11

0 0 0
                                    

على الساعة الثامنة مساء، غادرت جي يونغ و  كريستال بيت سولي و قررتا الذهاب مشيا على الأقدام، كانتا تسكنان ذات الحي، مشتا بوتيرة بطيئة و كل منهما تريد فتح نفس الموضوع، قررت كريستال أن تتكلم

كريستال: سأقطع علاقتي بسولي، لم تعد صداقتها تهمني
صمتت جي يونغ و هي تسمع ما كانت تفكر فيه يخرج من فاه كريستال، لكنها ظلت صامتة و لم تعلق فاستطردت كريستال باندفاع
كريستال: سولي تتمادى في كل شيء و لا حدود لتصرفاتها، صحيح أننا معا في كل شيء لكنني لا أحتمل أن تتأذى سوهيون، أنت تعرفين كيف هي سوهيون، رقيقة و هشة و لا تحتمل، نحن نضحك و نتمادى لكننا لا نؤذي بعضنا البعض
ظلت جي يونغ صامتة تنظر إلى الأرض أثناء مشيها الشيء الذي أثار بشدة أعصاب كريستال التي ما لبثت أن أمسكت بذراع جي يونغ لتوقفها و تنظر إلى عينيها مباشرة
كريستال: حددي موقفك جي يونغ، إما أن تكوني معي أو معها
عبست جي يونغ و عدلت من وضع نضاراتها و قالت بصوت ثابث و متأن
جي يونغ: نحن لم نحاول إصلاحها كريستال، لقد كنا دائما في مركب واحد، لا يجوز أن نحملها المسؤولية وحدها، سوهيون كانت دائما مادة لسخريتنا نحن الثلاثة
كريستال: لكنني أحب سوهيون و لا أريد لها الأذى
جي يونغ: و هل تظنين أن مقاطعة سولي ستدفع عنها الأذى؟؟؟
تركت كريستال ذراع جي يونغ و هي تتنهد بيأس ثم واصلت طريقها و قد وضعت يديها في جيب زيها الرياضي، جرت جي يونغ لتجاري خطوات كريستال و أكملت كلامها
جي يونغ: دعينا نعطي أنفسنا فرصة أخرى، نحن لم نتخاصم أبدا، لكننا يجب أن نغير مواقفنا و تصرفاتنا و لا يجب أن نصادق على كل ما تقوم به سولي، سنظهر لها أننا لسنا معها عندما تتمادى و لا تنسي أننا أيضا نفعل مثلها في الكثير من الأحيان، التغيير لا يجب أن يطالها وحدها
كانت جي يونغ تتكلم في استرسال عندما لاحظت أن كريستال تنظر بتركيز إلى مشهد بعيد، كان هناك شاب يخوض عراكا مع شابين آخرين يبدو عليهما السكر من ترنحهما، أمسكت جي يونغ ذراع كريستال و قالت في خوف
جي يونغ: بماذا تفكرين كريستال، لا تتدخلي، ربما يكون الشابان مسلحان
خلصت كريستال نفسها من قبضة جي يونغ و عدلت من ياقة زيها الرياضي و تنفست بعمق قبل أن تتجه نحو الشباب المتعارك
وقفت كريستال أمام الشباب و مازالت يديها في جيبها و قالت بصوت هادئ
كريستال: هل من مشكلة يا شباب
نظر إليها الشابين الثملين نظرة معناها أن الفريسة أضحت فريستين، ابتسم أحدهما ابتسامة لزجة و قال بصوت متثاقل من فعل الخمر
الشاب1: كنا نحتاج هنا إلى رائحة الأنوثة
أكمل الشاب عبارته و التفت إلى صديقه قائلا
الشاب1: اهتم أنت به و أنا سأدردش قليلا مع هذه الحلوة
كان يتكلم و هو يقترب منها فلفحتها رائحة كريهة تنم عن مغالاة في جرعة ما من الجرعات المسكرة أو المخدرة، مد الشاب يده يبغي إزالة كاسكيتها عن رأسها لكنها تفادته برشاقة دون أن تخرج يديها من جيب زيها، اختل توازن الشاب فسقط أرضا سقطة مضحكة لفتت انتباه زميله الذي قطب حاجبيه في غضب و اتجه إليها لينتقم لصاحبه الذي يبدو أنه يجد صعوبة كبيرة في الوقوف على قدميه من جديد
الشاب2: تعالي إلي يا حلوة، لا تتعبيني كي لا أؤذيك
نظرت إليه كريستال نظرة ساخرة و هو يتجه نحوها فاتحا ذراعيه، تفادته إلى اليسار، فاندفع إلى الأمام قبل أن تستدير إليه و تضربه ببطن حذائها في ظهره ليتكوم فوق زميله، كل هذا دون أن تخرج يديها من جيبها
نظر إليها الشاب الذي كان سيكون ضحيتهما بامتنان فهرعت إليه تسأله
كريستال: هل أنت بخير؟ هل سرق منك شيء ما اوبا؟؟؟
أغمض الفتى عينيه في تعب و هو يتكئ بقبضته على أقرب جدار
هرعت إليه أحلام تسنده و قد لاحظت أنه لا يقوى على الوقوف، حينها أتت جي يونغ إليهما جريا تساعدها على سند الشاب الذي تبينت ملامحه و عرفته، هذا سيهون، ابن حيهم الذي لوع قلب كريستال من سنوات الإعدادية
كان الخوف باديا على كريستال و قد أرتج عليها و لم تعرف كيف تتصرف فنظرت إلى جي يونغ متسائلة
كريستال: ماذا سنفعل، إنه يختنق، ماذا به؟
جي يونغ: أظن أنها نوبة ربو
نظرت جي يونغ إلى سيهون و خاطبته برفق
جي يونغ: اوبا، هل لديك دواء ما؟
جاهد سيهون ليأخذ نفسه و هو يشير إلى الشابين المتكومين أرضا، فهمت كريستال أنهما سلباه محفظة أو حقيبة تحتوي على الدواء، أشارت كريستال برأسها لجي يونغ كي تفتش الشابين الذين يعجزان عن الوقوف، اتسعت عيني جي يونغ رعبا و قالت لكريستال في صوت خافت
جي يونغ: افعلي أنت، سأسنده أنا
تبادلتا الأدوار، فتشت كريستال قرب الشابين فوجدت حقيبة ظهر بحثت فيها بارتباك، أحست بأن وجهها مبتل، ماهذه التي تتساقط من عينيها و تشق خديها في إصرار؟ دموع؟؟ صدمت كريستال عندما اكتشفت بأنها تبكي بل و تتهانف و هي تبحث بثورة داخل حقيبته، طفحت ترمي أشياءه أرضا و يديها ترتعشان
وبينما هي تبحث بارتباك طالعتها صورتها ضمن أشياء الفتى، صورة قديمة عندما كانت ترتدي فستانا ككل البنات، لم تعرف بم تفكر، شلت حركتها و شل عقلها، ماذا تفعل هذه الصورة عنده و من أين له بها؟؟
أيقظها صوت جي يونغ التي تستعجلها و ثقل الشاب يكاد يطيح بها، فواصلت بحثها المحموم إلى أن وجدت علبة الدواء فلوحت بها أمام وجه الفتى
كريستال: اوبا أهذا هو ما تحتاج إليه ؟
اختطف سيهون العلبة و حركها جيدا قبل أن يضع فوهتها على فمه و يأخذ منها نفسا عميقا
تعاونت جي يونغ و كريستال في سند الشاب و أجلستاه على الرصيف و جلستا بقربه، كان اللون قد بدأ يعود إلى وجهه و أصبح نفسه شبه طبيعي
فنظر إلى كريستال ممتنا و قال مفسرا
سيهون: كنت أمشي عندما أحسست بأن نوبة الربو تقترب، فتحت حقيبتي لآخذ الدواء عندما اختطفها مني هذين السكيرين، عجزت عن الدفاع عن نفسي إذ أن النوبة كانت تزداد حدة شيئا فشيئا و كانت تمنعني من التنفس و التركيز و حتى الرؤية
صمت الشاب لحظة نظر فيها إلى كريستال مليا قبل أن يقول لها بصوت خافت
سيهون: كريستال ، كوماوو ، لقد انقدت حياتي
نظرت هي إلى الأرض و آثار الدموع ترسم جمالا خرافيا على ملامحها و تخضب و جهها بحمرة مثيرة، نظرت إليها جي يونغ في دهشة و لسان حالها يقول “أنت أيضا تحمرين يا كريستال”
قامت جي يونغ من مكانها و قالت بلهجة معناها الظاهر أنها تأخرت و معناها الباطن أنها تحس بنفسها عذولا بينهما
جي يونغ: سأذهب الآن، أمي ستقتلني لهذا التأخير، أراك غدا في الثانوية كريستال، أنيونغ سيهون-اه
انصرفت جي يونغ بخطوات سريعة
ساد الصمت بينهما  للحظة ظنت فيها كريستال أنها تمسك النجوم بين أصابعها، سيهون يحبها، هذا هو التفسير الوحيد لتواجد صورتها في حقيبته، تذكرت الحقيبة التي ما تزال على الأرض و أشيائه المبعثرة فهبت إليها تجمع ما تبعثر منها و أصابعها ترتعش، أمسكت صورتها تريد وضعها بسرعة في الحقيبة دون أن يلاحظ سيهون، لكنها أحست بيده تحتضن يدها بشوق و هما يمسكان الصورة معا، توقف الزمن، لم تدر كريستال كم مر من الوقت و هما صامتين، و أعينهما تتعانق و أرواحهما تتوحد، مال سيهون برأسه ناحيتها و همس في أذنها
سيهون: لماذا كنت تبكين كريستال؟؟
اندهشت كريستال من سؤاله و خطفت يدها من يده التي ظلت معلقة في الهواء يتيمة تحتضن الصورة، و لمست خدها لتمحو آثار الدموع و ظلت صامتة تنظر إلى الأرض و هي حائرة لا تدري ماذا عليها أن تفعل؟ هل تذهب؟ أم تبقى؟ و إن بقيت ماذا يجب عليها أن تقول؟
اختصر عليها سيهون هذه الحيرة و وقف و هو يحمل حقيبته و يدعوها للمشي في اتجاه الحي الذي يقطنان فيه
وقفت كريستال و مشيا معا، كانا صامتان يمشيان ببطء و هما يتمنيان أن يطول المشوار، كل واحد يضع يديه في جيبه، قاطع سيهون الصمت قائلا
سيهون: ربما يجب أن نفترق هنا، لا أريد أن أخلق لك المشاكل، قد يرانا أحدهم معا فيوصل الخبر إلى حبيبك
فغرت كريستال فاها و قد بلغت منها الدهشة مبلغا عظيما و رددت وراءه في غباء
كريستال: حبيبي؟
هز سيهون كتفيه في بؤس و قال
سيهون: نعم حبيبك، أعرف أن لديك حبيب
بدأ الغضب يذيب السحر الذي كانت تحس به كريستال، عن أي حبيب يتحدث سيهون؟ ثم إنها ليست من نوع الفتيات اللواتي قد يتخذن حبيبا أو صاحبا، أهانتها العبارة و لدهشتها العارمة لم تفكر بعنف كعادتها عندما تتلقى أية إهانة بل كانت ردة فعلها غريبة عنها و عن طباعها، أحست بغباء شديد و دموعها تنزل في صمت على خديها، وقف سيهون و أمسك كتفيها بقبضتيه لينظر إليها مباشرة و هو حائر لا يفهم سبب بكائها، أحس برغبة عارمة في ملامسة خدها و مسح دموعها لكنه لم يجرؤ، لم يدر ما يقول أو ما يفعل لكنه سمع نفسه يقول بصوت متحشرج
سيهون: لم البكاء ثانية ؟؟؟
ظلت كريستال صامتة تنظر إلى الأرض و قلبها يلعب معها لعبة قاسية جدا، يخفق بجنون، تحسه يصطدم بقفصها الصدري بعنف كأنه يحاول الخروج ليعترف لسيهون بما تشعر به ما دام لسانها عاجزا عن الإعتراف

وضع سيهون أصابعه برقة على ذقنها ليرفع رأسها المطأطأ و يرغمها على النظر إليه و قال بصوت هامس أذاب عظامها
سيهون: لا يبدو أنك تعاملت مع شاب من قبل ، هل لك حبيب فعلا؟
سارعت كريستال لتجيب بصوت قاطع
كريستال: لا
خجلت من سرعتها في الرد بينما عقد سيهون حاجبيه في غضب و قال
سيهون: لماذا إذا أخبرتني صيقتك بأن أبتعد عنك لأنك تحبين شخصا آخر و بأن ابن صاحب محلات البقالة ليس أبدا ضمن جدول أعمالك؟
صعقت كريستال عندما سمعت كلامه و ظلت صامتة تنظر إليه في غباء منقطع النظير ثم قالت بصوت ضعيف مقهور
كريستال: صديقتي؟؟ من؟؟
أجابها سيهون في حزم
سيهون: سولي

مراهقات Where stories live. Discover now