نزلت سولي الأدراج جريا و هي تلتفت يمينا و شمالا، كان الرعب يتملكها بعد أن عرفت بنوايا جارهم يونهو تجاهها، لطالما وجدته وسيما و جذابا و تحالفت لامبالاته بها مع كبريائه لجعلها تهيم به، لكن تحرشه السافر بها جعلها تغير رأيها به تماماً، لقد وضعت نفسها في ورطة كبيرة، مشاكل الكون كلها تدفقت كالسيل لتصب بغزارة في مجرى حياتها.
مشت بخطوات سريعة مبتعدة عن الحي الذي تسكنه و بدأت تجوب ببصرها في الطريق علها ترى أثرا لسونغ يوب، أثار اسمه في صدرها صخبا غريبا، تذكرت دفعة واحدة تصرفاته المتعجرفة و تكبره الذي لم تر له مثيلا، كيف لشخص ما أن يتحول من أقصى درجات العشق إلى أقصى درجات العبث و اللامبالاة؟!؟ كيف له أن ينسى حبه لها؟!؟
عقدت حاجبيها و قد تذكرت مساومته لها و سخريته منها و عجرفته اللامتناهية في التعامل معها، تاهت سولي في خليط المشاعر الغريب و انغمست في تفسير كل كلمة قالها و كل حركة و كل همسة، لا يمكن أن يكون قد نسيها، سونغ يوب يحبها، إنها متأكدة من ذلك
“سولي-اه!!”
التفتت سولي عندما سمعت اسمها مصحوبا بفرملة قوية، رأت سونغ يوب متطي دراجة نارية عملاقة، تغطي الخوذة رأسه و تحجب النظارات السوداء تعبيرات عينيه
سونغ يوب: اركبي!!!
نظرت سولي إلى الدراجة بمزيج من الرهبة و الإعجاب و قالت
سولي: أنا خائفة، لم أجرب يوما ركوب دراجة كهذه!!
نظر بعيدا و هو يتنهد، صوتها العذب لامس شغاف قلبه و تمنى لو كان يستطيع احتضانها لزرع الطمأنينة في قلبها لكن ردة فعله أتت مغايرة تماماً لما يجول بخاطرهسونغ يوب: كفاك ميوعة و اصعدي، لست أملك الوقت!!!
ألقى سونغ يوب عبارته الجافة في وجهها و هو يناولها الخوذة، ظلت سولي جامدة تنظر إليه و قد اخترقت قلبها طريقته الجارحة في الكلام معها فكان من الصعب عليها تجاهل كبريائها المجروح:
سولي: لن أذهب معك!!!
نظر إليها سونغ يوب نظرة تحذيرية ذات معنى، ثم قال و هو يضغط على الحروف
سونغ يوب: لا تختبري صبري سولي، فردة فعلي لن تعجبك، كوني مطيعة كي لا أؤذيك صغيرتي، و الآن أرتدي هذه!
عاد يمد يده بالخوذة التي وضعتها سولي كارهة على رأسها فشعرت للحظة بأنها مقدمة على مرحلة غريبة، كل شيء تغير، كان يخشى غضبها فصارت تخشى غضبه، كانت تعبث به فصار اليوم يعبث بها!!
اهتزت الدراجة تحتهما فانفلتت من حلق سولي صرخة مكتومة زلزلت قلب سونغ يوب و زادته تصميما لنيل مراده،
سونغ يوب: تمسكي بي!!!
هزت سولي كتفيها في صمت رافض و هي تحس بأن رأسها يزن أطنانا بفعل الخوذة العملاقة بينما حرك سونغ يوب رأسه في لامبالاة قائلا
سونغ يوب: مثلما تشائين عزيزتي !!
تحركت الدراجة بقوة فأحست سولي بأنها ستطير لا محالة، لا شيء تتشبث به إلا سونغ يوب، ظهره المفرود أمامها يوجه لها دعوة صامتة و يعدها ببعض الأمان الذي فقدته في مطبات الشوارع الضيقة، أغمضت عينيها و اقتربت تلقائيا لتحيط خصره بذراعيها و خدها يستكين على ظهره.
سكون، أمان غريب، لا شيء يتربص بها، لا داعي للتخطيط و تدبير المقالب، لا داعي للعمليات الحسابية، كل شيء بخير، لا يمكن لأي شر أن ينالها، أحست بأنها بعيدة عن كل من يريد لها الأذى، انتظمت أنفاسها و استقر فؤادها، ضغطت نفسها أكثر مقتربة من جبل الأمان الذي اكتشفته للتو، هذه أول مرة تشعر بأنها في حماية رجل!!
“وصلنا!”
كانت الدراجة النارية متوقفة و سولي مازالت مستكينة مغمضة العينين و خدها على ظهر سونغ يوب
سولي-ah!!!”
أيقظها اسمها الذي غادر شفتي سونغ يوب ففتحت عينيها و ترجلت عن الدراجة و شعور غريب يستولي عليها بينما سونغ يوب يراقبها و تعبير غريب يعتلي ملامحه
سونغ يوب: سولي-اه كوينشنا؟!؟
تنهدت سولي و هي عاجزة عن تفسير ما تشعر به و هزت رأسها إيجابا بينما وقف سونغ يوب إلى جانبها و غرق في نظرة عينيها الشاردة، ساد الصمت تسارعت أنفاسهما، المسافات تنعدم، شغف عارم يسيطر عليهما، تلاشت كل الموجودات، و لم يعد على الأرض سواهما.
“سونغ يوب!!!!”
التفت سونغ يوب و سولي إلى مصدر الصوت، كان ال هون ينظر إليهما نظرة ثالثة منتصرة
ال هون: تأخرت كثيرا الكل في انتظارك
هز سونغ يوب رأسه متنها و هو يلعن في سره تدخل ال هون الذي أحال السحر سرابا
سونغ يوب: أنا قادم هيونغ!!
تقدمهما ال هون إلى الحديقة التي أصبحت قطعة من الجحيم بعد تم إضاف آخر اللمسات إليها، براميل قاتمة الألوان مترامية في أطراف المكان تتوسطها شعلات من النار التي تتلوى في عذاب سوريالي بينما في قلب المكان تقبع المنصة الشاحبة بدماها المتآكلة و شموعها الصاخبة التي أحالت المنصة إلى قطعة مشتعلة، شباب كثير من مختلف الأعمار منهم من يشرب و من يدخن و من يرقص، كانت سولي تحس بالغرابة، خطواتها متعثرة و هي تحاول اللحاق بسونغ يوب كي لا تضيع في هذا المكان، أحست بنفسها غريبة وسط هذا المكان بزيها العادي ، كان ظهر سونغ يوب أمامها يشق الطريق لها إلى أن وصلا إلى مقصف صغير و هنا لمحت سولي صديقاتها الثلاث كريستال، جي يونغ و سوهيون.
