19

119 2 1
                                    

قد نقرأ عن امرٍ ما و نستمع لآخر و تتهافت الأدلة المقروءة و السمعية إلا اننا نفتقد دليلاً بصري و كأن البصر هو حــلٌ لتلك العقدة التي فتكت بقلوبنا
أُسارع خطواتي او ان خطواتي تسارعني لأرى احدًا امامي سوى جملة تحتاج لنقطة النهاية بتلك الحُجرة التي قالوا ان حبيبتي تمكثُ بها متعاطية
لم اصدقهم , لم اصدقهم بالرغم من سماعي للحقيقة على لسان ابي و اخي ناجي و بكاء والدتي و حزم رفيقي احمد
لم اصدق رغم اني سألتُ عن رقم الحُجرة بالإسم فأعطوني رقمها
لم اصدق وكل الحقائق تجول من حولي تتربص لتوقع بي في الكمين , تتركني رفاتًا لا قيمة لي
أحل جزءًا من المعضلة بجازان و هم هنا يعثون فسادًا بأقرب أقربائي واحب احبابي و اغلى ما أملك بهذه الدُنيا الفانية
على الرغم من ان وظيفتي تستوجب كل اللامتوقع إلا ان هذا الأمر من المحال ان اتوقعه ولو لبرهةٍ واحدة
لماذا اشعرُ بأن الحجرة بعيدة اكثر مما يجب ان تكون ؟! , أشعرُ بأن الدقائق تمضي سريعة و كأن اليوم يطوي نفسه وانا في خط سيري لحُجرتها
زفرتُ بضيق وانا أرى الإزدحام امام المصاعد , رفعتُ هويتي وانا اقول بصوتٍ جهور : الكاسر عبدالقوي نقيب بقسم مكافحة المخدرات , احتاج امشي بسرعة لفوق .
إبتعد البعض عن المصاعد حتى دخلت و بأصابع خفيفة ضغطتُ على الدور الثاني و كلي أمل ان كل هذا ليس بحقيقة
توقف المصعد و فُتح الباب , ممرٌ طويل يمينه ابواب و يساره ابواب وبأحد الأبواب تقبع من لا أريدها ان تقبع بهكذا مكانٍ لا يليق لسموها
مشيتُ للأمام و عيناي على الابواب اليُسرى ليس بالباب الأول و لا الثاني ولا الثالث حتى وصلتُ للسادس هذه هي الحُجرة المنشودة
طرقتُ الباب مرة و من ثم فتحته و دخلت و اغلقتُه من خلفي إستجعتُ انفاسي و قبضتُ على يدي رطبتُ شفتاي و تقدمتُ بخطواتي حتى يظهر لي السرير
و عليه إمرأة ذاتُ شعرٍ أسود تعطيني ظهرها و يبدو انها نائمة , هذا الظهر بهذا الشعر و هيئة النوم هذه لا تملكها إلا صغيرتي
نفضتُ رأسي وانا أردد بيني وبين نفسي ليس لصغيرتي ليس لصغيرتي
تقدمتُ اكثر فأكثر حتى اتضح لي وجهها نائمة بسلام , كيف لصغيرةٍ مثلها ان تكون بهكذا مكان ؟!
جلستُ على ركبتاي بالأرض ومددتُ يدي بتردد وشيءٌ ما يقول لي اني لو مددتها سأكتشف ان كل هذا مجرد خيالٍ قاتل لمؤلف لا يرحم ابطاله قط
واستطعتُ ان ألمسها و استشعر حرارة بشرتها على برودة يدي المتعرقة
هززتُ رأسي بلا , وانا أُبعد خصلات شعرها عن وجهها و انظر إلى ما تحويه ملامحها من براءة
أرحتُ رأسي على وسادتها بجانب رأسها و انفاسها تداعب رقبتي و تهز عمودي الفقري
و احداث الأمس تعود لي بقوة
" وش تخبين عني يا هوازن ؟
وش هالصداع الي مداوم عليكِ يا هوازن تبغيني آخذك المستشفى
لا ما يحتاج صدقني من قل النوم اليوم شكلي ما بروح المركز و بقضي يومي نوم الا اوقات الصلاة "
كيف لم ألحظ كل ذلك كيف ؟!! , انا استطيع تمييز الصادق من الكاذب والظالم من المظلوم
كيف لم اعرف انكِ متعاطية وضعتُ كل الإحتمالات إلا التعاطي
خشيتُ ان بكِ شقيقة او ما شابهه من داء
و نسيتُ محور عملي
" ابغى افهم كيف ما تدرين مو هاذي شنطتك الي جيتي فيها من المركز
وبعدين ذي مو اول مرة يكون عندك اشياء رجالية اول كان بداخل البيت وكنتِ تقولي الشغالة ملخبطة "
الشقراء و جملة ترددت " إذهب إلى الجحيم " .
أبي وماضيٍ يدسه عني , كل هذا مؤشرات لما قد وقعت به ِ صغيرتي
ضحيةُ غبائي اللامتناهي , فقط حينما اتذكر انها تنام بجانبي على السرير و اني لم ألحظ بها اي شيء
أشعر اني بغمرةِ الجحيم
شددتُ على يدها و من ثم رفعتها وانا أُقبل راحتها بعمقٍ و دفىء قُبْلة طويلة بطيئة تحمل كل معاني الأسف و الخذلان
لن أقول انا السبب بكل ذلك بل سأقول " قدر الله و ما شاء فعل "
لن اقول كل ما حدث بسبب حنانكِ وصفاء قلبك
بل سأقول هنالك من يريدُ ان يُوقع بنا و بشتى الطرق الممكنة
و لن اقول انا يائسٌ قنوط لما قد حدث
بل سأقول الحمدلله على كل ما حدث لعلها النهاية التي ستزجُ بهم للجحيم
"اللهم إنا نجعلك في نحورهم، ونعوذ بك من شرورهم" .
لثمتُها بعظمةِ الترقوة برفق
و من ثم غطيتُها بالمفرش
و توجهتُ بخطواتي إلى حيثُ طبيبها
هنالك بعض الأسئلة التي يجب الكشف عن هويتها .

حيزبون الجحيمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن