الانتقال

531 35 5
                                    

مضت ثلاثة أشهر منذ فوز يوكا في قضيتها ضد أراشي، كانت بنية الشعر خلالها تتعافى بشكل ممتاز وماسانو يقضي الوقت كله مع إنجي إما باللعب أو بالدراسة أو حتى بالتدريب على استخدام قدراتهما. جاء بعدها الصيف حاملاً معه حدثين مهمين: الأول، تعافي يوكا من إصاباتها تماماً. والثاني، وهو الأصعب، إصرار بنية الشعر على الانتقال إلى أوساكا بالرغم من أن سبب معاناتها هي وصغيرها قد أضحى في السجن حيث يجب أن يكون.
كان القرار صعباً ومحزِناً لغرابي الشعر الصغير، ولكن والدته قد اتخذت قرارها بالفعل وجهزت كل شيء للمغادرة.

جلس ماسانو في حديقة منزل تودوروكي حزيناً ذلك اليوم، لم يفهم لماذا قد ترغب والدته في الرحيل. أراشي في السجن الآن، لقد خرج من حياتهما إلى الأبد. إذاً لماذا؟
"لماذا سأرغب في الرحيل بعيداً عن الشخص الذي أحبه؟"، تمتم بصوت شبه مسموع غير منتبه لذي الشعر الأحمر الواقف خلفه. "ماذا تقصد بكلامك؟"، قال إنجي بفضول مسبباً الفزع لغرابي الشعر الذي قفز في مكانه والتفت للخلف وقد تحولت وجنتاه للون الوردي لحظة رؤيته للفتى الذي أسر قلبه. "إنجي! لا تفزعني هكذا!"، صرخ ماسانو بانزعاج ونظر بعيداً كي لا ينتبه الأصهب لاحمرار وجهه، بينما ضحك إنجي واعتذر منه ثم جلس إلى جانبه.

إنجي: إذاً؟ ما الذي يزعجك؟

ماسانو: *يتنهد وينظر للأسفل* أنا لستُ واثقاً بشأن الرحيل. لا أدري لماذا تصر أمي على الانتقال. أراشي لن يتمكن من المساس بنا بعد الآن.

إنجي: صحيح. ولكن قد يكون هناك أشخاص آخرون على شاكلته، لذا أظن أن قرار أمكَ بالانتقال هو الأنسب في هذه الحالة.

ماسانو: *تدمع عيناه* ولكنني لا أريد الرحيل!

إنجي: *يعبس*

ماسانو: لقد أحببتُ المكوث معكم! كما أنني... أنا...

إنجي: ماذا؟ أنتَ ماذا؟

ماسانو: لقد...ظلتْ تلك الفكرة حاضرة في بالي منذ لقائنا الأول، ولكنني خفت من أن ترفضني. إنجي، أنا... *ينظر إليه ويشهق بحزن* أنا أحبك. ليس كمجرد أصدقاء...بل أكثر من ذلك. مجرد فكرة البُعد عنكَ تؤلمني كثيراً.

إنجي: ماسانو...

ماسانو: أ-أتفهم إذا لم تكن ترغب بي؛ فأنا وأنتَ من طبقتين مختلفتين–

إنجي: أحمق. لمَ لم تقل ذلك منذ البداية؟

ماسانو: إيه؟

إنجي: *يبتسم ويمسح الدموع عن خد ماسانو* أنا أيضاً أشعر بكيمياء خاصة بيننا. ولكن علينا الانتظار حتى تظهر علامة الرفيق خاصتنا كي نتأكد.

ماسانو: و-ولكن...

إنجي: هيا، توقف عن البكاء. حتى وإن لم تكن رفيقي المقدر، فسأظل أحميكَ حتى نهاية حياتي. سأحرق العالم بأسره إن تعرض أحد لكَ بسوء، ماسانو. أعدكَ بذلك.

تأثر أسود الشعر بتلك الكلمات وبدأ في البكاء مجدداً، فتنهد إنجي باستسلام وعانقه بقوة لكي يهدئه. ظل ماسانو الصغير يبكي حتى غلبه النعاس ونام بين ذراعي الألفا الأصهب الذي ابتسم ومسح على رأس الأوميغا النائم بحنان. كم أن منظر الصغير لطيف حين يكون نائماً، هذا ما يفكر فيه إنجي حالياً وهو يتأمل وجه ماسانو. نظر الأصهب إلى السماء وفكّر للحظة. إن غرابي الشعر رقيق وجميل مثل الزنبق الذي يحبه تماماً. هذه هي! هذا ما سيناديه به من الآن وصاعداً. "أحلاماً سعيدة، زنبقي الجميل~"، همس إنجي في أذن ماسانو وقبّل جبينه بلطف ثم نظر إلى السماء مرة أخرى وهو يفكر في مستقبله مع أسود الشعر.

في اليوم التالي، كان إنجي مع والديه في المطار لتوديع يوكا وماسانو قبل أن يستقلا الطائرة. شكرتْ الأوميغا ذات الشعر البني الزوجين على لطفهما وكرمهما معها ومع ابنها، وشكرها يوشينو على إخلاصها في العمل وتمنتْ لها تيكا حياة سعيدة. بالنسبة للولدين، فقد نظر كل منهما للآخر بصمت لبضع ثوانٍ قبل أن يُخرج إنجي صندوقاً صغيراً من جيبه. لمعتْ زمرديتا ماسانو بفضول لرؤية الصندوق وراقب بتمعن بينما قام ذو الشعر الأحمر بفتح الصندوق مخرِجاً سواراً فضياً مشكّلاً بهيئة زهرة الزنبق المفضلة لأسود الشعر، "لقد اشتريتُ هذا السوار لكَ بعد خروجكَ من المشفى ولكن لم أجد الوقت المناسب لأعطيكَ إياه."، قال الأصهب وقد تحولتْ وجنتاه إلى لون شعره أثناه وضعه السوار حول معصم أسود الشعر ثم أردف قائلاً: "ه-هناك كلمات منقوشة على السوار أيضاً. اقرأها."

رمش ماسانو باستغراب ثم نظر إلى السوار واتسعتْ عيناه من الدهشة لرؤية الكلمات المنقوشة عليه: "إلى زنبقي الجميل ماسانو." ثم نظر إلى إنجي والدموع مجتمعة في عينيه وشكره على هديته واعداً إياه بهدية في المرة القادمة التي يلتقيان فيها. ابتسمت يوكا ويوشينو بارتياح حين عانق الولدان بعضهما البعض، في حين لم تستطع تيكا منع نفسها من العبث مع إنجي فقالت مازحة: "هيي. وفِّرا القبل والأحضان لبعد ست سنوات. عليكما التركيز على دراستكما الآن."
"أ-أيتها العجوز! لقد أفسدتِ اللحظة!"، صرخ إنجي بوجه كالطماطم بينما خبّأ ماسانو وجهه من شدة خجله وضحك يوشينو ويوكا من الموقف، بعدها ركب ماسانو وأمه الطائرة التي أقلعت نحو أوساكا.

عند وصولهما إلى بيتهما الجديد، قامت يوكا بتفريغ الأمتعة في مكانها المناسب واستخدمت الراتب الذي حصلت عليه من عملها كمدبرة لمنزل تودوروكي لتشتري الأشياء الضرورية لها ولصغيرها، في حين كان ماسانو يفكر في الهدية التي سيقدمها لإنجي وهو يهمهم بلحن أغنية مليئة بالحب أثناء نظره إلى السوار والكلمات المنقوشة عليه.

يتبع...

لهيب الألفا | Alpha's Flameحيث تعيش القصص. اكتشف الآن