصديق:
"إنتِ مجنونة بتضحكِ على إيه، هياكلك يا بت، قومي هاتي إيدك".

تضحك نغم و لم تستطع إجابته من كثرة ضحكها، تلاطف كلبها بحب و الكلب فوقها يداعبها بسعادة، أنس بعدم تصديق:
"إنتِ عبيطة يا نغم، إيه الشيء ده؟!!".

أجابته نغم من بين ضحكاتها و هي تداعب الكلب بيدها و تقبله و تحتضنه:
"ده عنتر".

أنس باستنكار:
"عنتر مين يا بت إنتِ هبلة....بتبوسي مين يا بنت المجانين و الله هياكلك، ده قدك، إنتِ إزاي كده؟".

نهضت نغم و هي تضحك و الكلب يقفز عليها يلاطفها، قالت بسعادة:
"يابني ياكلني إيه ده حبيبي، أنا أصلاً مش مصدقه إنه لسه موجود كنت فاكراه ضاع، أنا مبسوطه قوي".

ينظر لها أنس باستنكار  فيما نظرت هي للكلب تداعبه و تحدثه:
"حياتي إنت كنت لوحدك كل ده، إفتكرتني سيبتك؟، متخافش يا روحي مش هسيبك و هاخدك معايا".

أنس باستنكار:
"نعم!!، تاخدي مين معاكِ ،إنتِ اتهبلتي و لا إيه؟، الكائن ده مش هيبقى معايا في مكان واحد ،يا أنا يا هو، أنا قولت أهو".

أنهى حديثه بجدية فنظرت له نغم و قالت بخبث:
"تفتكر يا أنس وضعك يسمحلك تكلمني بالطريقة دي و تتشرط كمان؟".

إنتبه أنس لوضعه فقال بنبرة أهدأ:
"حبيبتي أكيد مش قصدي أضايقك بس يعني أنا برضه جوزك، أكيد لازم نراعي بعض و بعدين ده مش كائن طبيعي يا ماما يعيش مع بني آدمين، إنتِ مش شايفه شكله؟".

إليناحيث تعيش القصص. اكتشف الآن