8

1 0 0
                                    

كانت سولي تمشي كما تمشي الأشباح، مذهولة، تنظر إلى الأشياء و لا تراها، استقبلتها الفتيات و كلهن شوق لمعرفة ما حدث فأحطن بها إحاطة السوار بالمعصم و أسئلتهن تهطل عليها في غزارة، أشارت لهن بالسكوت و اتكأت على أقرب جدار و أغمضت عينيها و كلمة واحدة تتردد في ذهنها “لن ابكِ”
كريستال: منى، ماذا بك؟ انزلي من فوق السحاب و احك لنا ما حصل
جي يونغ: الدم يكاد ينفجر من خديك يا خبيثة، اعترفي ماذا حدث؟
استجمعت سولي شتات نفسها و فتحت عينيها لتنظر إليهن نظرتها المعتادة و قالت في غرور
سولي: لن أحكي شيئا إلا في المقهى القريب من الثانوية، أريد شايا ساخنا تفوح منه رائحة النعناع الطري و كرواسان ذهبية اللون محشوة بالشوكولا
نظرت الفتيات إلى بعضهن في غضب
كريستال: هذا ابتزاز
جي يونغ: أنت استغلالية منى
سو هيون: ماذا عن حصة التاريخ؟؟
حلت لحظة مقتضبة من الصمت قبل ان تقول كريستال في حزم
كريستال: هيا بنا يا بنات، أنا أدعوكن
تحركن بعيدا عن قاعات الدرس و خرجن إلى الشارع يمشين في صف واحد كعادتهن، كادت كريستال تشتبك في عراك مستميت مع أكثر من شاب فهي من النوع الذي لا يتحمل تحرشات الشارع المقيتة، كانت الفتيات يمنعنها بصعوبة من استعمال قبضتيها لتأديب كل من تسول له نفسه بأن يلقي عبارة غزل ضالة قد تجد طريقها إلى مسامعهن.
أخذن مكانا منزويا في مقهاهن المعتاد و بادرت جي يونغ سولي
جي يونغ: إحك لنا الآن
نظرت سولي إلى السقف بعينيها الواسعتين و قالت في دلال
سولي: آكل أولا
نفخت سولي في وجهها كثور هائج و قد بدأ ينفذ صبرها، فقامت من مكانها و وضعت سبابتيها في فمها و صفرت بقوة لتلفت انتباه النادل الذي هرع إليهن بسرعة و أخذ طلباتهن
جي يونغ: هل رأيتن هذا النادل؟ هل عينيه زرقاوين أم أنني أهذي؟
ضحكت الفتيات لملاحظتها
كريستال: نادل يا جي يونغ؟؟ هذا ما انتهيت إليه؟؟
سولي: ههههه أخيرا أعجبها شخص ما
عدلت جي يونغ من وضع نظاراتها و قالت
جي يونغ: هذا لا يجيب عن سؤالي، ما لون عينيه؟
كريستال: فوشيا هههههههههههه
سولي: لا بل سومون هههههههههههه
تنهدت جي يونغ في صمت عندما حضر النادل ليضع الطلبات على الطاولة فخاطبته جي يونغ
جي يونغ: جديد أنت هنا أليس كذلك؟
النادل: هذا لا يدخل ضمن نطاق الخدمات يا آنسة
كان رده صارما انصرف بعده رافعا أنفه للسماء
كريستال: ما به؟
سولي: قليل الأدب
جي يونغ: دعكن منه، هيا احك لنا يا سولي ما حدث
ارتشفت سولي جرعة من فنجانها و نظرت إلى لا مكان ثم قالت بصوت عذب
وقفت أمامه في شموخ كعادتي، فنظر إلي في هيام و قال لي
كيم: اسمك سولي أليس كذلك؟
سولي: نعم
كيم: اعذريني منى لأنني صرخت في وجهك فأنا لم أكن أقصدك أنت بل كان كلامي موجها للأخريات
كانت صديقاتها فاغرات أفواههن، تكلمن في صوت واحد عندما سمعن كلام سولي
“الأستاذ كيم يونغ هان؟؟؟؟!!!”
أجابتهن سولي في غرور
سولي: نعم، الأستاذ كيم يونغ هان
تابعت سولي سردها و هي تحاول جعل كلماتها أكثر منطقية و إقناعا
سولي: لا بأس يا أستاذ كيم
وضع سبابته على شفتي و قال بصوت خافت
كيم: يونغ هان، نادني يونغ هان فقط
سولي: حسنا أست..حسنا يونغ هان
أمسك الأستاذ كيم بيدي بين يديه الإثنتين، و رفعها ببطء إلى شفتيه، قبل برقة ظهرها و بطنها.
عادت الفتيات للصراخ في صوت واحد “الأستاذ
كيم؟؟؟؟!!!”
أومأت سولي برأسها إيجابا و هي تعض على شفتها السفلى بشدة
جي يونغ: ماذا بعد؟
كريستال: طلب رقم هاتفك؟
جي يونغ: أعطاك موعدا؟
كريستال: يريدك؟
جي يونغ: زواج أم تمضية وقت؟
أوقفت سولي سيل الأسئلة بإشارة مغرورة من يدها و قالت في كبرياء
سولي: لم يخلق بعد من يمضي الوقت بي أو يتسلى على حسابي، سيقوم بخطبتي في أسرع وقت
انهالت عليها التهنئات و هي تفكر في سرها كيف تعبر بقصتها هذه البوابة التي تفصل الخيال عن الواقع لكنها سرعان ما هزت كتفيها في استهتار لتنفض عنها هذه الأفكار و هي مقتنعة في سرها بأنه لا شيء يصعب عليها.
و بينما الفتيات منسجمات في الضحك و الدعابات وقف على طاولتهن فتي نحيل طويل القامة كان يبتسم مفصحا عن أسنان ثائرة يمنعها من الإنحراف سلك تقويم اعوجاج الأسنان، نظر الفتى إلي سولي في عينيها مباشرة و هو يقول:
الفتى: همس الليل؟؟؟؟
حل صمت رهيب على الفتيات و قد تعرفن على هوية فتى السكايب الذي يهيم بصلي عشقا و الذي تقيمه و تقعده إشارة من سبابتها، فتحت سولي فاها لتتكلم لكنه قاطعها
الفتى: همس الليل، هل لي بلحظة من وقتك؟ أريد أن أكلمك وحدك
تنهدت سولي و قامت بتثاقل من طاولة الفتيات لترافقه إلى طاولته، التفتت إلى صديقاتها فأشارت لها جي يونغ وكريستال بإبهاميهين إلى الأسفل و هي إشارة تعرف سولي معناها بالضبط إذ يستعملها جمهور حلبات المصارعة ليحثوا الفائز على كسر عنق الخاسر، أجابتهن سولي بغمزة حلوة لعوب و واصلت سيرها لتجلس أمام الفتى
الفتى: أنت همس الليل!! لا يمكن أن أخطأ هذا الصوت، لماذا لم تسمحي لي برؤيتك؟ لماذا حرمت فؤادي من كل هذا الجمال؟ أنت أجمل مما كنت أتخيل يا همس الليل
قلبت سولي شفتيها في امتعاض من كلماته الغبية و قالت بصوت متأن
سولي: اسمع يا صبي، انس أنك عرفتني، لقد كنت بالنسبة لي “فيديو كليپ” أتفرج عليه في ساعات الملل، الآن و قد تعرفت على هويتي فلا بد لي من وضع نقطة نهاية لهذه القصة السخيفة
نظر إليها الفتى فاتحا فمه مفصح عن شبكة المعدن التي تحيط بأسنانه، معالم الصدمة كانت بادية على وجهه، أهذه هي همس الليل الرقيقة؟؟ همس الليل التي كان كلامها بلسما لروحه؟؟ لم يصدق الفتى ما سمعه منها، لا بد أن هناك خطأ ما
الفتى: همس الليل أرجوك، ماذا تقولين؟
وقفت سولي منهية الحديث و قالت
سولي: كف عن مناداتي بهذا الإسم الغبي، و لو رأيتني في أي مكان فلا تكلمني لأنك إن فعلت سأجعلك أضحوكة الثانوية بتسجيلات الرقص التي أحتفظ بها في حاسوبي، فهمت يا…ماذا كان اسمك؟ الذئب الوحيد؟؟؟
حركت رأسها يمينا و شمالا في استهزاء و قالت
سولي: ما أتفهك
استدارت مني تهم بالرحيل عندما وصلها صوته الخافت
الفتى: و المال الذي بعثته إليك؟
ابتسمت سولي و أجابته
سولي: هذا يا صغيري ثمن وقتي الذي ضيعته في الإنصات إلى تفاهاتك
انصرفت سولي لكنها سمعته يقول بغضب مضحك
الفتى: ستسمعين عني قريبا جدا، الأمر لن يمر بهذه البساطة
جلست سولي بين رفيقاتها و كلها فخر بما أنجزت
كريستال: لقد انكمش الفتى
جي يونغ: ماذا فعلت به؟
انفجرت سولي ضاحكة و قالت
سولي: علمته الأدب
غرقت الفتيات في ضحكات رقيعة جلجلت المكان قاطعها صوت سوهيون الخافت
سوهيون: اوني، أخبريني ماذا أفعل؟؟ لو كنت مكاني كيف ستتصرفين؟ هل تضيفينه إلى المسنجر أم ترسلين رسالة قصيرة على الهاتف؟؟
نظرت إليها سولي و ضيقت عينيها و قالت لها بصوت رقيق
سولي: سوهيون-اه، أرني الكارت
أخرجت سوهيون الكارت من جيبها و مدته لسولي التي أخذته و تفحصته في صمت ثم مزقته ببطء إلى قطع صغيرة رمتها على رأس سوهيون و قالت لها بنفس الرقة
سولي: الآن سترتاحين من هذه الحيرة
و عادت الضحكات العابثة تملأ المكان

مراهقات Where stories live. Discover now