31

26 2 0
                                    

عمَّ الصمتُ أرجاءَ المكانِ للحظة ، حتى هزت الضحكة أعماق الصمت و رمت بهِ بعيدًا ضحكة خرجت من أعماقِ قلبها ضحكةً ساخرة مستهزئة : لا والله
يا خالتي مزنة إنتِ اليوم فيك شي مو طبيعي و لاذي الي متلزقة فيك جايبتلك الغباء قال ايش قال أنا بنت عبدالقوي يا خوفي
يطلع عبدالقوي أخوكِ و نحنا ما ندري ، سبحان الله السنين ذي كلها ما عرفت إني مو بنت ظانع و إنه أبوي عبدالقوي جاية إنتِ تعلميني
يالله يا عبقرية إنتِ ، أقول يا خالة تكفين خلينا أنا و عبودي نطلع ننام أنا توي ولدت أمس و تعبانة ، و كلامك الغبي هذا راجعي
نفسك فيه مرة و مرتين .
نظرتُ إلى عبدالقوي و وضعتُ يدي على كتفه و بدلال : يلا عبودي نطلع .
إلا أن عبدالقوي أبعد يدي عن كتفهِ بقوة و كانت عيناهُ مصوبة على تلكَّ المرأة : البنية الحُر دافنها بيدينه في القبيلة ، يخلق الله من
الشبه أربعين .
احتد النقاش حينما نطقت مزنة بصوتٍ عال : تكلمي يالصايمة هالبنية بنيتك ؟ قولي كيف خذيناها احكي .
نظرتُ إلى أمي التي كانت تبكي بصمت و تحركُ رأسها بالرفض ، حينها انتفض قلبي بشدة و ابتلعتُ ريقي و أنا أقنع ذاتي أن لا شيءَ مما
تقولهُ مزنة صحيح ، أمي هيَّ صائمة و أبي ظانع ، تحركت مزنة حتى وقفت أمام أمي صائمة أمسكتها من كتفها و هزتها : احكي يا صايمة
احكي البنية لازم تعرف هالزواجة باطلة يا صايمة ، احكي احكي .
رمت أمي جسدها على الكنبة و غمرت رأسها بخمارها الذي تمسكهُ بيدها و بصوتٍ باكي : قبل ثلاث أيام من ولادة زبيدة الله يرحمها لقيت
الحُر يدفن بنية بالتربة قليبي وجعني عليها كيف إنها حية و كاتم نفسها التراب و أنا ظانع ما كان يبي بزراين من فقرنا بذيك
الأيام ، اقربت من البنية و حفرت التراب أخرجها مسحت على وجهها و نفثت هوا عليها خذيتها معي كبرت بين يديني سميتها مارسة
و نسبناها إلنا .
كل شيءٍ بي , مشاعري معالمُ وجهي كل شيء كان يدلُ على الجمود الذي سريعًا ما تحول إلى ضحكةٍ هسترية تُعاكس تلك الضحكة الساخرة
و الوقفة الواثقة : ههههههههههههههه أمي شفيك عدوكِ يمه أنا بنيتك يمه بنيتك هههههههههههه لا جد جد عَدُوكِ أنا متأكدة إنك
مو بوعيك ان
قاطعني صوتُ عبدالقوي الغاضب : و يومك تشوفي الحُر يدفن البنية ما جاه ببالك إنها بنيتي ، الحُر كان عبدٍ لي .
قامت من على الكنبة و هي تحركُ يدها بالهواء و تبكي دموعها بوجهها و مخاطها يخرجُ سيلاً من أنفها : لا تنسى يا عبدالقوي إني كنت
خادمة ببيتكم ما شفت ساجدة حامل كيف إلك ببنية ما خطر ببالي من زوجةٍ ثانية ظنيت الحُر يخدم الغير من دون علمك ، كانت البنية
عادها رضيعة ما ظهرت ملامحها و يومها كبرت شفتها تشبه حسناء و لكني ما كنت على دراية بزواجتك إبها و حسناء من قبل ما خذيت
مارسة مالها وجود قلت يا الصايمة يخلق الله من الشبه أربعين ، مادريت " شهقت بقوة " مادريت والله إن السنين تجمع أبو مع بنيته
ما دريت .
انحنيتُ كالركوع و خرج كل ما بجوفي أرضًا بكيتُ بحرقة و مددتُ يدي إلى أنفي لينطبع الدمُ على يدي سمعتُ صوتها : بنيتي مار
تجاهلتُها و أنا أعطيها ظهري و أجرُ خطواتي للمصعد لكني شعرتُ بالدوار استندتُ بالجدار و صارت الدنيا سوداء سمعتُ أصواتهم لكني
غبتُ عن الوجود .

حيزبون الجحيمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن