27 | إصطـدام

110 27 51
                                    

14:12 ظهرًا،
25 فبراير 2016~

لقدْ أدركَ وأخيرا أنَ مَا كَان يظنّه عاديًا ليسَ عاديًا أبدا، تلك التفاصيل الصغيرَة فِي سنينه الفائتة، تلكَ الكلمات التِي لم يدرك حينهَا أنّها سَتصبح همسَ أطياف يزوره في نومِه ويَقضتِه كلّها باتت ذكريات

ذكريات تأبَى الرحيل، وهوَ يأبَى تركهَا
ينتحبُ من ألمه حينَ يَستحضرها لكن يَستمر فِي التمسك بها بكل قلبه، لأنّها مَا يثبتُ له أنه ليسَ مجنونا، أنّ مَا حدث حقيقِي، وفقدَها حقا
وكل ما تبقى مِنهَا هو ذكرياتهُ معهَا..

كيفَ سيكونُ شعورهُ لو إلتقى بالآنسةِ أمامهُ قبل سَنوات ؟
لا شيء، لنْ يشعرَ بأيِ شيءِِ
ما الذي سيشعرُ بهِ رجلٌ غير مهتمٍ بالموضة أمامَ مصممةٍ الأزياءِ المفضلةِ لزوجتهِ؟

لذا هوَ يشعرُ بالألمِ والاشتياقِ لها أكثرَ منْ أيِ وقتٍ مضى في كل مرة يتذكرها يشعر بأن شيئًا داخله يتحطم، يتمزقمتى سيرتاح؟ وما زادَ ضيقه ووجعه وجعًا هوَ كلامُ الآنسةِ أمامهُ بحزنٍ وإشتياق :
- سيد كارتـر لقدْ مرتْ سنواتٌ عديدةٌ، كيفَ حالكَ؟ كيفَ حالَ كليـر؟ لما لمْ تعودا تزورانني في الشركة؟ يبدو أنَ كليـر وجدتْ مصممةً أفضلَ مني بعد شجارنا الأخير

كيفَ سيخبرهَا ؟ كيفَ سيخبرها أنَ زوجتهُ وحبيبةَ قلبهِ ميتة؟
كيفَ سيخبرُ أكثرَ امرأةً أحبتها زوجتهُ بعدَ والدتهِ أنَ صديقتها ماتتْ منذُ خمسِ سنوات

خمس سنواتٍ كانتْ لهُ كأنهَا البَارحة؛ لازالَ منظرها تلفظُ أنفاسها الأخيرةَ أمامهُ لازالَ يسمعُ بكاءَ ابنتهِ ذات السنةِ الواحدةِ التي لا تعي شيئا منْ حولها، تبكي بحرقةِ كأنها علمتْ أنها فقدتها..
فقدتْ والدتها !

استجمعَ شجاعته، يشعر بقلبهِ يَحترق، بغصةٍ تخنقه، ولمْ يعدْ يعرفُ مخارجَ الحروفِ الصحيحةِ، وأنفاسهُ تكاد تهجرهُ لكنهُ قالها:
- كليـر ماتتْ.. قبلَ خمسِ سَنوات

شهقتْ الآنسةُ أمامهُ بقوةٍ وفتحتْ زرَ قميصها العلويِ تسندُ رأسها على مقعدها تقاومُ أنْ تبكيَ رغمَ عينيها المدمعتينْ بشدةٍ، تحاولَ التنفسَ وقالتْ بنبرةٍ مختنقة:
- كيفَ حدث هذا؟ لقدْ ظننتُ أنها قطعتْ الاتصالَ بي لأنها أرادتْ تدميرَ صداقتنا، لما لمْ تتصلْ بي؟ كيفَ لمْ أحضرَ حتى جنازتها؟ ماذا عنْ ابنتكما؟

ردّ كارتر :
- اعذريني آنسة فاليـري لقدْ مررتُ بفترةٍ صعبةٍ وانقطعتُ عنْ العالمِ الخارجيِ لفترة، ثمَ نسيتُ أمركِ تمامًا، بلْ تناسيتك وأردتُ الابتعادَ عنْ كلِ ما يذكرني بها، ولا تقلقي ابنتي ليـزا بخير ولقدْ تعودتْ على العيشِ مع مربيتهَا

على جرف النهايـةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن