23

56 3 0
                                    

نظرتُ إلى الورق والتيه يحاوطُ عيني و يكبُل عقلي عن التركيز , دخلت لجحيمي ولا أستطيعُ إنتشالها
أيُ سفولٌ ذا الذي جعلني أزجُ بها بالجحيم و أرحلُ لجنتي
أهدتني جنتها لأنعم بجنتين
و أهديتُها جحيمي لتقتر بجحيمين
اقترت ناري و حملت معاها كل جميل
أيا نار كوني بردًا و سلامًا عليها
نثرتُ الورق الذي أمامي على الطاولة حتى تساقط بعضه على الأرض
و قمتُ من على الكرسي و انا أتحرك جيئةً و ذهابًا
و نارٌ تكوي صدري قبل أن تكوي جسدها الغض
رنّ هاتفي وكم بتُ أكرهُ هذه النغمة المقيتة
كم بتُ أمقتُ هذه الرنةُ التعيسة
إقتربتُ من الطاولة وأمسكتُ بالهاتف و قد كان رقمُ أحد مراقبين سمحي
رددتُ على الهاتف بمزاجٍ سيءٍ للغاية ولأول مرة أشعرُ أني أكرهُ عملي
إتسعت عيناي لهول صدمتي حالما سمعتُ صوت سمحي بدلاً من مراقبيه : الكاسر
إلتزمتُ بالصمت و عقلي يُترجم الأحداث صوته بدلاً من مراقبيه!!
ماذا حل بالمراقبين ؟!! كيف وقع الهاتفُ بيده؟!!
بغرابة و الأسئلة لا تغيبُ عن رأسي : كيف جاه هالجوال بيدك ؟
أجاب بهدوء : شفته وهو يراقبني و ضربتين و الجوال بيدي عمومًا كنت متوقع هالشي منك يالكاسر فلا تظن اني استغربت
لكن مع هذا انا جيتك بالخير قريب بتنزل بضاعة للسعودية , واليوم بقابل اوين فيس تو فيس من اول ما صار الي صار
ما شفته لكنه طلبني اليوم وبشوفه و طبعًا جهاز التنصت بيسمعكم كل شي .
إبتسامة داعبت شفتاي رغمًا عني , قريبا ستنزل شحنة للسعودية الحمدلله يارب هنا سأزج بهم في السجن
و كاميرا المراقبة ستصور أوين وسنعرفه أخيرًا بإذن الله يا هوازن لن تجلسي بالسجن إلا يومٌ أو يومين
ناداني منبهًا لي : ايه يالكاسر يلا اتركك
وقبل أن أرد أغلق الهاتف .

***

الساعة السادسة والربع مساءً , للمرةِ الرابعة أنظرُ لقفل الباب و اتأكد هل أغلقتُه أم لا
لقد أصبحتُ أخاف المنزل الذي أمكثُ بهِ , لماذا ؟ لأن أخي ينظرُ لي كزوجتِه لا كأختِه
بمجرد ما عادت ذاكرتي لقُبلته التي وضعها بشتفي حتى فركتُ شفتاي بإشمئزاز و شعور التقيء صاحبني بلا غيابٍ عني
فتحركت اقدامي للدورةِ المياه وقبل أن أصل أخرجتُ ما بمعدتي على الأرض وضعتُ يدي على إطارِ
الباب أحاول تثبيت نفسي على الأرض , إلهي ماذا سيحدثُ بعدما أفشيتُ لجهاد بالسر
أتمنى أن تصل بالسلامة إلى أرضِ وطنِك
أغمضتُ عيني و سقطت دمعتي بهوان
انا بحاجةٍ لعتمةٌ تُدثر أوجاعي
وصوتٌ يكفكفُ دموعي
و و طنٌ يأويني بغربتي في وطني
نعم أشعرُ بالغربة التي قال عنها ركاض
أشعرُ أني بغربةٍ وأنا في وطني وحولي أقاربي
لكن من هم الأقارب الذين جعلوا مني مروجةَ مخدرات !
من هي الأسرة التي جعلت مني جاسوسة !
من هو العم الذي يرضى لإبنته ان تُعاشر الرجال ليل نهار !
من هو الأخ الذي يهددُ أختُه بإغتصابها إن رفضت دور الجاسوسة !
ما كانوا إلا قساةٌ لا يشعرون
ما كانوا إلا مجرمين لا يرحمون
ما كانوا إلا أهلاً لا يغفرون
لا أشعرُ إتجاههم إلا بالكراهية وفقط
فقط
فقط .

حيزبون الجحيمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن