جرت جي يونغ و هي تلهث و بمجرد وصولها أقفل حارس الثانوية الباب في وجهها، بدأت تطرق الباب بقبضتها و كلها أمل في أن يرفق حارس الباب بها لكنه لم يبد أي تجاوب و ظل الباب مغلقا، جاء بعض الطلاب متأخرين مثلها و بدأوا يطرقون الباب و يستعطفون الحارس بدون جدوى.
يئست جي يونغ من حضور الحصة الأولى و قررت الإنتظار إلى حين فتح الباب عند بدء الحصة الثانية.
وضعت كتابها العملاق على الأرض و جلست عليه متكئة على سور الثانوية
بدأت تراقب المتأخرين و هم يبتعدون واحدا واحدا عن باب الثانوية تحتل الخيبة ملامح بعضهم بينما أخذت اللامبالاة مكانها في ملامح البعض الآخر.
انفض المجمع إلا من طالب واحد ظل متكئا على السور و أثار استغرابها أنه توجه إلى الباب يدقه بعد أن ابتعد الجميع و همس للحارس بكلام لم تتبينه فانفتح الباب و التفت الطالب إليها قبل أن يدخل و ناداها باسمها “جي يونغ-اه تعالي”
قامت جي يونغ من مكانها و هرولت إليه، دخل و دخلت خلفه، تبينت جي يونغ ملامحه و نظرت إليه بدهشة
جي يونغ: هذا أنت؟؟؟
نظر إليها الفتى نظرة معتذرة و قال
الفتى: نعم أنا، أريد أن أعتذر لك عن تصرفي الجاف معك ذلك اليوم لكن لي أسبابي التي ستعرفينها، أنا أدعى إل هون
توقف و مد يده لها يبغي مصافحتها، تأملته لحظة و عادت إليها ذكرى أجوبته الجافة لها يوم كلمته في المقهى، لكن ما الذي يفعله نادل المقهى في الثانوية؟ تذكرت أنه مازال يمد يده فصافحته و هي ما تزال تفكر فيما يفعله هنا، تكلم إل هون يوضح لها الأمر و كأنه يقرأ أفكارها
إل هون: أنا أحضر الحصص الصباحية فقط و أعمل في المساء، ظروفي لا تسمح لي بتكريس كل وقتي للدراسة
كانت جي يونغ تنظر إليه في صمت و هي تحاول جاهدة تحديد لون عينيه، أزرق؟؟؟ أم رمادي؟؟؟
أحست جي يونغ أن القرب منه يشتت تفكيرها فاعتذرت منه بصوت مرتبك
جي يونغ: آسفة، يجب أن أذهب لا أريد أن تفوتني الحصة الأولى، أنيونغ
رمت جي يونغ بكلماتها سريعا و ابتعدت لكنها عادت تستدير إليه و هو واقف يراقبها و سألته
جي يونغ: كيف سمح لك الحارس بالدخول؟؟؟؟
إل هون: لأنه أبي
ابتسمت له جي يونغ و أكملت سيرها و سمعته يقول لها بصوت عال
إل هون: أراك فيما بعد جي يونغ-اه
واصلت طريقها دون أن تلتفت و ابتسامة خجولة و حالمة ترتسم على ملامحها، دخلت إلى الفصل فوجدت أنه خال ليس فيه إلا سوهيون و كريستال تتجاذبان أطراف الحديث، فاتخذت مجلسا بجانبهما و سألتها مستغربة
جي يونغ: ماذا يجري؟ أين باقي التلاميذ و أين الأستاذ كيم؟؟
أجابتها سوهيون
سوهيون: اعتذر الأستاذ كيم عن الحصة و تفرق التلاميذ
هزت جي يونغ رأسها و قالت
جي يونغ: هذا من حظي المجدود فما أظنه كان سيقبلني في حصته و أنا متأخرة
التفتت جي يونغ إلى كريستال التي كان لونها شاحبا ولم تنطق بكلمة واحدة
جي يونغ: ما الأمر؟ ماذا بك كريستال؟
لم تجبها كريستال و تكفلت سوهيون بتفسير الأمر لها
سوهيون: لقد رآها والدها مع سيهون
شهقت جي يونغ في رعب و قالت
جي يونغ: و ماذا كانت ردة فعله؟؟
أزالت كريستال كاسكيتها و مررت أصابعها في شعرها و قالت بصوت حاد
كريستال: لا شيء، هذه هي ردة فعله، لقد عشت حربا نفسية لم تمر علي من قبل، اجهز الكلام و الأعذار و أنتظر أن يناديني لكنه لا يفعل، لم ينظر إلي لحظة أثناء العشاء و ذهب إلى عمله قبل أن استيقظ هذا الصباح، انا مضطربة جداً و افهم الآن القائل بأن وقوع البلاء أفضل من انتظاره
تكلمت جي يونغ بصوتها العقلاني الهادئ
جي يونغ: هذا له معنى واحد يا كريستال
كريستال: و هو؟
أجابتها جي يونغ بصوت واثق
جي يونغ: والدك لم يرك
ضحكت كريستال ضحكة ساخرة لا طعم لها و قالت بحدة
كريستال: لقد التقت عيناي بعينيه و نظر إلي مباشرة و كانت نظرته إلي نظرة نارية تنطق بالغضب، لا يمكنني أن أكون قد تخيلت كل هذا
أجابتها جي يونغ بنفس الصوت الواثق
جي يونغ: نعم، تخيلت كل هذا لأنك في عقلك الباطن كنت تعلمين أن وقوفك في الشارع مع شخص غريب هو أمر غير مقبول فتمثلت لك نظرة والدك الغاضبة كي تضعي حدا لهذا التصرف
صمتت كريستال و هي تقلب كلام جي يونغ في رأسها لكنها ما لبثت أن قالت في غير اقتناع
كريستال: لا لا لا هذا الكلام لا يدخل دماغي، أبي رآني و لم يكلمني لغاية في نفسه، ربما لم يجد بعد العقوبة التي تناسب جرمي و….
قاطعتها جي يونغ
جي يونغ: جرم!!! أرأيت؟؟ أنت تعتبرين ما فعلته جرما لذا تخيلت ما جرى، والدك لم يرك، أدخلي هذا إلى رأسك
صمتت كريستال و هي تفكر في كلام جي يونغ الغريب، بدأت تهدأ نوعا ما و أن ظل ذلك الصوت الصغير في عقلها يصر على أن ما رأته هو الحقيقة الواضحة.
ساد الصمت لدقائق و كل واحدة منهن تغوص في أفكارها الخاصة كسرت سوهيون هذا الصمت و قالت
سوهيون: لدي خبر لن تتوقعاه
نظرت إليها الفتاتان في استغراب فاستطردت
سوهيون: عندما وصلت إلى الثانوية هذا الصباح ذهبت إلى الإدارة لأعطيهم شهادة مرضية أعطتنيها والدة سولي فرأيت هناك الأستاذ كيم، كان برفقة أستاذ الرياضيات الملتحي، و سمعته يتكلم عن سولي، كان يقول لزميله بأنه حصل على عنوانها و قال له بالحرف الواحد “هل يجب أن آخذ لها وردا؟”
صفرت كريستال بفاها كالصبيان بينما صفقت جي يونغ جذلا و قالت
جي يونغ: إذا سيخطبها؟
كريستال: هذا أحسن خبر سمعته، فهو من سيروضها و سيغلق صندوق بندورا الذي تحمله في ذاتها و الذي أغرقنا بالآلام و المشاكل
تأملت سوهيون فرحة صديقاتها بالخبر و حزن في نفسها أن سولي لا تقدر حبهن لها، ثم واصلت كلامها عن الأستاذ كيم
سوهيون: إن الحب يهد الجبال، فمن كان يتخيل أن الأستاذ كيم الذي قُدَّ قلبه من صخر بقادر على الإرتباك و الإضطراب إلى هذه الدرجة، لقد كان يداعب شعره في ارتباك و هو يسأل زميله إن كان يجب عليه ابتياع خاتم أم أن ذلك سيعتبر استباقا للأحداث، بصراحة أنا لم أره أبدا بهذا الحال
كانت جي يونغ و كريستال تنظران إلى سوهيون في صمت و استغراب و لسان حالهن يقول بأن هذا الرجل رائع بكل المقاييس فحبه لسولي لم يجعله يخصص لها معاملة خاصة في فصله بل العكس تماماً، لقد كان يقسو عليها أكثر من غيرها، إنه شخص يستحق الإحترام فهو يعرف كيف يفصل بين عمله و أحاسيسه.
