جلست جي يونغ في زاوية هادئة من المقهى و هي تنتظر أن يظهر إل هون، كان خياله يرافقها طول اليوم و عينيه الغريبتين تشعان ذكاء و كبرياء، تذكرت عندما رأته بعد الحصص الصباحية، كانت الشمس ترغمه على تقطيب حاجبيه و تضفي على عينيه الخضراوين لمعانا غريبا، كان مصرا على رؤيتها في المساء، أخبرها أن هناك ما يود قوله لها
“ماذا تشربين يا آنسة؟؟”
استيقظت جي يونغ من أفكارها و نظرت إلى إل هون المبتسم و قالت بابتسامة تضاهي ابتسامته جمالا
جي يونغ: أشرب شايا بالنعناع
إل هون: بدون سكر طبعا
نظرت إليه متسائلة فأضاف بصوت خافت
إل هون: السكر الطبيعي لا يتناول السكر الاصطناعي
ظلت جي يونغ تنظر إليه مبهورة بلباقته و جمال ملامحه، كان يرتدي البنطلون الاسود و القميص الابيض كديدن النوادل في كل المقاهي لكنه كان يبدو لها رائعا و أنيقا جداً، انصرف عن مائدتها و ظلت تلاحقه بعينيها و هو يتنقل من مائدة لأخرى في نشاط منقطع النظير، تظاهرت بالنظر الى الشارع من زجاج النافذة عندما لمحته قادما، وضع الشاي أمامها على الطاولة و قال:
إل هون: سأنهي دوامي بعد ربع ساعة، و سأكون معك
هزت رأسها موافقة و لسانها عاجز عن إخراج جملة مفيدة الى الوجود، ظلت تراقب حركاته و سكناته، غاب خلف باب مغلق للحظات ثم عاد و هو يرتدي جينزا ممزق الركبة و تي شيرتا أسود عليه رمز من رموز الهارد روك التي لم تكن تفهم معانيها و لاحظت أنه يضع حلقا في أذنه اليسرى، كانت هذه أول مرة تراه يلبسه، يبدو أنه لا يضعه في العمل و في الثانوية، بدا مظهره غريبا و مثيرا و جذابا في نفس الوقت، لم تكن من اللواتي يعجبن بهذا النوع من الشباب لكن إل هون استقر في قلبها كالرصاصة لم يترك لها فرصة التفكير أو الإختيار، أخذ مقعده أمامها و قال بصوت رزين
إل هون: آسف جداً لأنني جعلتك تنتظرين
عدلت جي يونغ من وضع نظاراتها و قالت بصوت خافت بالكاد يسمع
جي يونغ: لا بأس
ابتسم إل هون ثم نظر في ساعته و قال
إل هون: سيصلان حالا
اختفت الابتسامة من ملامحها مخلفة وراءها نظرة حائرة
جي يونغ: عن من تتحدث؟؟؟
أجابها ال هون و هو ينظر إلى الشخصين المتجهين نحوهما
إل هون: ها هما
التفتت جي يونغ لتنظر إلى القادمين، فتى نحيف بمقوم الأسنان و فتاة مصبوغة الشعر و الأظافر و الشفاه، تعرفت جي يونغ على الفتى بمجرد أن رأته، إنه الذئب الوحيد الذي تسلت هي و صديقاتها على عشقه لسولي، وقف الإثنان أمام الطاولة و تكلم إل هون يخرجها من الحيرة التي وضعها فيها
إل هون: أقدم لك صديقي الحميم سونغ يوب و هذه شقيقته سوبين
صافحها سونغ يوب بابتسامة فاترة و فعلت سوبين مثله، كانت يدها ناعمة و باردة و لم يفتها أنها رمقتها بنظرة تقييمية من رأسها إلى أخمص قدميها.
جلس الأربعة، و تكلف إل هون بتوضيح الأمور لها
إل هون: سأكون واضحا معك يا جي يونغ، سونغ يوب مغرم بسولي من قبل أن يراها و تضاعف حبها في قلبه بعد أن رآها، حتى أن غرامها كاد يودي بحياته، لم أتحمل أن أرى أعز صديق لي و فتاة مائعة تقيمه و تقعده بل و تسرقه
بلعت جي يونغ ريقها و هي تفكر فيما قد يظنه بها إن هو عرف بمشاركتها في كل هذا بل و كونها صاحبة اقتراح استعمال بطاقة أم سولي، عضت على شفتها السفلى و الخجل و الندم يتناوبان في تعذيبها، واصل إل هون كلامه بعد أن نظر إلى سونغ يوب الشاحب
إل هون: كنت اعرف أنها فتاة لعوبة، لكنه كان و مازال غارقا في هواها لأذنيه كأن الذي خلقها لم يخلق غيرها
كان الغضب قد بدأ يرسم أخذوذا في جبهته فوضعت سوبين يدها على يده لتهدئ من روعه، تابعت جي يونغ هذه الحركة و هي مصدومة، ماذا بينهما؟ حب؟ أعادها صوت إل هون إلى أرض الواقع عندما قال
إل هون: لقد قررنا أن نعاقب سولي على تلاعبها، فكرة تلفيق التهمة لوالدتها كنت أنا صاحبها، لكنني لم أكن أعرف أن الأستاذة تشوي ستحال إلى التحقيق، ظننت أن سولي سوف تعترف و سوف تندم و تعتذر من سونغ يوب و تنتهي القصة نهاية سعيدة لكن تلك ال…
كان إل هون يجاهد كي لا تخرج الكلمة النابية من فمه، تنهد بعمق و هو ينظر إلى صديقه الشارد و الذي يبدو أنه لا يعي ما يدور حوله ثم قال
إل هون: لقد حاول سونغ يوب الإنتحار، و أنقذناه في آخر لحظة، إن والدي سونغ يوب في أمريكا، يعيش هو و سوبين مع خالهما، لقد دارينا موضوع محاولة الانتحار عنه لأنه قد يبعث ببرقية عاجلة إلى أبويه و قد يتركان عملهما، لقد عقد وجود سولي حياته لكنه أحبها فعلا، لست أفهم، ماذا قد تريد الفتاة أكثر من هذا؟
نظرت جي يونغ إليهم ثم قالت بصوتها الهادئ الذي لا يعبر عن ارتباكها و حيرتها
جي يونغ: أنا أفهم كل هذا لكنني إلى الآن لست أعرف ما المطلوب مني
تكلمت سوبين لتجيب عن سؤالها بصوتها الرفيع البارد
سوبين: نريدك أن تقنعيها بسونغ يوب، فهي لن تجد من يحبها مثلما يحبها شقيقي، إنه عاجز تماماً عن نسيانها أو التفكير في غيرها.
صمتت جي يونغ و هي تدير الفكرة في رأسها، و ابتسمت روحها تسخر منها إذ كانت تظن إل هون معجبا بها، نفضت هذه الأفكار من رأسها و قالت
جي يونغ: أريد مساعدتكم حقاً لكنني لا أعدكم بشيء، سولي عنيدة و لا أحد يستطيع أن يفرض عليها شيئا، سأفعل كل ما في جهدي بشرط واحد
رفعت سوبين حاجبيها الرفيعين و قالت
سوبين: و هو؟؟
جي يونغ: يجب أن تخرجوا أم سولي من الورطة التي وضعتموها فيها
ابتسم إل هون ابتسامة هادئة أطارت صوابها و قال
إل هون: هناك من سيتكفل بذلك
جي يونغ: و من هو؟
إل هون: الأستاذ كيم، خال سونغ يوب و سوبين