كانت سولي تحبس نفسها في البيت كعادتها، يداعب روحها الضجر، تتنقل بين الغرف، تتنهد، تقرأ نفس السطر من نفس الرواية الغرامية، تشعل التلفاز و تطفؤه، دخلت غرفتها و حانت منها التفاتة إلى حاسوبها الذي لم تلمسه منذ مدة، جلست أمامه، فتحت جميع وسائل الحوار، نوافذ كثيرة، بدأت تداعب الأزرار، تقهقه تارة و تهز كتفها في استهتار تارة أخرى.
انغمست سولي في عالمها المليء بالكذب عندما جاءتها رسالة شات من الذئب الوحيد
سونغ يوب: أهلا سولي
سولي: ماذا تريد؟
سونغ يوب: هل تعلمين أنني لم أخبر الإدارة بالحقيقة؟ لقد اعترفت بأنني لفقت التهمة لوالدتك لكنني لم أفصح عن الأسباب
سولي: Good Boy
سونغ يوب: كفي عن أسلوبك هذا سولي فأنت في موقف ضعف لا قوة
سولي: أففففف، ماذا تريد؟
سونغ يوب: أن أراك
سولي: أنت تهذي
سونغ يوب: إما هذا و إما أذهب صباحا إلى مكتب والدتك لأخبرها الحقيقة كاملة
سولي: ما اسم هذا الذي تفعله؟؟
أرسل لها سونغ يوب صفا من الأيقونات الشريرة و أيقونة ضاحكة شامتة
سونغ يوب: ابتزاز يا سولي، أراك غدا على الساعة العاشرة صباحا أمام باب الثانوية
أرادت سولي الرد لكنه كان قد خرج تاركا إياها تأكل أظافرها غضبا
سمعت صوت الباب ينفتح، لقد جاءت والدتها من العمل، خرجت لتسلم عليها لكنها اندهشت عندما رأتها تجاهد لإقفال الباب بيد واحدة بينما يدها الأخرى تثبت الهاتف على أذنها و هي تضحك ضحكة لم ترها سولي تضحكها من قبل، ضحكة غريبة، فيها نوع من الدلال، ما هذا الذي يحدث؟ لم تستطع احتمال المنظر فنادت والدتها بصوت حاد
سولي: اوما؟؟!!؟؟
التفتت إليها والدتها في ارتباك و أنزلت الهاتف بسرعة كأنها قد ظبطت متلبسة بجرم ما، ثم قالت بصوت متلعثم
الأم: سولي حبيبتي…كيف حالك اليوم؟؟لم تجبها سولي، ظلت تنظر بحقد إلى هاتفها الذي تحتضنه أصابعها في حب، تركت والدتها و عادت للدخول إلى غرفتها و استلقت على سريرها و الأفكار تتضارب في ذهنها، لقد كانت تكلمه، ماذا كان يقول لها؟ يمدح جمالها؟ يحكي عن شوقه؟ ماذا يقولان؟؟؟
ألح السؤال عليها حتى أصبح طرده من ذهنها عملا جبارا، وصلها صوت ارتطام الأطباق من المطبخ، يبدو أن ارتباك والدتها لم يزل بعد، أغمضت عينيها تحاول طرد الأفكار السوداء من رأسها، لم تدر كم مر عليها من الوقت و هي على هذه الحال، أيقظها صوت والدتها و هي تدخل غرفتها و تقول بصوت غريب
الأم: سولي؟؟؟ أنت نائمة؟؟
فتحت سولي عينيها و قالت دون أن تنظر إلى والدتها
سولي: نعم
تنهدت الأم و قالت بصوت متردد
الأم: لقد حضرت لك عشاء خفيفا
جلست سولي بحركة مفاجأة و نظرت إلى والدتها، كانت ترتدي تاييرا كلاسيكيا أسود اللون، متى اقتنته؟؟؟ واصلت تفرسها الوقح في والدتها، كعب عال؟؟ ، لاحظت أن الكحل الذي لم يلامس عيون والدتها أبدا قد أخذ مكانه في ملامحها ليعطيها مظهرا جديدا لم تألفه سولي، توقفت عن حملقتها و قالت بصوت حاد
سولي: خارجة؟؟
هزت والدتها رأسها إيجابا و قالت بصوت خجل و مرتبك
الأم: نعم، لقد..كنت…أ…الأستاذ..ل…
تنهدت سولي بصبر نافذ و قالت
سولي: ما به الأستاذ كيم؟ دعاك للخروج؟
لم تنتبه الأم في غمرة ارتباكها للعدوانية التي تفح من كلمات سولي، كانت كمراهقة صغيرة تذوق اهتمام رجل لأول مرة في حياتها
الأم: دعاني للعشاء
بدأت نار لاهبة تستعر في جوف سولي، تعاقبت الألوان في وجهها فاصفر و احمر و شحب، تمالكت نفسها و قالت بصوت حاولت ما أمكنها أن تجعله طبيعيا
سولي: استمتعي بوقتك ماما
لم ترفع الأم عينيها في وجه ابنتها، كان الخجل قد عقد لسانها، استدارت سريعا و اتجهت بخطوات أنيقة نحو الباب.
بمجرد خروج الأم تركت سولي العنان لنحيبها، بكت بحرقة، عضت على الوسادة كي لا يسمع الجيران صوت صراخها المكلوم، ألم حاد يمزق خافقها، الكل يحب و يرتعش و يواعد و يهشق إلا هي، لماذا حكم على قلبها بالتعاسة الأبدية؟؟حتى والدتها أصبح لها خطيب، يحبها و يغرقها اهتماما، اتصالات و دعوات، لن تستطيع التحمل، هذا يفوق طاقتها بمراحل .