9

116 1 0
                                    

نظرتُ إلى القطرات التي تسيل على الكأس الزجاجية لأسفل , على عكس يدي التي ترتفع لأعلى و تبتعد عن محيط الكأس
لماذا تبتعد يدي لأجل حياة مخادعٍ كاذب اوهمني بحبه لي و من ثم أنكر هذا بكل بساطة والحجة اختلاف الجنسيات و الديانات
إن كانت هذه حجة مقنعة لكنتُ أنا مثله رافضة للزيجة منه و لكني على نقيض هذا انا اتمنى قربه
لا تمنعيني يا يدي , دعيه يتسمم فيدمن
لا ترحمه يا قلب فهو لم يرحمك قط
لا تهتم لأمره
أبعدتُ يدي عن الكأس بضعفٍ له
رميتُ كيس المخدرات بالمغسلة وأخفيتُ آثار جريمتي عن أخي الذي لا ولن يرحمني ان علم بخيانتي له و لعمي
رميتُ الكيس ليس شفقةً عليه
بقدر ما هو خوف على نفسي من الموت من بعد موته
نعم فحياتي معلقةً بهِ
أخاف أن يموت هو فيموت قلبي
فأكون جسدًا بلا روح

إبتعدتُ عن المغسلة و حملتُ الصينية التي تستقر عليها على الكأس
و لم أكن أعلم بأنه يراني
بصوتٍ حـاد : مــــــــــي
إقشعر بدني إلى أطراف أصابعي فهتزت الصينية و سقطت الكأس منكسرة إلى أجزاء
لقد رآني , علم بما خبأتُه شهورًا طِوال
هل سيصبح حالي كالكأس المكسورة
هل سيخنق روحي لتتطاير بعيدًا
هل هذه هي نهايتي ؟
غرس أظافره بمرفقي و لفني بإتجاهه
عيناه تنضح وعيدًا
و عروق يداه تضخ شرًا
إما صفعاتُ هلاك , أو موتٌ مؤبد
رص على اسنانه و تحدث من بينها بصوتٍ مكتوم به شوائب الغضب : انتي مجنونة يا مي ايه ده الي انا شفته , مالك كده ؟ ليه بترميه ليه ما اديتهالو
ما تتكلمي يا كلبة .
أحسستُ بشعورِ المعتل الذي يستلزم له اجراء غسيل كلوي له
يُسحب دمه من أنحاء جسده ليمُر بآلة تصفيه من شوائبه و تدخله تارةً أخرى إلى الجسد
أنا أشعر بأن كل قطرة دم قد سُلبت مني
أرى بعيناي نهايتي
أرى ركاض سعيدًا بعد مقلتي
هم يسعون لتدميري
و انا أسعى لرضاهم
إلتفت أصابعه حول رقبتي كحبال شائكة
إعتصرني , و اغمضتُ عيني بضعف وانا أرى ضريحي يقترب أو بالأصح انا التي أقترب
و كأني اناديه موتي و انا التي تريد الحياة
صوتٌ بات حنونًا يضج خلاصًا
: مــــــي و جهاد اشبكم تعالوا .
و تحررتُ من حصار الهلاك
سحب أصابعه على كامل إستدارات رقبتي يشرخ بأظافره جريمة خيانتي لهم
ليُطبع اللون الأحمر عليها
توجه ناحية الباب ثم إلتف بإتجاهي نفث من انزيم لعابه و بصوتٍ كالأفعى : حسابك معايا بعدين يا مي هتشوفي حاجة ما شوفتيهاش خالص .
مررتُ أصابعي على شروخه برقبتي
على آثار إخلاصي لركاض
و خيانة ركاض لي
هبطتُ بجسدي للأرض وانا أسحب الصينية من بين زجاج الكأس المنكسرة
رفعتها لأعلى وانا أنظر إلى انعكاس صورتي المقتولة بها
أنظر إلى جحيمي الأزلي
الذي بدأ بحب ركاض وانتهى بخيانته
إلى أي درجة وصلت سجاذتي إلى حد أني أُحب من كان له يد بمقتل أبي ! حتى لو كان عن بعد فهو منهم
أخفضتُ الصينية إلى رقبتي وانا أنظر إلى الآثار الحمراء لم تكن شروخًا و خدوشًا بل كانت بقعًا حمراء كالكدمات
تركتُ الصينية على الطاولة
و تحركتُ لخارج المطبخ دون رفع الزجاج عن الأرض
جررتُ خطواتي لحُجرته
دخلتُ لأجده يجلس مقابلي و جهاد يعطيني ظهره
مشيتُ إلى الكنبةالمزدوجة بجانب جهاد دون إصدار اي صوت
كان يتحدث مع جهاد وكنتُ أشعر بعينيه تنظر لي بخفاء
في بداية الأمر لم أعره إهتمامًا
لكن نظراته إزدادت تركيزًا حتى أصبحت ظاهرة امام أخي
رفعتُ عيني إليه لأرى بعينيه جحيمي
شعرتُ بثقل أخي يرتفع بجانبي لأبقى وحيدةً بجحيم عينيه
لماذا ينظر إلي هكذا ؟ , أرى يعينه وحشًا
لا أراه ركاض حبيبي
و بلمحة بصر جلس بجانبي على الكنبة
أخفضتُ عيناي أرضًا و أسناني ترطم ببعضها خوفًا ولا أردي ما سبب خوفي
أمسك بيدي اليسرى ليقترب مني أكثر حتى تضاربت أنفاسنا
أغمضتُ عيني , وانا أكتم انفاسي العاشقة
أكتمها لئلا تمتزج بأنفاسه المخادعة
شعرتُ بأصابعه الباردة تخطو على جِراح رقبتي
بكل كدمة و بكل بقعة
شعرتُ بحنانٍ أعشقه
و لا أريده حنانًا مخادعًا
إبتعد يا ركاض انا ضعيفة أمامك إلى حد كبير , لا أريد الشعور بهشاشتي
ظهر صوته حادًا قويًا على عكس لمساتُه الحانية : وش هالعلامات يا مي ؟
فتحتُ عيني و رمشتُ عدة مرات كلما وقعت عيناي السوداء بسواد عينيه ابعدتُها عنه
عاد صوته قويًا : مي اكلمك ردي وش ذي العلامات ؟
نطقتُ بتأتأة : دي .. دي
بصوتٍ يكتظ غضبًا : تلوميني وانتِ تسوينها مع غيري يا مـي و اقسم بالله ان عدتيها والله يا ويلك مني حسابك عسير
و لا يهمني لا اخوك و لا احد من قرايبك و الله لا أقلب دنياكِ فوق تحت .
ما الذي يتحدث عنه ؟ , ما الذي يهذي به ؟ , ولما التهديد وانا لم اقترف اي ذنب ؟
رفع أصابعه عن رقبتي إلى شعري ذو الصبغة الحمراء و بذات وعيده و تهديده : قسم بالله يا مي ان احد لمس فيك شعرة بس شعرة بأمحيه من الوجود
انا الوحيد الي ألمسك غيري ماله اي حق فيك .
نظرتُ إليه بسخرية : ليه مش انتا بتئول بديانتك ما يصحش تئرب من بِت الا لو تتجوزتها ؟! مش ده كلامك ايه الي غيره
صلب طوله و دس اطراف اصابعه بجيب بنطاله , توجه إلى الشرفة الداخلية
و بقيتُ بمكاني على الكنبة
أفكر بكلامه و بتناقضه
كيف له ان ينكر حبه لي , ومن ثم يحاول إبعادي عن كل رجل ؟
لا و بل يكتظ غضبًا لقربي من غيره
هل يعني هذا انه يحبني ؟ , و كيف يحبني وهو يحبها ؟
أوهل يجتمع بالقلب اثنان ؟!
نفضتُ رأسي بشدة أطرد فكرة حبه لي
هو لا يحبني وهذا ظاهر بتصرفاته
لربما فعلته اليوم ما هي الا غِيْرةً تأصلت بقلبه من فطرته الإسلامية
بكل يوم هذه الديانة تزيدني شغفًا لتعرف عنها عن قرب و كثب
لكن حتى و إن كان يغار لدينه
لما يرتكب الحرام الذي يغار منه
أوليس دينه يحرم الزنا بل ويعده من كبائر الذنوب
اذًا لما يخطو هذه الطرق الوعرة ولا يريدني ان اشاركه الخطى بالرغم من أن ديانتي تسمح بكل هذا , ديانتي لا يوجد بها حلالاً وحرام كل شيءٍ بها مباح وما رأتُه الذاتُ حرامًا و لا يصح ان تقدمه للأب الأكبر تكف عنه وان رأتُه حلالاً دخلت فيه
اي ان النفس هي من تحكم ان كان ما تفعله صحيحًا ام خاطئًا وليس هنالك شروط وضوابط
ولكنه دائمًا يُصِّر على ان ديني ما هو الا تحريف لا يتم لأصله بأي صلة
لا افهمك يا ركاض بكل يوم تزداد تعقيدًا و ازداد حيرةً بفهمك
تبدو غريبًا بكل تصرفاتك وهذا ما يجعلك الرجل المميز بعيناي .

حيزبون الجحيمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن