25

59 3 0
                                    

كنتُ أحاول النوم رغمّ الشمس التي تُرسل جيوشها عبر النافذة لتثبتَ أنه النهار
أُحاول النوم لإبعاد أفكاري و تسؤلاتي حول هويتي
من أنهار ؟ و إبنة من تكون ؟ و كيف صرتُ في مصر ؟ ما ديانةُ أمي و أبي ؟
هل أحاول أن أكون أنهار أم أبقى مي كما أنا
و ما شعرتُ إلا بجسدٍ يلتصق بجسدي في السرير ولا أحد بالمنزلِ غيري !!!
لم يكن هناك مجالٌ للتفكير لم يكن هناك مجالٌ للإستيعاب ما كان مني إلا أن أصرخ بفزع و أبتعد لنهاية السرير
حينها وقعت عيناي على وليام أوين وعادت أنفاسي للإنتظام تدريجيًا
بينما قال وليام : جميلتي لا تخافي هذاأنا وليام , آسف لأني دخلت بلا إستئذان ظننتُك نائمة , سامحيني يا جميلتي
توكأتُ بظهري على خلفية السرير و أنا أنظرُ للسقف و أهمس بحزن : لم يتبقى لي سواك يا وليام لاتتخلى عني مثلهم إنني خائفة كثيرًا
أخافُ أنام فأستيقظ و أنا بالسجن أخاف أن أنام فأستيقظ ولا أكون مي أخافُ كل شيء يا وليام .
رسى الحنانُ بعينيه لطالما عاملتني كعشيقتك يا وليام بينما أنا أراك أخًا ينصرني دائمًا تضاجعني يا وليام بالفراش كعشيقة
و أضاجعك وأنا لا أراك سوى أخٍ لي تمنيتُ كثيرًا أن أعترف بما أشعر ولكني كنتُ أخاف أن تكرهني فتؤذي عائلتي الكاذبة عمي ربيع و أخي جهاد
و اليوم أخاف أن أعترف لك بما أشعر فتتخلى عني و تتركني بلا منزلٍ يأويني سامحني يا وليام فلا أراك سوى أخٍ لي وحسب
اقترب مني و احتضنني لصدره و هو يمسح على شعري هامسًا : سأبقى بجانبكِ إلى الأبد حتى و إن كان أبي ضدك وكل من حولنا ضدك فأنا سأكون بجانبك
و سأحاربُ الجميع لأجلك , ثقي بي يا جميلة .
على هذه الكلمات نمتُ على صدره ِ , أبحثُ عن عن عطف أبي و حنان أمي و صوت أخي و نبضات قلب ركاض .

***

منذُ ليلة الأمس وبعينيها الشرود , وجهها ذابل و شفتيها تنتفض تأهبًا للبكاء و لكنها تعض على شفتيها و تمنع غصتها عن التحرر
بقيودٍ تزيد نفسيتها سوءًا عن ذي قبل , قمتُ من على الكرسي و لكنها ظلت كالجماد ولم ترفع عينيها لي كاستجابة طبيعية لصوت الكرسي
الذي ارتد أدراجه للوراء ولكن كيف لها ان تستجيب وهي بعالم التيه تبحثُ عن ضالتها و كيف تجدُ الضالة وهي قدرُ مكتوب عليها الرضى بهِ حتى يجيء أوآنه
مددتُ يدي و احتضنتُ يدها و بصوتٍ دافىء : يلا قومي
وضعت عينيها المنطفئة التي غابت عنها لمعة الحُب و بصيصُ الأمل : وين ؟
سحبتُ يدها بقوة أشدها رغمًا عنها و استجابت لي واقفة و بعينيها تساؤلٌ عميق
سحبتها من يدها بلا صوت إلى حيثُ عباءتها مُعلقة
لكي ما تشائين يا معزوفة .

***

الساعة الثالثة قبل صلاةِ العصر , أحملُ الأكياس بيدي و أمشي بأزقةِ الحارة الشعبية اصطدم بي أحد الأطفال لتتناثر بعض الأكياس
أرضًا تأففتُ بضيق و أنا أنخفض بجسدي الذي طواه العجز أرضًا لإلتقاط الكيس اختلف الماضي عن اليوم
عندما كان الصغير يُمسك بالأكياس و يحملها مع العجوز إلى منزلها ويعتذرُ منها عما بذر منه
حينما كان الصغير يحترم الكبير ويقدره ويساعده حالما يراهُ متعبًا و مرهقًا كل شيء قد اختلف
و آمنتُ يا أخي هزاع أنك أحد هذهِ الإختلافات آمنتُ أنك بعداد الموتى و من أموات القبور لأكتشف أنك لازلت على قيد الحياة
صوتُ سيارة من الخلف جعلني أمشي بالجانب لأدعها تمشي بالزقاق الضيق
رفعتُ عبائتي الرأس حينما سقطت عن كتفي لأعيدها على رأسي و بينما أنا مشغولةُ بعباءتي سدت السيارة الطريق حينما توقفت بالمنتصف
و لكن ليس هذا ما شدّ انتباهي ما شدّ انتباهي هو خروج ظانع زوج صائمة من السيارة و يدهُ محملة بالأكياس يطرق الباب و يدخل وينلغق
الباب من خلفه ظانع للمرة الثانية أراك بهذه الحارة و لكني اليوم أراك تطرق أحد الأبواب و تدخل !!
منزلُ من قد يكون ؟ّ! ولمن تكون هذه الأكياس ؟! أيعقلُ أنهُ تزوج على صائمة !!
ماذا تقولي يا مزنة مالذي تهذين بهِ لو كان منزل زوجته لفتح الباب بالمفتاح ولم يطرقه
قد يكون منزل صديقه أو أيًا كان , توقفي عن الفضول يا مزنة كبرتي بالعمر ولازلتِ تمتلكين ذات الفضول .

حيزبون الجحيمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن