دخلت سولي و قلبها مرتعش بين ضلوعها، لماذا يحدث معها كل هذا؟؟؟ إنها في ورطة كبيرة، ارا أبانت لها عن وجه تجهل وجوده، كانت تظنها هشة ضعيفة كوالدتها لكنها صدمت عندما رأت مخالبها.
انقطع حبل أفكارها عندما سمعت صوت نحيب آت من غرفة والدتها، جرت إليها لتجدها منكفئة على وجهها فوق السرير و هي تنتحب، ارتعبت سولي من حال والدتها و جرت إليها و حطت يدها على كتفها و قالت بصوت مرعوب
سولي: اوما؟!؟!! ما بك؟؟ ما الذي جرى؟؟
التفتت إليها بوجهها الرقيق الذي بلله الدمع و عينيها اللتين تسبحان في بركة مالحة، و قالت لابنتها بصوت مختنق
الأم: لا تصدقيهم يا سولي، أنا لم أفعل شيئا، لقد كنت دائماً أمينة مع طلابي و مع نفسي
زاد رعب سولي عندما سمعت كلام والدتها الذي ضاعف حيرتها و قالت بصوت خافت و يدها تمسح الدموع التي ماتزال تتدحرج حارة على خد أمها
سولي: لا أفهم شيئا، التقطي أنفاسك ماما و أخبريني عن كل ما حدث بالتفصيل
شهقت والدتها شهقات صغيرة متتالية كالأطفال و حاولت أن تستجمع قواها أمام ابنتها ثم قالت بصوت متهدج
الأم: لقد تم وقفي عن العمل و إحالتي إلى التحقيق، سأطرد في أي لحظة و ربما أسجن أيضاً
عادت الأم للنحيب و هي تغطي وجهها بيديها فسارعت سولي لاحتضانها و عقلها يفكر فيما قد يكون سببا لإحالة والدتها إلى التحقيق و هي التي لم تمس أحدا بسوء من قبل، طيبتها المفرطة كانت دائماً سبب تفكه طلابها بها و استغلالهم لها، ما الذي حدث؟؟ ربما تغيرت نظرة الكل إليها بسبب ما جرى لوالدتها، عادت سولي تكلم والدتها بصوت رقيق كما لو كانت تكلم طفلة صغيرة
سولي: أمي، أرجوك كفي عن البكاء سنجد حلا لكل هذا، أخبريني عما حدث فأنا مازلت لا أفهم
شهقت أمها مرة أخرى و قالت
الأم: هناك طالب قدم ضدي شكوى لإدارة المدرسة، يقول بأنني أرغمته على إرسال المال لي كي أمنحه أسئلة الإمتحانات الجهوية لمادتي، و هددته بالرسوب إن لم يحول لي المال، الفتى لديه كل الدلائل، اسم وكالة البريد و بياناتي في سجلاتهم و …
ضاعت كلماتها وسط سيل آخر من الدموع بينما ارتسم الرعب على ملامح سولي و قد عرفت سبب هذا المشكل، إنه فتى الأنترنت الذي هددها بالإنتقام منها بأبشع الطرق، لكنها لم تتوقع أن يصل الأمر إلى هذه الدرجة.
الإدارة لا يمكن أن تتساهل مع من تخول له نفسه بيع أسئلة الإمتحانات أو تسريبها، لكن والدتها بريئة، هي و صديقاتها على علم ببراءتها، أخذت سولي والدتها بين ذراعيها تهدهدها كطفل صغير و هي تهمس لها بصوت خافت
سولي: لا تخافي ماما كل شيء سيكون على ما يرام، هذه شدة ستزول بأسرع وقت
كانت الأم تتمتم و وجهها مضغوط على صدر سولي، صوتها المتقطع كان يصل إلى مسامع سولي ضئيلا
الأم: آسفة إن أنا شوهت صورتك أمام زملائك، لكنني بريئة، الله وحده يعلم أنني بريئة
ظلتا على تلك الحال إلى أن انتظم تنفس أم سولي و استسلمت منهكة للنوم.
أرقدتها سولي بلطف في فراشها و خرجت من غرفتها و دمها يغلي غضبا.
كيف تجرأ على فعل هذا بها؟؟
بدأت ترتعش و تذرع غرفتها جيئة و ذهابا و هي تعتصر عقلها علها تجد وسيلة تخرج بها نفسها من هذه الورطة.
توقفت عن الحركة تماما عندما اكتشفت أن الطريقة الوحيدة التي ستنقذ والدتها هي اعترافها بما كانت تفعل، شعرت بالرعب مما وصل إليه تفكيرها، إنها لم تعد قادرة على التفكير، تحتاج إلى المساعدة، ظهرت أمامها صورة صديقاتها الثلاث، تحتاج إلى تواجدهن قربها، تذكرت كيف كانت نظراتهن إليها هذا الصباح، لقد كن يعرفن، الثانوية كلها تعرف بأنها ابنة الأستاذة التي حاولت بيع أسئلة الإمتحان، الكل يحتقرها، أحست سولي بأنها أتعس مخلوقة على وجه الأرض، بدأت تتراءى لها كل زلاتها الواحدة تلو الأخرى، إن لها بصمة سلبية على حياة كل الناس بدءا بوالدتها و انتهاءا بصديقاتها الثلاث، أحست بأن الأوكسجين نفسه صار يحتقرها فيأبى الوصول إلى رئتيها، كانت تجاهد عبثا لالتقاط أنفاسها، انعدمت الرؤية، سواد، تمسكت بأحد أعمدة السرير، يد عملاقة تعتصر رئتيها في قسوة، لم تظن يوما أن ألما كهذا الذي تشعر موجود على وجه الأرض، أبت الآه أن تغادر حلقها، لم تشعر بنفسها حين هوت على الأرض كلوح خشبي.
