الهفهفة الثالثة والثلاثون

291 23 5
                                    

الهفهفة الثالثة والثلاثون
أسفل شجرة الدردار جلست حليمة والراوي أمام الدار
سألها لما الزمان بنوائبه مكار ؟
وأن القلب من كثرة ما يشهده من مصائب حار
تنهدت حليمة تنظر لما حولهم من قفار ثم أخبرته بيقين
" لا تجزع خلق الإنسان ظلوم كفار "
..........................

تبتهل ألا يفتح الموضوع معها
ألا يسألها من الذي كانت تحادثه
تدعوا الله أنه لم يراه ولم يفطن أنه عبيدة المالكي زوجها السابق
هي لا تطلب شئ أكثر من أن تختلي بنفسها فتبكي خسارة ليست من حقها
رؤيته داعبت قلبها بحنيناً أنفت فطرتها عن الاعتراف به
وخبر زواجه تشعر وكأنه ضربها بمطارق من حديد فوق رأسها
عبيدة تزوج ؟
تزوج أخرى غيرها؟
وما الضير يا فريدة ؟
ألم تتزوجي وتبدأي حياة بل أسرة جديدة كاملة متكاملة ؟
" فريدة لقد وصلنا منذ دقائق وأنتِ لم تتحركِ من مكانك ؟"
عينيها الشاردتين بذهول مقلق جعله يملس على ذقنها بأصابعه وهو يسأل بقلق :-
" فريدة هل أنتِ متعبة ؟"
حركت رأسها مسرعة بنفي وهي تنزل من السيارة ليتجاورا صاعدين معاً بالأعلى
أغمضت عينيها تطلق أنفاسها بطاقة منهزمة وهم بطابق والدته بينما يقول :-
" تعالى لنرى أمي أولاً قبل صعودنا"
أومأت برأسها تتنهد مستغفرة من تلك الحالة التي لفتها بدوار محرم عليها وطأه
تدخل معه بذهن شارد غير واعية لعيني حماتها الصقريتين ولا لأصوات حديثهم سوياً حتى انتبهت لنبرة أمه وهي تقول بينما لتوها فطنت أن الصغير هنا
"نورهان رضى الله عنها هي من عرجت على حماتك لتجلبه لي وقد علمت أني اشتقت له "
نظر عمرو ناحية زوجة أخيه بامتنان وهو يقول :-
" لا أعرف كيف أشكرك لقد اشتقت له حقاً وجدته كانت لا تريد تركه "
" اعذرها يا عمرو تعلم أنها امرأة طيبة فقدت ابنتها
رحمها الله كانت أجمل نسمة بيننا"
تمتم عمرو بكأبة بينما انحنى ثغر فريدة في شبه تبسم ساخر وقد اشتبكت عينيها بعيني لبنى المشفقتين عليها
" لا أسكت الله لكِ صوتاً هل رؤية ريان تجلب الخرس هكذا ؟"
قالتها حماتها وهي تلوى شفتيها وتواصل بلؤم مموه:-
" ضحتك صباحاً كانت من الأذن للأذن وأنتِ تقفين مع لبنى على السلم "
وعلى ذكر الأخيرة حملت ابنتها وهي تقول غير أبهة بهم جميعاً
"أنا سأصعد لشقتي دمتم بالخير"
زفرت فريدة أنفاسها وهي تقف شاعرة بالتعب تنظر له قائلة دون أن تكلف نفسها عبأ الرد على حماتها :-
"أنا سأصعد لشقتي أشعر أني متعبة "
لم تنتظر رده وهي تنهب خطواتها حتى تخرج من بينهم بينما بالداخل وضعت نورهان ساقاً فوق الأخرى وهي تقول بنعومتها المعهودة :-
" لما لا تهتم بزوجتك يا عمرو ؟"
رفع حاجبيه بتساؤل وهو يداعب ريان قائلاً:-
" من قال لكِ أني لا أهتم بها هل اشتكت لكِ؟"
رفعت احدى حاجبيها بتفكير ثم ابتسمت بلطف وهي تقول :-
" لا تحتاج أن تقول المرأة تفهم المرأة وهي يبدو عليها عدم السعادة معك "
ضم عمرو حاجبيه في عدم رضا وقبل أن يتثنى له الرد كانت أمه تتدخل سكباً للاشتعال لهذا الصحن القابل للنضج على نارٍ هادئة :-
" احتويها
احتويها يا حبيبي حتى لا يفلت عيارها " تشهق للغضب الذي لمع بعينيه وهي تضرب كفها على صدرها قائلة :-
" لا تفهم أمك خطأ
تعلم أني لا أريد بالدنيا سوى سعادتك
والمرأة إن لم يهتم بها زوجها ويحتويها ليست معصومة بالنظر لسواه
وزوجتك كانت متزوجة قبلك يعني لديها خبرة و"
"أمي ؟ ما هذا الكلام بحق الله " انتفض عمرو غاضباً ثم واصل بنهر رغم الحرقة التي انتشرت بين جنباته
"أنا لا أسمح بالتلميح عن فريدة هكذا؟
اتقي الله يا حاجة ثم هل هذة أمور تتحدثي فيها بالأساس "
اربد وجه أمه بغضب وغيظ وهي تعض على شفتيها بينما رسمت دور الأم المسكينة بحنكة لتبدأ في البكاء لتتحمحم نورهان وهي تتدخل في الحوار قائلة بتلك النبرة التي تجعلك محال أن تدرك نواياها
" اعذر خالتي يا عمرو
تعلم أنها دقة قديمة وتحبك وتخاف عليك هي لم تقصد ما وصلك
ليتك جئت وزوجي هنا ليتك رأيت وجه أخيك وهي توصيه بي قبل ساعتين فقط
تعلم أنها لا تعي الصواب من الخطأ فيما تقول هي فقط تتبع قلبها
لقد قالت نفس الكلميتن لأخيك "
لانت ملامح عمرو المشدودة قليلاً  وهو يقبل رأس والدته رابتاً على كتفها كاظماً غضبه لتطرق نورهان بنعومتها الحديد ساخناً وهي تقول :-
" اعذرها لقد كانت عندنا اليوم جارتك أم سمير
تعلم أنها تعمل عاملة بالمشفى لقد قصت علينا بلاوي ما يحدث بين التمريض والأطباء في الخفاء
طبعا حاشا لله أن تكون فريدة هكذا نشهد أنها تعرف الله ورسوله لكن اعذر أمك في خوفها عليكم لقد لعب الشيطان برأسها بعد حديث أم سمير أليس هكذا يا خالتي ؟"
رفعت أمه عينيها الدامعتين له بتضرع وهي تقول بغلب:-
" والله يا ابني لا أقصد زوجتك بسوء أنها أطهر من الثلج لقد خدعني شيطاني اللهم أني اعوذ به"
تشد كفه تحاول أن تقبله باستسماح فيفعل هو وهو يقول :-
"أكرمك الله يا أمي الأمر لا يتسحق أعلم أنها ذلة لسان
سأترككم أنا وأصعد "
"ألن تنتظر إخوتك ؟" تساءلت أمه بلهفة لينطق بكأبة سيطرت عليه :-
" الغد اجازة وسنجتمع كلنا على الافطار"
.....................................

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: 4 days ago ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

رواية هفهفت دِردارة الجوى حيث تعيش القصص. اكتشف الآن