16

0 0 0
                                    

بدأت سولي تغفو، نظرت إليها سوهيون في حنان، مسكينة سولي، إنها لا تستحق ما يحدث معها، هكذا فكرت سوهيون في سرها و هي تتأمل ملامح صديقتها الرقيقة.
اتصلت سوهيون بوالدتها و أخبرتها بأنها ستقضي الليلة مع سولي و تكفلت أم سولي بطمئنة والدة سوهيون و إقناعها.
علا صوت تنفس سولي الرتيب فعادت سوهيون للنظر إليها، وجدتها تغط في النوم. هاجمها الأرق و لم تستطع أن تغلق أجفانها، دست يدها في جيب سروالها لتخرج العلبة الصغيرة الخضراء، استنشقت بعمق عطر النعناع الذي يفوح منها و هي مغمضة العينين، فتحتها و أخرجت منها حبة دستها في فمها و اتكأت على الأريكة و هي تذوب كما تذوب حبة السكاكر في فمها.
كانت ترتدي فستانا أبيض طويل الذيل و تزين شعرها الأحمر بورود صغيرة بيضاء منثورة بعشوائية و كانت تجلس على أرجوحة كبيرة في حديقة غناء، رائحة عطر غريب يملأ المكان، عطر رجالي يدير الرؤوس، التفتت يمينا و شمالا، من أين يأتي هذا العطر؟؟ أريجه يقترب منها في إصرار حتى صار يغلف وجودها كله، استنشقته بعمق و أغمضت عينيها في هيام، أحست بشيء كالسحر يلمس خدها الأيمن فيحيل دقات قلبها مهرجان طبول، فتحت عينيها فطالعها وجهه الوسيم، نظرة رقيقة تحتل عينيه، اقترب ببطء ليطبع قبلة على خدها الأيسر فأحست بنفس السحر الذي مازال مرابطا على خدها الأيمن.
تلاحقت أنفاسها و صار صدرها يعلو و يهبط كأنها كانت تجري، أحست بأنها تنجذب إليه لا إراديا، هذا العطر يسلبها إرادتها، إنها تعجز عن التحكم في جسدها فتفعل عكس ما تفكر، استقام في وقفته و مد يده لها كأنه يدعوها للرقص، استجابت لدعوته الصامتة في خجل، عانقت يده يدها و و قفت أمامه، لم تكن تفصلهما إلا سنتمترات قليلة أحالها عدما عندما جذبها بقوة إلى صدره، أهذا عناق؟ أم جنون؟
“سوهيون-اه”
فتحت سوهيون عينيها و نظرت إلى سولي التي كانت تهزها بلطف لتوقظها، كانت ما تزال في عالم السحر و الجمال فلم تع ما تقوله سولي التي نظرت إليها و أعادت كلامها بصوت أعلى
سولي: سوهيون، أريدك أن تساعديني، سأمسح كل آثار محادثاتي مع الذئب الوحيد، لا أريد أن أترك أي أثر للعبث الذي كنت أغوص فيه معه
صدمت سوهيون عندما سمعت كلام سولي الذي أطار من ذاتها كل آثار السحر التي كانت تسبح فيها و قالت باستنكار
سوهيون: لكن هذه هي أدلة تبرئة والدتك الوحيدة أجابتها سولي في حزم
سولي: أعرف، لكنني إن اعترفت سأفضح نفسي و أفضحها و صدمتها في ابنتها ستكون أقوى عليها من صدمتها في ما جرى لها، ما سأفعله الآن هو أحسن حل
ظلت سوهيون تنظر إلى سولي و إصرارها الغريب و قالت بصوت متردد
سوهيون: و والدتك اوني؟ هل ستتركينها تطرد بلا ذنب اقترفته؟
هزت سولي كتفيها و قالت
سولي: لقد فكرت مليا بكل هذا، عندي قناعة تامة بأن أمي لن تطرد و لن يحدث لها شيء، الله سيحميها بما أنها بريئة
استغربت سوهيون في صمت من منطق سولي الغريب لكنها لم تعلق و إن كرهت هذا التصرف الأناني الصِّرف و تابعت سولي ببصرها و هي تأخذ مجلسها أمام جهاز الحاسوب و تحرك أصابعها ببراعة على أزراره كي توقع بأصابعها على صك الألم الذي تتلقاه والدتها، كانت سوهيون كلما زادت في تأمل صديقتها كلما زادت استغرابا، أي فتاة هذه التي تذر الملح على جروح أقرب الناس إليها، تذكرت كيف مزقت بطاقة السيد بارك و مزقت معها كل أمل في التواصل معه، تذكرت كيف أنها جعلتها تقضي ليلتها في البكاء حركت سوهيون رأسها لتنفض عنها هذه الأفكار و قامت من مكانها فجأة و قالت بصوت قاطع
سوهيون: سأعود إلى المنزل
التفتت إليها سولي باستغراب و قالت
سولي: جننت؟؟؟ لقد تأخر الوقت
أحست سوهيون أنها لم تعد تقوى على احتمال سولي و صار كلامها يجثم على أنفاسها فتعجز عن التنفس بقربها إنها تحتاج إلى الهواء
سوهيون: لا بأس، سآخذ سيارة أجرة ستوصلني إلى باب منزلي، لا تقلقي بشأني، ثم إنك أصبحت بخير و لن تحتاجيني في شيء
هزت سولي كتفيها كعادتها و قالت
سولي: كما تشائين
خرجت سوهيون متجهة إلى الباب لكنها تذكرت برعب أنها نسيت العلبة الخضراء في غرفة سوهيون على الأريكة فعادت لتستردها، كان باب الغرفة مواربا لكنه سمح لها برؤية سولي و هي تدوس بحذائها المنزلي علبتها الصغيرة و تعبير شرير و قاس يحتل ملامحها، لم تر سوهيون أبدا وجها حقودا كهذا و لم تعلم يوما أن مشاعر الحقد قد تطفو على الوجوه لتحيلها إلى قطعة من الجحيم، كتمت شهقتها المرعوبة بكفها و جرت مبتعدة عن هذه التي كانت تسميها صديقتها.

مراهقات Where stories live. Discover now