على الساعةِ السابعةِ صباحًا , دخلتُ إلى جناح الكاسر و إلى مكتبه بالتحديد , سأحبثُ عن اي شيء قد يكون دليلاً لصالح هوازن زوجة اخي
لأني أحاول الإتصال على الكاسر بلا جدوى فهاتفه مغلق , يبدو انه لا يجدُ وقتًا ليرتاح فيه
و المعضلة انه لو عاد لهنا ستزيد مشغاله اضعافًا و اضعاف و ما هو موقفه ان علم بالحقيقة
لم يكن على سطح المكتب إلا بعضُ الملفات فتحتُ اول ملفٍ أمامي
و انقبض قلبي لما رأتُه عيناي
هذا هو غريبُ الأطوار
الذي قضى على رجولتي !
بسرعةٍ قصوى سحبني بردائي ناحيته ارتطمت بصدره العريض مقارنة بجسدي الهزيل رجل مقابل طفل و بلمحة عين قبل ان اتفوه بالكلمات أخذ يشق بُرَّدي اتسعت عيناي لغرابة الموقف و خوفي وضع يده بثغري يكتم كلماتي
حاولتُ الحديث او الهرب من حصار جسده العريض فلم استطع لا ادري ما الذي يفكر به هذا انه بحق غريب اطوار مجنون
و بسرعة قصوى اخذ يهم بشق بنطالي وضعت يدي اليسرى فوق يده اليمنى التي يحاول بها شق بنطالي هل جنن هذا الرجل ام ماذا !
ولم استطع فلا حول لي ولاقوة امام عرضه و طوله اغمضتُ عيني بخوف رغم اني لم افهم ما الذي يمكن ان يحدث الا أنني متيقن بأنه شيء سيء
نعم ناجي إنه لشيءٌ سيء , سيء
راحت طفولتي ولحقتها مراهقتي وانت لازلت بذاكرتي بكل تفاصيلك
كيف لي ان أنساك وانت من قتلتني و رحلت ؟
تساءلتُ بمراهقتي لماذا اخترتني انا من بين كل الأطفال و عندما كبرت ايقنتُ انني لستُ الضحية الوحيدة بين ضحاياك المقتولة
كم طفلاً قد تسببت بسلب سعادته و هتك طفولته ؟
أتعيش الآن , اتضحك أأنت سعيد
لكن تأكد يا هذا ان دعوة المظلوم مجابة و لقد كنت ظالمًا بكل الحروف
ماذا عن الآخرين ؟ , هل كانت لهم ذات ردة فعلي ؟
قد قال لي مشعل ان أغلب من مرّ بمصيبتي لجأ إلى الطريق الآخر فكان من قوم لوط مثلك تمامًا
كان متوحشًا يقتل اطفال ابرياء لاذنب لهم سوى انهم ضعفاء الهيكل و القوة
كم من طفل قد اصبح بشناعتك ؟ تضاعفت الضحايا اضعاف اضعاف
سفكت دماءهم و محوت سعادتهم و صاروا اشباهًا لك يسفكون و يمحون و زيادةً عنك يتألمون
يبكون و يخافون و لكن لا مفر فهذه النفسُ البشرية ان خالطها ما كان خارجًا عن فطرتها و اخلاقيتها التي تربت عليها
حينها قد تتجانس لتصير شرًا او تَكُونُ الزيت بالماء فهي على درب الخير و قتل الذات
كلا النفسين البشرية تقتل الذات فوق مقتلها تبكي و تتحسر و تضيع سنواتها
و لكن احدهما يبيد المحيط و الآخر يختار شخصًا كي يجعله ضحيةَ خطأ الدنيء
كما اخترتك يا معزوفة ضحيةً لخطأ هذا الشنظير .
دخلتُ بجسدي الى داخل المكتب بهذا المكان الضيق اتذكر كل ما حدث
صرخاتي التي ماتت و ضحكتي التي ذبلت و سنيني التي ضاعت
فأبكي وانا رجلٌ تربى لي الذقن و بدى علي الشيب
ليش بالضعف و لكنه الضيق .***
و ذهبتُ إلى حيث المنزل التي تقطن به أخواتي الصغيرات و كلي شوقٌ لرؤيتهن لقد طال الغياب و تشامخت المصاعب و وهبني الله رفيقة لا ولن انسى فضائلها مهما حدث و صار
أمسكتُ بالمفتاح و عيناي على حيثُ يجب ان أدخله فيفتح الباب و يبزغ الفرج , سقط المفتاح جراء انتفاضةِ يداي
فأخذتُه و عاودتُ فتح الباب فتحة ففتحان فالثلاثة إلى مصراعيه
دخلتُ و اغلقتُ الباب من خلفي و قد تكونت عقدة بحاجبي و انكمش جبيني و عيناي مشتتة بأنحاء المنزل الصغير
إبتلعتُ ريقي و قد تراود لذهني حينذاك أني لن اجدهم كما حصل لي بالحظيرة
و بتوترٍ و خوف : جيلان , نورسين و دارين
رفعتُ صوتي اكثر و خطواتي للأمام : داريــــــــن نورسيـــــــن جيــــــلان
تحجرت عيناي على اخواتي قادماتٌ حيث صوتي بجانب بعضهن البعض
فتحتُ يداي على وسعهما فإذا بهن يتلاحقن إلي واحدة تلو أخرى
بكينا حتى مل البكاء منا , شهقنا و ضاعت زفراتنا
مسحتُ على شعر نورسين و رأسي يمسح على كتفها , وبصوتٍ يخالطه البكاء : انتبهتي لخواتـ...ك
إندست لصدري أكثر ودخلت بنوبةِ بكاء: ما فيــ...ش حد بعد ماما و بعدك يئدر ينتبه لخواتي
تعبنا اوي يا شكــ....ران ممتنا راحت وماكنش في الي يواسينا ويخفف عننا ايه ده الغياب كلو يا شكران
ليه عملتي فينا كدا ماما ئبل موتها بكيت عليكي جامد كانت عاوزة تشوفك بس مـ..اتـ
سحبتُها عن صدري بقوة وانا امحي دموعها و ابكي : بـ...س كدا يا نورسين انتِ بتئتليني بالكلام ده
انا تعبت اكتر منكو يا نورسين انا مريت بزروف ما يعرفهاش الا ربنا
مدت يدها و هي تمسح دموعي على دخول جيلان و دارين
اعطتني جيلان كأس عصير قائلة : ده عصير كيوي حبيب ئلبك
مددتُ يدي وانا اشيح بوجهي بعيدًا عنها و بالكاد أمسك نفسي : خديه بعيد عني يا جيلان انا هرجع
أبعدت الكأس عني بينما قالت دارين بلا تصديق : انتي شكران ؟!
ضحكتُ على ملامحها المتغيرة وأومأتُ برأسي ايجابًا , و من ثم سحبتُ يدها حتى اصبحت امامي تمامًا و وضعتُ يدها على بطني و سكت
نظرت دارين إلى نورسين بلا استيعاب و رفعت نورسين كتفها لأعلى دلالة على عدم فهمها
فأدارت دارين رأسها إلى جيلان التي تقفُ خلفها يبدو ان الجميع لم يفهم اشارتي الواضحة
بللتُ شفتاي بلعابي و بإضطراب : انا حامل
سكن الصمت أرجاء المنزل حتى اني بدأتُ اظن انه بإستطاعتي سماع خطوات النمل !
إبتلعتُ ريقي و عيناي مشتتة بينهن أي ردة فعل كانت بالنسبة ِ لي افضلُ و أبلغُ من الصمت
فركتُ يداي ببعضهما و شعرتُ بالعار من نظراتهن فأنا قدوتهن بعد أمي رحمةٌ من الله عليها
فكيف للقدوة ان تفعل ما فعلتُ من شناعة مالذي ارتجيه منهن ان كنتُ انا القدوة ؟!
بقيت نظراتي على سُجاد الأرض و بغصة : و حياة ربنا ده كلو غصبًا عني
قالت اختي جيلان بإنفعال : ايه هوا الي غصبًا عنك يا شكران ؟! , ماما بتموت علينا وهي بتبكي عليكي
وانتي بتروحي و تتجوزي ايه الكلام ده
اغمضتُ عيني و اخذتُ نفسًا طويلاً : ما كنش بإيدي اعمل حاجة انا لو رجعت ماما كانت ماتت ئهر عليا
ما كنتش عارفة انها ماتت زعل عليا انا كنت السبب بموتها انا العار بس ده كان اوي عليا
انا كان لازم اتجوز ولا كنت نزلت اسم بابا للأرض عارفة انكو مش فاهمين عليا انا كنت ناوية اكدب عليكو
بس دلوئتي غيرت رأيي و هئولكم الحكاية كلها حتى لو نظرتكوا اتجاهي اتغيرت بإني اختكو الكبيرة الي ما بتغلطتش
انتوا نسيتو حاجة يا اخواتي بني آدام خطاء و خيرُ الخطاؤون التوابون انا عوزاكم تسامحوني و تحللوني
انتوا ما بتعرفوش الفلوس الي كنت بصرفها عليكو مش سببها شُغلانة الطبخ والخياطة اصلي دي الشغلة كانت بدخل حاجة يسيرة اوي
يدوب بيها اوفر ادوية ماما
" بنحيبٍ أردفت " أنـ...ا كنت بشتغل رئاصة بكباريه
شهقة صدرت من إحداهن و يبدو انها من نورسين لكني لا استطيع رفع رأسي و التأكد من ذلك أشعر بالخزي , بالنقص و الذل
بينما قالت دارين , بإعتراضٍ قويٍ و تام على فعلي : ده مش عزر حتى نسامحك انتي بتعرفي انك لو كنتي بتمدي يدك بالشارع كان احسن من الشغلانة دوت
انتي ما فكرتيش بماما لو عرفت ايه بيحصلها ما فكرتيش لو بابا كان عايش هتعجبو الشغلانة دي او لا
و لسى كمان عندك كلام هتئولي اتجوزتي مين و الجوازة دي كيف صارت ؟
شعرتُ ان هنالك دبابيسٌ تغرس لساني و تمنعني عن الكلام , شعرتُ ان يدًا فولاذية تخنقني عن الحديث
كم من الصعب ان تتحدث عن مساوءك امام من اعتبرك قدوةً له كم من الصعب ان تكون اسوأ قدوة
و الأصعب ان تعيش تأنيب الضمير بينك و بين ذاتك و من ثم تخبر الغير لتعيش نزاعًا آخرًا يحرقُ كيانك
رفعتُ لساني لأعلى و احسستُ انه ثقيلٌ للغاية و ان xxxxب الساعة لا تتقدم بل تتراجع للوراء والوراء
و نطقتُ بكل صعوبة و كم تمنيتُ ان اضمحل عن الناس اجمع ان لا يراني احد لأني الخزي والعار : لما كنت ارئص كان في كتير رجالة بيتعرضوا ليا
بس كنت ببعدهم عني بكل ئوة و في يوم جا الجرسون واعطاني كاسة عصير اخدتها منو وشربتها
الي ما كنتش عرفاه انو دي الكاسة فيها منوم و في راجل اخدني لعندو واعطى للجرسون فلوس
و من بعديها ما شفتش الجرسون ابدًا الراجل ده اعتدى عليا يعني يومتها فقدت بكارتي .
لقد كان حديثي هذا كبيرًا عليهن ليس لأنه العار و لكن لأن اكبرهن بآخر مرحلةٍ لها بالثانوية و البقية اصغر منها عُمرًا
ولكن يعلمن اليوم افضل من الغد حتى لا يُصدمن اكثر بحقيقة اختهن الكبيرة
تابعت نورسين وهي الأكبر بينهن : و انتي ما عرفتيش كيف هتغطي الفضيحة دي ئولتي للراجل يتجوزكي عُرفي و بعدينا هتئولي لماما انك كنتي بتحبيه وكان لازم تعملي كده
بس هوا لو كان بيحبك كان اتجوزك على سنةِ الله و رسوله
كم شعرتُ حينها انني صغيرة صغيرةٌ للغاية شعرتُ انني اتلاشى شيئًا فشيئًا حد الإختفاء
لا شيء انا سوى سراب لا شيء انا سوى نكرة لا يقبلها المجتمع المسلم
حتى اختي الأصغر مني عُمرًا احكم مني , لا تستحقُ يا أبي ما فعلته انا لقد اخفضتُ رأسك
و قذفتُ بتربية أمي بعيدًا بين كومةِ اليباب
و بإستذكار : بيوم ميلادي انا اتجوزتو
قاطعتني جيلان وهي تنطق بإنكسار : وبيوم ميلادك ماما ماتت بنص الليل
أأمي كانت تحتضر و تترك الحياة و انا بين يدي ذلك الدنيء ! نعم بمنتصف الليل كان يُقبلني حيثُ يشاء كان يزفني إلى الأجداث و الحقيقة
ان أمي نبضُ قلبي و نور دربي و سر بسمتي و فرحي هي من زُفت إلى الضريح
لا أصدقُ ما حدث أهذه عقوبةٌ من الله ِ على ما قد فعلت
تابعتُ سرد ما قد حدث بكل التفاصيل ليكونوا على بينةٍ من الأمر
أنت تقرأ
حيزبون الجحيم
Action🔸رواية حيزبون الجحيم احداثها .. ذاتَ طابع درامي بحبكة بوليسية..يغطى عليها الأحكام الشرعية وعلاقات الحُب بأنواعها ( حلال و حرام ) .. وما يترتبَ على كل علاقة ونهايتها الرواية بدأت بقضية وأد البنات والعادات الجاهلية .. والطمع والظلم .. وما سيؤول عل...