الفصل الحادي عشر

446 42 6
                                    


تجلس عهد برفقة صغارها بعد أن ذهب البقية إلى منزل جودي، كي يتفقوا بشأن الزيجة ويحددوا موعد الزفاف، ناموا الصغار وجلست هي أرضًا تنظر لهم بحسرة، كم كانت تود أن يأتوا في ظروف طبيعية وان ينعموا بحنان الأم والأب في تناغم وتلاحم، بدأت دموعها تتساقط بغزارة على وضعها ذاك .
إلى متى ستظل هشة يتقازفها الريح أينما شاء؟ لا تعلم إلى أين تذهب بصغارها وكل شيء مفروض عليها .

بدأ تميم في التحرك وفتح عينيه لتنظر له بابتسامة خفيفة قائلة:- حبيب ماما .

حملته برفق وأخذت تلاعبه بحنو، لتقول بدموع وكأنه شخص كبير يفهم كل ما تقول :- أنا آسفة يا تميم ليك ولأخواتك، أنا عارفة اني غلط في حقكم بس إرادة ربنا إنكم تيجوا على الدنيا، ما أخترتش صح من الأول فمش قدامي غير الاعتذار، عارف يا تميم أنا محدش بيحبني فأوعوا كمان انتوا ما تحبونيش، انتوا اللي هتعوضوني عن كل وجع شفته، سامحوني واوعوا تكرهوني .
يلا اكبروا بسرعة مش عاوزة أبقى لوحدي .

أنهت كلامها وهي تصدر شهقات مسموعة، وعلى الجانب الآخر يقف عدي بالخارج عند الباب وقد سمع حديثها، وكل كلمة نطقتها ما هي إلا سوط يسقط عليه يجلده بعنف، اعترى صدره الضيق وذهب يهرب بعيدًا، فقد أتى لرؤيتهم ولكنه هرب من كلامها .

وفي الصباح الباكر تجلس عهد بالصغار في الحديقة في معزل، تنتظر بسمة التي هاتفتها البارحة وأخبرتها  بضرورة تواجدها، وبالداخل أخذت عيني عدي تمشط المكان بحثًا عنهم ليسأل أمه بفضول :- أومال فين عهد والولاد ؟

اجابته ندى وهي تشير بيدها :- قاعدة برة في الجنينة مستنية صحبتها .

اومأ لها بخفوت ومن ثم توجه إلى هناك وتنحنح بخشونة، التفتت إليه عهد لتراه ماثلًا أمامها، لم تتحدث البتة بل وجهت اهتمامها نحو أطفالها، وكم كان ذلك قاسيًا بالنسبة لها أن تضغط على نفسها بهذا الشكل، أن تظهر للجميع إنها بخير وبداخلها خراب منتشر في شتى بقاع فؤادها، الذي أصابته غارات الوجع فأحدثت دمارًا شاملًا بداخله، ولم تترك فيه ضاحية واحدة سليمة .

ألقى عليها التحية بتوتر لتردها هي بجمود، حمل طفلًا تلو الآخر وهو يقبله بحنو، ليتركهم بعد فترة قصيرة ويتوجه إلى عمله، بينما راقبت هي طيفه بشيء من الدهشة والحيرة، هي حقًا باتت لا تفهمه وكأنه شخص آخر، غير ذلك الذي عرفته مسبقًا ووقعت في عشقه، هزت رأسها تنفض هذه الترهات، باتت تكره الحب وسالكي طريقه فقد تعلمت الدرس جيدًا .

***********************************

دلفت بسمة إلى الداخل بعد أن سمح لها رجال الأمن بذلك، وأثناء سيرها للداخل سمعت صوت طفولي يقول بحماس :- بثمة.

نظرت لها لتجدها جويرية والتي ركضت نحوها، لتحتضنها بسمة بحب وقبلتها بقوة في وجنتها، وبعدها سألتها:- متعرفيش فين النونات يا جوجو مش عارفة اروحلهم هنا .

المتاهة ( الجزء الأول والثاني)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن