انتهت الحصص لهذا اليوم، كانت كريستال و جي يونغ و سوهيون يجلسن في المقهى المعتاد، سبب اجتماعهن هنا هو مشكلة سولي و ما يمكنهن فعله لها، كن في غاية الحزن و الأسى و كل واحدة منهن تحمل نفسها جزءا من المسؤولية إذ أنهن شاركن بشكل أو بآخر في كل هذا، كانت جي يونغ أول المتكلمات
جي يونغ: لا يجب أن نسكت، يجب أن نفعل شيئا
أجابتها كريستال بصوتها الثائر
كريستال: طبعا لن نسكت، نحن عندنا الدليل على براءة والدة سولي، يجب أن نبلغ الإدارة، ان كل محادثات سولي مع الفتى مسجلة، و من السهل جداً أن نجد الجزء الذي منحته فيه سولي اسم والدتها الكامل و رقم بطاقتها القومي و رسالته التهديدية الأخيرة مازالت محفوظة في بريدها الإلكتروني.
سوهيون: يجب أن نخبر سولي قبل أن نقدم على أية خطوة
التفتت إليها كريستال في حدة و قالت بصوت صارم
كريستال: سنخبرها طبعا، لكن ذلك سيكون من باب العلم بالشيء فقط
ساد الصمت بينهن و كل واحدة تلوم نفسها لأنها سمحت بهذا التلاعب بل و شاركت فيه، جاءت كلمات كريستال بعد الصمت صارمة و محددة
كريستال: أعرف بأن الوقت غير مناسب لكننا يجب أن نعيد النظر في تصرفاتنا، الكثير من الأشياء يجب أن تتغير
أطرقت جي يونغ و سوهيون برأسيهما و هما مقتنعتان بأن كريستال محقة، الكثير من الممارسات غير المسؤولة و الكثير من الإستهتار، كل هذا يجب أن ينتهي، لسن مضطرات للمرح على حساب الآخرين، يجب أن يضعن حدا لهذا التمادي.
كانت كل واحدة غارقة في أفكارها عندما رن هاتف جي يونغ، أجابت عليه فبدا من تعبيرات وجهها أن الأمر خطير
جي يونغ: سولي؟؟….و أين هي الآن؟؟؟؟….لا تخافي خالتي هذا مجرد تعب و ضغط نفسي ستقوم منهما إن شاء الله…طبعا سنأتي إليها…بعد ساعة على الأكثر…
نظرت جي يونغ إلى صديقاتها نظرة تشي بخطورة الأمر و قالت و هي تعدل من وضع نظاراتها على أنفها
جي يونغ: أصيبت سولي بانهيار عصبي، لم تحتمل خبر وقف والدتها عن العمل و إحالتها إلى التحقيق
تبادلت الفتيات النظرات و قمن في حركة واحدة، يجب أن يكن مع صديقتهن سولي الآن.
نزلن من سيارة الأجرة أمام منزل سولي و صعدن السلالم جريا، فتحت لهن أم سولي الباب و وجهها ذابل شاحب كأن عمرها قفز بها عشر سنين للأمام، و قادتهن بصمت إلى غرفة سولي، أحطن بها و كلهن أسى لحالها، لون بشرتها أبيض شاحب كلون شراشف السرير، لا بريق في عينيها، نظرت إليهن و قالت بصوت واهن
سولي: أرأيتن ما جرى لي؟ لقد ورطت أمي و شوهت سمعتها
أجابتها كريستال بلهجة رقيقة لكنها حازمة في نفس الوقت
كريستال: مازال بإمكاننا تبرئتها يا سولي
سولي: أتوكيه؟؟
نظرت إليها كريستال في استنكار و قالت بصوت لم تستطع جعله يخلو من الحدة
كريستال: بيدك يا سولي أن تبرئي والدتك من كل ما نسب إليها
أشارت كريستال بسبابتها إلى جهاز الحاسوب و استطردت
كريستال: هذا الحاسوب يحتوي على الكثير من الأدلة، المحادثات المسجلة، الرسائل و يوم منحت الفتى اسم والدتك الكامل و رقم بطاقتها، هذا كفيل بجعلها تخرج من الموضوع صافية الذمة لامعة السمعة كما كانت.
كانت سولي تنصت إلى كريستال و وجهها يزداد شحوبا، و قالت بصوت خافت لا يكاد يسمع
سولي: لكنني سأفضح نفسي
سمعتها كريستال و ردت عليها بقسوة
كريستال: أنت أو هي، لك أن تختاري، لكن لا تنسي أنك المذنبة و أنها البريئة و إن منعتك أنانيتك من الإعتراف فأنا سأعترف، أنا كنت شاهدة على كل شيء و لن أسمح بأن تنال خالتي العقاب و هي بريئة من كل ذنب
نظرت إليها سولي بخوف و فتحت فمها لتتكلم لكن الكلمات أبت الخروج فأطرقت برأسها و انسابت دموعها بصمت لتعبر عن الندم و الأسى.
نظرت إليها كريستال نظرة طويلة ثم قالت بنفس اللهجة الحادة الحازمة
كريستال: أمامك يومين إما أن تعترفي أو أعترف أنا
أكملت كريستال جملتها و خرجت صافقة الباب وراءها تاركة الكل ينظر إليها بمزيج من الحيرة و الألم و قلة الحيلة.
كانت كريستال تمشي و هي تضرب بقدميها الأرض في غضب، كيف لسولي أن تواصل التفكير في نفسها في ظل هذه الظروف؟ كيف للأنانية أن تطغى على كل المشاعر الأخرى؟
كيف لها ان تفضل سمعتها على سمعة والدتها، و لماذا أصلا تختار؟؟؟ ليست تملك هذا الترف، إنها مذنبة و عليها تحمل النتائج حتى لو كانت الضحية شخصا آخر غير أمها، كانت تواصل طريقها و الغضب يسكن ملامحها عندما أحست بيد تمسك ذراعها، تركت العنان لقبضتها التي أخذت طريقها السريع نحو وجه الفتى و رسمت على وجهه لكمة عنيفة أسالت الدم من أنفه.
شعرت بالرعب حينما تبينت لملامح سيهون المستنكرة و المتألمة، حاولت الإمساك بذراعه في حركة متعذرة لكنه أوقفها بإشارة مقتضبة من سبابته، كان يطلق السباب في كلمات سريعة لم تتبينها كريستال و لم تفهم معناها، ظلت تنظر إليه في غباء و هي لا تعرف ماذا يمكنها أن تفعل للإعتذار، تابعت بعينيها قطرات دم سالت من أنفه لتلوث تي شيرته الشبابي الأنيق، فأخرجت منديلا من جيبها و اقتربت منه تبغي تنظيف البقعة، توقف عن الهمهمة و السباب عندما أحس بقربها و هي تمسح بقعة الدم بتفان، نظر إليها وقد نسي كل الألم و لم يدر ما أصابه، اقترب أكثر و هي غافلة عن ما يحسه من جنون، داعبت أنفاسه الحارة خدها فرفعت و جهلها تنظر إليه، هالها القرب منه إلى هذه الدرجة فارتبكت و توقفت يدها عن الحركة و سقط منديلها أرضا بينما ظلت اليد مستقرة في حيرة على صدره الذي يعلو و يهبط ليشي بحب هائج يعبث بأعماقه، أرادت كريستال التراجع لكنه أمسك يدها المستكينة على صدره ليضغطها على قلبه أكثر و همس بصوت ساحر
سيهون: أتسمعين؟؟ أثرت فوضى عارمة في صدري يا فاتنة
لم تصدق أن هذا الكلام موجه إليها، هي فاتنة؟؟؟، ذابت عظامها و غرقت في بحر من الأحاسيس اللذيذة، أيقظتها من كل هذا صورة رجل في الخمسين على الجانب الآخر من الشارع، كان يرمقها بنظرة قاتلة، لم تشعر بنفسها إلا و هي تسحب يدها و تصرخ “أباااااااااا” و تطلق ساقيها للريح