وصلنا”
استيقظت جي يونغ من أفكارها عندما اخترقت سباتها كلمة السائق فنقدته اجره و ترجلت من التاكسي و ولجت الى المقهى الصغير الذي يعمل فيه ال هون و الذي أضحت تعشق كل تفاصيله، جلست على طاولة منعزلة قرب النافذة و هي تبتسم للذكرى الطريفة التي تسيطر عليها، لمحت ال هون يتنقل بين الطاولات في نشاط، كان شكله مختلفا عن الذي عهدته، لقد تغير كليا، رأته يتوجه اليها و يبتسم لها بعذوبة و يقول بصوت خافت:
ال هون: خمس دقائق و اكون لك!!
تدفق الدم غزيرا الى خديها و هزت راسها موافقة و هي تعدل نظارتها في ارتباك، تنهدت و هي تراقبه في وهله، كم هو مميز، كل شيء فيه يجذبها، مرحه و جنونه و حبه المجنون للموسيقى و طموحه و عزة نفسه و أخيرا عيناه الخضراوان أو ربما زرقاوان، هزت راسها في حيرة “بل رماديتان”
“ما هما؟!”
كان ال هون قد غير ثيابه بعد ان سلم دورية العمل الى زميله، عاد الدم يتدفق الى خديها عندما اكتشفت بانها تكلمت بصوت عال، عدلت نظارتها في ارتباك و قالت
جي يونغ: اوبا انت مختلف جداً اليوم !
ابتسم ال هون و قال بصوت خافت
ال هون: فكرت بانه يجب علي ان اتغير، كي اكون في مظهر مقنع اذا ما…
صمت ال هون و نظر الى عينيها مباشرة و قال
ال هون: اذا ما فكرت بالتعرف الى والدك
شهقت جي يونغ و ارتبكت و طفحت تقضم أظافرها و قلبها يخفق بعنف، ابتسم ال هون و عيناه تراقبان ردة فعلها، ثم عبس و تنهد و قال
ال هون: يجب ان تعرفي ان الطريق أمامي طويل و غير معبد، لقد رسبت كثيرا و تعثرت كثيراً لأنني كما تعرفين أتغيب عن دروسي بسبب العمل، أهلي متواضعون جداً، انا اعرف انني لن املك منزلا خاصا بي و لو عملت مائة سنة، لكنني واثق انك لو قبلت بي سأفعل المستحيل لاسعادك و ساكون…
وضعت ايمان أصابعها الرقيقة على شفاه ال هون لتوقف سيل الكلمات و قالت
جي يونغ: اوبا … انا…
تلعثمت و غلبها الخجل، امسك ال هون يدها الرقيقة التي استقرت على شفاهه و لثمها ببطء و عيناه لا تفارقان عينيها، ابتسمت جي يونغ و هي تحس بان السعادة حطت الرحال في قلبها و بدأت تتأمل ال هون بشعره الحليق و الذي لطالما كان ثائرا و غير مصفف و تخلص من الحلقة التي كانت تخترق حاجبه الأيسر، تأملت حاجبه الذي كان يقطعه جرح ملتئم، مدت يدها تتحسس الجرح فعبس ال هون و هو يتذكر اليوم الذي جرح فيه
جي يونغ: سيترك الجرح أثرا
ابتسم ال هون و قال بصوت ضاحك
ال هون: لا باس، هذا سيجعلني أتذكر ذلك اليوم الذي اعترفت لي فيه بحبك
أغمضت جي يونغ عينيها و هي تتذكر يوم انكمشت في قاع السيارة المتهالكة، كانت تسمع صوت اللطم و الضرب و شهقات ال هون و هو يتلقى كل هذا على جسده النحيل، لم ينقذه منهم الا وصول الميكانيكي الذي كان قد اتصل به ال هون، و قد كان رجلا فارعا أخاف الشبان الثلاثة فانصرفوا راكضين بحثا عن ضحية اخرى، خرجت جي يونغ من مخبئها عندما توقف صوت الضرب المريع و جرت الى ال هون الذي كان يتألم في كل مواضع جسده، ساعدته ليريح جسده على المقعد الخلفي للسيارة بينما بدأ الميكانيكي يعبث باسلاكها ليعيدها الى الحياة و هو يطلق سيلا من السباب في حق كل من يستضعف الناس و يسمح لنفسه بالاعتداء على غيره لمجرد انه أقوى.
جلست جي يونغ قرب ال هون و هي تحاول الاتصال بالإسعاف من هاتفها لكنه مد يده المتهالكة يمنعها من الاتصال
ال هون: مجرد كدمات خفيفة لا تستحق
أراح ال هون رأسه على مسند السيارة و اغمض عينيه، نظرت اليه جي يونغ برعب و قد همدت حركته تماماً، فأطلقت سراح دمعها و هي تتحسس الجرح الدامي على حاجبه و انفلتت الكلمات من شفتيها متهدجة خافتة
جي يونغ: يا إلهي احفظه و لا تؤذيني فيه فانا لم احب أحدا قبله و لن احب أحدا بعده
عادت تتأمل ملامح ال هون، عيناه مغمضتان و انفه مستقيم و شفتاه…توقفت عن التفكير و هي ترى شفتيه ترسم ان ابتسامة رائعة و يده تشق طريقها بصمت نحو يدها، أحسن بان النار تشتعل في خديها فأطرقت برأسها بينما فتح ال هون عينيه و أزال الايشارب الملون عن عنقه اليافع حول رقبتها في رفق
“جي يونغ-اه”
فتحت جي يونغ عينيها لتكتشف ان يدها ما زالت في يد ال هون فسحبتها في حرج و نظرت الى ال هون متسائلة فأشار برأسه الى طاولة بعيدة و قال بصوت بارد
ال هون: أليست هذه صديقتكم سوهيون؟
نظرت جي يونغ في الاتجاه الذي أشار اليه ال هون ثم شهقت و هي تراها برفقة كهل يلف حصرها بذراعه و يوشوش في أذنها فتضحك ضحكة رقيعة تزلزل المقهى و ما فيهTHE END
