30

81 3 1
                                    

في المركز العسكري قسم مكافحةِ المخدرات بمدينةِ جدة ، بعد أدائي لصلاةِ المغرب جاء السجان مناديًا : حمداان ، تحقيق .
مشيتُ بجانبهِ يُمسك بيدي اللامبتورة ، دخلتُ إلى حجرةِ التحقيق جلستُ على الكرسي ، تحدث الملازم أحمد : كيف حالك حمدان .
أومأتُ برأسي : الحمدلله على كل حال .
بتساؤل و هو يستريحُ بظهرهِ على الكرسي : طبعًا إنت عارف إني بسألك بخصوص المبتورين مثل العادة ، المبتورين الي كانوا تحت رقابة
سمحي حصلوا أهاليهم الحمدلله ما بقي إلا أكبرهم عمر هزيم ، أما المبتورين الي عند راجي بقي منهم أربعة واحد أكبر من هزيم و طلع تحليله غير
متطابق لكن فيه ناس اليوم قالوا يبغون يسوون التحليل و ممكن يكونوا أهله و واحد منهم اليوم سوا التحليل و ينتظر النتيجة
و اثنين توهم رايحين للمركز يستلموا النتيجة ، هزيم هو الوحيد الي ما له أحد سأل أو استفسر عنه الولد يكابر كثير لكن بديت
أحس بضعفه دايمًا دمعته بطرف رمشه يمحيها على طول لازم تتذكر عنه أي شي نبي نعرف أهله على قيد الحياة و لا ميتين و لا خارج البلاد ،
ما نبي عمره يضيع كثر ما ضاع .
ابتسمتُ بحزن و أنا أتذكر هزيم الذي ترعرع بمنزلي حتى الخامسة من عمره ، لو أنه رآني حتمًا سيعرفني هو فقط يسمع حمدان و لا يدري أنه
بيومٍ ما كان يُناديني بـ " يبه " و ينادي عُشبة بـ " يمه " ، بندمٍ و حيرة على ما فعلتهُ بهِ : مرتي عُشبة كانت ولادتن بالقبيلة ،
واحدتن من الولادت ولَدَت مره و هالمره هربت و تركت من وراها وليد و بنية توم الوليد خذيناه ربيناه لمن وصل
للخمس سنين بترناه و تركناه مع بقية المبتورين ، " التقطتُ أنفاسي و أنا أتذكرُ تلك الرضيعة التي تعلق قلبي بها و لكني كابرتُ
و رميتُها للمجهول " البنية خذيتها بصندوق من شركة بو أصلان والي تسمت ذلحين شركة و مؤسسة عبدالقوي و ابناؤه و وصلتها لشركة
ماهر الي ذلحين مالها وجود ، ذا كل الي أعرفه أما إني أعرف لأي عيلة هو يكون فوالله ما دريت .

*

بعد انتهاء الملازم أحمد من استجواب حمدان شكر الضابط الذي كان من المفترض أن يحقق مع حمدان
لأن الملازم أحمد لا دخل له بمبتوري اليد فهو من قسم مكافحة المخدرات
و لكن الكاسر استأذن أحمد بالقيام بهذا الاستجواب
و قد وافق أحمد على ذلك و هذا مخالف للقانون
لأن القرار لم يصدر من المدعي العام .

***


ظهيرةَ يومٍ جديد , بندمٍ و حسرة : لما جاني هالكابوس صار يراودني هالشعور بقوة ، شعور تسليم نفسي تكفير لذنبي .
اتسعت عيناه و هو يهزُ رأسهُ أفقيًا رافضًا لما أقول : لا لا من قال كدا يا معن ، دا الكلام ما هو منطقي أبدًا أبدًا إزا كان تكفير
الزنب بدي الطريقة فليش ربي فتح أبواب التوبة لعبادو ؟ ليش ربي يغفر لعبادو ؟
بأسى و صوتٍ مبحوح : ذنب عن ذنب تفرق أنا ذنبي كبير من الموبقات السبع .
رصَّ على أسنانهُ بغضبٍ مني و يأسٍ من حالي فكم حاول اقناعي عن التزحزح عن هذه الفكرة ، التي يرآها غاية في الجنون : لا يا معن إنتا
مجنون رسمي ، الله سبحانه و تعالى فاتح باب التوبة لكل الزنوب شرط إنو يتوب العبد قبل موتو و مو هوا يحتضر يتوب زيما عمل فرعون
و شرط إنو يتوب قبل ما تشرق الشمس من مغربها لكن ماهية الزنب الي عملتو مو مهمة الأهم إنك ما ترجع لها تاني ، شوف يا معن كتير
بنسمع عن قصة الغامدية الي راحت للرسول تطلبو يطهرها ايش قالها الرسول ويحك ارجعي استغفري الله وتوبي إليه فكان كول مرة الرسول صلى الله عليها و سلم يرجعها و يرجعها
لما وضعت حملها و كمان رجعها لما تفطمو للرسول حكمة في اللي عملو لانو هيا كان ممكن تتوب لربنا توبة نصوحة ، لو كان ما قدامك
إلا أقامة الحد على نفسك كان من باب أولى الرسول صلى الله عليه وسلم خاف إنو الغامدية تخاف و تشرد و ما عاد تسلم نفسها للحد ،
الحد هادا يا معن علشان الناس تخاف و تعرف إنو دا الشي كبير و ربنا لما حط دي العقوبة حطاها لأنو دا الشي فعلا كبير ، و الحد
كمان كبير و في نفس الوقت شروطو صعبة يستلزم أربعة شهود و كمان رجاال أحرار و عدول و مسلمين ، فتجي إنتا بدل ما تستر نفسك
تروح تكشف نفسك و تقدم نفسك لا يا معن غلطان عمرو ديننا ما كان بهادا التشدد ديننا دين يُسر و رحمة و مادامها أول مرة لك
و ما قد سويتها مع بنت تانية هادا الشي بشارة خير في إنك بإزن الله ما حترجع لدا الشي تاني .
أغمضتُ عيني و سحبتُ نفسًا طويلاً عميقًا أحاول بهِ إخراج القدر الهائل من الشحنات السلبية التي تتشعبُ في قلبي و تمزقني : و البنت
الي ماتت و مالها ذنب بشي زوجتي الي يا ما قذفتها و شككت بنسب عيالي كل ذنوبي تبقى بلا عقاب !
ابتسم و بهدوء : البنت يا معن هيا الي رضيت على نفسها إنتا حتقول هيا ما كانت كدا و أنا لما قربت منها كانت بكر و أنا الي
جريت وراها لما أقنعتها بالحرام صح ؟ طيب أنا حجاوبك البنت ميتة و ما يصير نتكلم عليها بسوء لكن مضطر أحطلك النقاط على الحروف
علشان مخك الخرابة يتصلح ، البنت دي صدقني يا معن لو كانت بتخاف ربها ما عملت إلي عملتو لأنو الزنا حاجة كبيرة مرا و خصوصا على
البنت هيا ما فكرت بربها بهداك الوقت يمكن أكتر حاجة فكرت فيها أبوهاأو أمها و كيف راح تقابلهم إزا استمرت علاقتكم و مع هادا
طنشت تأنيب الضمير الي كان يجيها و طلعت معاك متصاحبة مع نفسها الأمارة بالسوء و لما اختليتوا في مكان واحد بدأ شغل الشيطان
ثالثكم و صار ما لا يحمد عقباه ساعتها أكيد البنت عرفت إنو كل الي صار بسبب خوفها من البشر لو كانت خافت من الي خلقها ما كانت
دخلت في دا الطريق أبدًا ، إنتا غلطان أكتر منها خصوصًا إنك الكبير لكن ما نقدر نقول إنها هيا الصح لا هيا كمان غلطانة و الي
يسبت كلامي إنو لما هيا ما رضيت تجيك في المرة الي بعدها إنتا أجبرتها بالصور الفاضحة إلي معاك وهيا للمرة التانية خافت من
البشر ، أقدر أقولك موقفها من الصور فعلاً كان صعب ممكن حتى الي إيمانها أقوى من دي البنت تعمل نفس عملتها لكن في المرة الأولى
كان بيدها تخبر أهلها عنك لكنها فضلت الاستمرار في العلاقة ، و مادامك شوفت الندم في عيونها فبإزن الله ربي حيغفر لها زنبها هيا
ندمت قبل ما تعرف إنها حتموت قبل ما يصير الاجهاض و يمكن قبل دي المدة بكتير ، و الحين دورك إنتا تندم و تتوب و تشيل فكرة
الحد من دماغك الخربان دا ، إنتا يا معن عندك زوجة لازم ترضيها و عندك عيال لازم تهتم لهم في ناس بحاجتك حتتركهم و تموت و طيب
زوجتك تصير أرملة و عيالك بتامى ليش ؟! ، إيش زنبهم ؟
ابتسمتُ ببهوت : زوجتي يوم الهنا عندها اليوم الي أطلقها فيه ، عيالي الأيام الي كنت فيها قريب منهم تنعد على أصابع اليد
ما بتفرق معاهم إذا غبت عن حياتهم أو انوجدت .
برفضٍ تام : غلطان يمكن إنتا صح مقصر في حق بزورتك بس هادا مو يعني إنو غيابك ما حيفرق عندهم بالعكس لما تغيب حيصير مكانك فاضي
حتى لو إنك كنت تجلس في المكان بدون ما تعمل شي يكفي إنو دا المكان فيه روح حية ، بنتك لما تنطق اسمها الثنائي ما بتنطقوا
زي كول مررة حيكون صعب عليها حتقول وينو بابا معن و ينو ليش أنا مو زي باقي البنات عندي بابا ، و ولدك لما يكبر ما حتكون
حولو إلا أمو , مامتو حتديه كول الي حتقدر عليه مع كدا حيكون محتاج لرجال قدوة و دا الرجال هوا إنتا ، جوزتك إزا إنتا ما كنت
لها بقية الأيام الجاية حتكون هيا لغيرك تعتقد إنها حتهتم للبزورة و لجوزها الجديد و بزورتها الجدد خصوصًا البنت تربيتها مش كويسة
تحت يد زوج الأم الأب غير يا معن لا تحرمهم منك توب لربي ، احتوي عيالك ، راضي جوزتك يوم يومين شهر شهرين سنة سنتين لما ترضى
زكرها إنو أبغض الحلال عند ربي الطلاق و إنك اتغيرت عن زمان و إنك ندمان لا تخلي الكبرياء حاجز بينكم دا الكبرياء يا ما و يا ما
هدم بيوت ، كون لها الزوج و الأب و الأم و الأخت زكرها بالبزورة و قولها حيتعبوا و يتشتتوا واحنا بعيدين عن بعض اصبر عليها
كتير لانها مجروحة منك كتير ، و إزا ما رضيت لا تعاند يمكن الفراق خير لكم طلقها طلقة أولى و لا تحرمها من بزورتها البزورة
حيكونوا وسط بينكم يمكن هما يرجعوا يلموا شملكم لما يشوفوا بينكم مسافة ، إزا رضيت رجعها في أيام عدتها ما رضيت طلقها
الطلقة التانية و كل واحد يشوف حياتو لكن لا تظلموا البزورة في دي الحياة .

حيزبون الجحيمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن