على جرف النهايـة

36 | ملاكٌ دَمـوِي

أعينهم كانت في أشد حالات إتساعها، لقد فعلها حقًا
عقولهم ما زالت معلقة بمقتل فيونا الدرامي وحدوث هذه الفاجعة..إنتحار إدوارد سميث، المشتبه به في مقتل تلك الأخيرة كان القشة، وليست القشة التي قسمت ظهر البعير بل القشة الأخيرة التي إن تركوها سقطوا في قاع الجنون

جفلوا على صوت إرتطام قوي وكان مسببه المحقق هانز برميه مزهريةً تفتت إلى أجزاء كمَا هي المشاعر الإيجابية داخلهم، فُتَات، أشلاء، بل كميات معدومة

نبس أندرو ميلر، بنبرته العملية الباردة والتي تدفع هانز إلى كبح رغباته في دهس رأسه تحت قدميه بصعوبة:
- إكبح جماح غضبك، ستفسد مسرح الجريمة

هسهس هانز بحدة ضاربًا بمبدأه في إحترام المحققين الأكبر سنًا عرض الحائط، وتمنى لو أنه هشم المزهرية على رأس مُكَلمِه لا على الارض:
- أنتَ! أنتَ بالذات لا أريد سماع صوتك!

إبتسمَ ميلر يرد بخضوع مصطنع، قبل أن يخرج تاركًا غرفة إدوارد:
- سمعًا وطاعة حضرة المحقق

- دعه، لا تحركه!
تراجع ديفيد كارتر خطوة إلى الوراء يمتثل لأمر المحقق إيفان بأن لا يفك الحبل من عنق جثة إدوارد المعلقة في منتصف الغرفة

- ما أستغربه هو إستطاعته تعليق جسده هذا بالثرية دون أن تسقط؟ كم يزنُ السيد!؟

نكزت فيرينا فاليري ذراع فلور تعاتبها على تعليقها الذي ليس بمحله أبدًا، ورمقها إيفان بحدةٍ جعلتَها تبتلع لسانها للحظات ثم تحدثت بعد ثوانٍ بنبرة جدية تحمل بعض السخرية عكس سخريتها الاخيرة الظاهرة:
- أيتنافس كل فردٍ هنا على مَن يجعلُ موته أكثر درامية؟

أشارت إلى خدوش تبدو عشوائية على بطنه:
- ما تلك الخربشة؟

ردّ إيفان والذي مازال واقفا أمام الجثة المعلقة يحللها بعينيه رافضًا إنزالها:
- "c'est L'appel du vide.. إنّه نداء الفراغ"

لقد آمن بفكرة أنه قاتل فيونا ويليامز، ونسبَ ذلك إلى أنه حدث جراء الرغبة المُلحّة الغريبة التي تدفعنا إلى التفكير بالقيام بأشياء مؤذية فجأة دون سبب، وزادت من رغبته تلك آثار ثمالته، لذا إنتحر، لأنه يرى أن النداء الذي جعله يلبي رغبته في قتل الآنسة، نفسه النداء الذي سينقذه من براثن الذنب فارًا نحو الإنتحار كحلٍ ظنَّه وحيدًا

قالت فلور مستفسرة أكثر عن كلامه:
- أتقصد أن الكلمة تعني تلك الأفكار الغريبة مثل أن يخطر ببالنا فجأة أن نرمي أنفسنا من مكان عالي حين نكون قريبين من الحافة، الرغبة في الإنتحار، أو إيذاء أنفسنا؟

أومئ إيجابًا، فأضافت:
- لكن أتظن أن هذا ما حدث حقا؟ أنه تأثر بكل الأجواء الدموية بالقصر ونداء الفراغ هذا وقتلها؟