مشت سولي بخطى سريعة، لم تكن تريد التأخر عن سونغ يوب، انها تخشى تهوره، ربما يذهب رأسا إلى مكتب والدتها ليخبرها بالعبث الذي تقلبت فيه ابنتها لشهور، زادتها الفكرة تصميما على الوصول في الموعد فأسرعت أكثر.
أحست بأن هناك خطوات تلاحقها، لم تلتفت و أسرعت الخطى، وصلتها عبارات غزل جريئة، تنهدت سولي في غيظ، هناك غبي يلاحقها، ربما كان هذا ليسعدها في موقف آخر لكنها اليوم في غنى تام عن هذا الإزعاج، تواصلت عبارات الغزل حتى أصبحت لا تطاق.
كان باب الثانوية مغلقا و المكان فارغ، لن تستطيع الوقوف هنا لأنها ستعطي للذي يلاحقها فرصة ليتطفل عليها أكثر، جالت بعينيها في المكان، لا أثر لسونغ يوب، توقفت و كما توقعت أمسك المتحرش بذراعها ليرغمها على الإلتفات إليه و قبل أن تفتح سولي فمها لتدافع عن نفسها رأت الفتى يقبل الأرض بعد أن أطارته لكمة خارقة من جانبها لترميه بعيدا.
نظرت سولي بدهشة إلى سونغ يوب الذي تكفل بالمتحرش و جعله يختفي من أمامها في لمح البصر، نظر إليها سونغ يوب لثانية ثم قال بصوت جاف “أتبعيني”
استعرت النار في صدرها من تصرفه الجاف، لم يلق التحية و لم ينظر إليها، تبعته مرغمة و فتحت فمها عن آخرة عندما رأته يمتطي صهوة سيارة رياضية حمراء مكشوفة، فتح لها الباب و هي متجمدة أمام السيارة “اركبي!”
صعدت سولي إلى السيارة و هي منبهرة بها، لامعة كقطعة من الذهب الخالص، لم تكن تعرف أنه ميسور الحال إلى هذه الدرجة، نظرت إليه تتفحص ثيابه في صمت، إنها ماركات حقيقية و باهضة الثمن، حتى عطره كان فاخرا، نحيف و صلب، يبدو أنه يمارس رياضة ما لأن الطريقة التي أطار به الفتى من أمامها ليست عادية، تنهدت و هي تراه يسوق سيارته بصمت، لم تسأله عن وجهتهما و لن تسأله، تركت رأسها يستريح و أغمضت عينيها و حاولت أن تستمتع بالهواء الذي يلفح وجهها، هذه أول مرة تركب فيها سيارة مكشوفة.
عندما فتحت سولي عينيها اكتشفت بأنه قد ابتعد عن ضوضاء المدينة و اتخذ الطريق الساحلية، الغريب في كل هذا أنها لم تشعر بالخوف، كان هناك إحساس غريب بالأمان يتملكها و يمنعها من سؤاله عن وجهتهما، التفتت تنظر إليه، كان كل اهتمامه منصبا على القيادة، تأملت ملامحه في صمت، كأنها تراه لأول مرة، الحق أن كامرا الحاسوب تهضم حقه فيبدو الأنف متضخما و العينان صغيرتان بينما ملامحه في الحقيقة متناسقة و عيناه واسعتان لو وضعتا في وجه مؤنث لزرعتا فيه من الفتنة ما يكفي لإذابة موكب من الرجال، هو ليس بالفتى الذي يمكن أن نقول عنه وسيم لكنه يملك جاذبية غريبة و طريقة محببة في نطق الحروف ربما ترجع إلى مقوم الأسنان المزروع في فيه.
توقف سونغ يوب أمام مقهى على الساحل، واسع الأرجاء يدل ترتيبه على ذوق رفيع، يغلب اللون الأزرق على كل شيء فيه ليتماشى بطريقة غريبة مع البحر، تقدمها سونغ يوب إلى المقهى دون كلمة واحدة، تبعته حانقة على لامبالاته و هي التي كانت تقيمه و تقعده بإشارة من سبابتها.
جلس في إحدى الزوايا التي تقابل البحر الهادئ مباشرة، جلست إلى جانبه و هي تحس بنوع من الإهانة، لامبالاته جرحتها في الصميم.
وقف النادل أمامهما ليسجل الطلبات، فتحت سولي فمها لتتكلم لكنه أخرجها بإشارة من يده و طلب لها إفطارا دسما، أحست بمعدتها تئن من الجوع بمجرد أن سمعت مكونات الإفطار الشهية و شكرته في سرها لأنها خرجت من منزلها دون أن تفطر، سجل النادل ما طلبه لها سونغ يوب ثم قال:
النادل: و أنت سونغ يوب شي ماذا أحضر لك؟
وضع سونغ يوب نظارة سوداء على عينيه و نظر إلى البحر و هو يتنهد قائلا
سونغ يوب: كالعادة
هز النادل رأسه في احترام و انصرف عنهما بينما أخذت سولي تتأمل سونغ يوب بنظرة مستغربة، يبدو أنه معروف في هذا المكان، كيف لهذا الشخص الذي يفرض احترامه على الناس أن يكون خاتما في أصبعها؟
حجبت عنها نظاراته السوداء تعبيرات وجهه فلم تعرف إن كان سعيدا بوجوده معها أم لا، لم تتوقع هذا الكم المهول من اللامبالاة و هي التي تعودت على تقربه منها بشتى الطرق حتى أنه اليوم لم يعلق على مظهرها.
حضر النادل ليضع الطلبات على الطاولة بخفة، و قبل أن ينصرف انحنى على مقترحا من سونغ يوب ليقول له بصوت أراده خافتا لكنه وصل إلى مسامع سولي
النادل: لقد جاءت تلك الفتاة الصهباء عدة مرات بحثا عنك
تأفف سونغ يوب ضجرا و قال بلامبالاة
سونغ يوب: إذا سألت عني مرة أخرى أخبرها بأنني مت
ابتسم النادل و انصرف.
بدأت نار حارقة تستعر في جوف سولي، من هذه الصهباء؟؟ و ماذا تريد؟؟ بدأت تطرق بأظافرها لحنا عصبيا مبهما على الطاولة، قاطعها سونغ يوب بصوت هادئ
سونغ يوب: تناولي إفطارك سولي شي
بدأت سولي تتناول إفطارها في شهية و قد ساعدها نسيم البحر على تهدئة أعصابها التي أثارها كلام النادل عن الصهباء.
تكلم سونغ يوب و قد لاحظ أن سولي أنهت طعامها
سونغ يوب: لقد منعت من اجتياز امتحانات هذا العام
اتسعت عينا سولي دهشة و قالت
سولي: لماذا؟
بدا الإزدراء في حركة شفتيه و هو يقول بصوت جاف
سونغ يوب: هذا بفضلك سولي، بعد اعترافي بتلفيق التهمة لوالدتك قرر المجلس التأديبي للثانوية منعي من اجتياز امتحانات هذه السنة، أنا راسب و كل هذا بسببك
أحست سولي بغصة في حلقها و صعب عليها الكلام، واصل سونغ يوب كلامه الجاف قائلا
سونغ يوب: لهذا قررت أنك ستدفعين ثمن كل ما فعلت
سولي: أدفع الثمن؟؟؟؟ ماذا تقصد؟؟
اقترب بملامحه الباردة منها و قال
سونغ يوب: ستصبحين حبيبتي
نظرت إليه سولي بصمت و هي تحاول أن تستوعب العبارة و ما تحمله من معان خفيه
سونغ يوب: لا تجعلي تفكيرك يسافر بك بعيدا، كل ما أريده هو فتاة مطيعة ترفع عني و تسليني لكنني لا أرغب بك كامرأة لأنك لا تعجبينني لذا أحذرك من التلاعب أجتياز الخطوط الحمراء
كانت سولي ترتعش من الإهانة و رفعت يدها لتصفعه لكن كفها الصغيرة استقرت بين أصابعه القوية، أنزل يدها بقوة آلمتها ثم قال:
سونغ يوب: هذه آخر مرة سولي، لا تثيري غضبي و إلا سأرسل نسخة مفصلة من كل محادثاتنا إلى والدتك و ….
قطع سونغ يوب عبارته و هو ينظر إلى هاتفه ثم نهض ليبتعد عنها
سونغ يوب: نعم هيونغ، كل شيء على ما يرام، إنها معي
ال هون: إياك أن تضعف أو ترضخ لنظراتها
سونغ يوب: سأجن بها، أريد أن أوقف هذه المسرحية لأحتضنها
ال هون: إياك، إن كنت تريدها اتبع ما أقوله لك بالضبط! هل قام النادل بعمله؟
سونغ يوب: كان رائعا ههههه
ال هون: أعدك أنها ستكون لك في أقل من شهر، آه لقد كدت تكسر فك الفتى، خف يدك قليلا فما زال أمامنا الكثير
تعالت ضحكة سونغ يوب و هو ينصت ل-إل هون بينما عين سولي تراقب ضحكاته من بعيد و شعور غريب لم تختبره من قبل بدأ يولد في أحشائها