الفصل الثاني

484 38 2
                                    


ليلًا تجلس ندى وهي تحمل الصغيرة جويرية، وعقلها شارد حيث يوسف ومشكلاته التي لا تعلم متى ستنتهي، هذا الفتى الذي تحمل ما لا يتحمله كل البشر، فراق والدته وتركها له منذ صغره حرمته من حنانها من أجل مصالحها الشخصية، أثر ذلك بشكل كبير في شخصيته حيث أصبح شخصًا انطوائيًا، وعلى الرغم من الجهود التي بذلوها لكي يعوضوه عما حرم منه، إلا أنه ترك نقصًا بداخله .
ولم يكتفي الأمر عند هذا الحد بل عندما كبر وتخرج أحب فتاة وأراد أن يرتبط بها، ولكن انتهى به المطاف بأنها صدته ولم تعر مشاعره أدنى اهتمام .
تزوج بزوجته الراحلة دون أي ذرة مشاعر، حمل لها الاحترام والتقدير هذا ما استطاع أن يقدمه لها، وها هو الآن يغلق على نفسه ولا يريد أن يخرج من هذا الصندوق الأسود الذي حبس نفسه فيه طواعية .

أتى فريد وقبل جبينها بحب ثم جلس إلى جوارها، ليجدها على حالتها ويبدو أنها لم تنتبه لوجوده ليلوح بيده أمام وجهها وهو يقول :- اللي واخد عقلك يا ندى !

انتبهت له أخيرًا لتزفر بضيق وهي تقول :- يوسف يا فريد يوسف مش عاجبني خالص .

تنهد بحزن هو الآخر وهو يردد :- هنعمل ايه ؟ مفيش حاجة في ايدينا إلا وعملناها، الواد دة محتاج معجزة كدة تطلعه من اللي هو فيه .

ردت بدعاء ورجاء شديد :- يارب يرزقه باللي تسعد قلبه وتشيل كل الحزن من جواه .

أردف بابتسامة واسعة :- هاتي أسلم على حبيبة جدها دي، تعالي يا جويرية لجدو.

حملها بحنان وهو يهدهدها برفق، ليدلف عدي لتصرخ الطفلة بحماس وهي ترفع يديها للأعلى ناحيته، لم يستطع عدي أن يصبر على كتلة اللطافة هذه، إذ ركض نحوها وهو يقول :- حبيبى والله وأنتِ كمان وحشتي عمك اوي تعالي يا روحي تعالي .

تحدثت ندى بتفكير :- إيه رأيك ندورله إحنا على عروسة ؟

هز رأسه بعدم موافقة ليردد :- ما أعتقدش إن دي الطريقة اللي هتمشي مع ابنك، أنا متهيألي دة يجي منه هو هو اللي يجي يقول يا ماما في حد في حياتي، لو جبتيله عروسة والسلام الله أعلم بقى إيه النتايج اللي هتكون، إنما لو عاش الحب دة ممكن ساعتها ربنا يسهل .

زفرت بضيق لتقول:- يعني هنعمل ايه هنقعد نتفرج عليه كدة كتير .

نفى برأسه بحيرة هو الآخر ليقول :- والله ما أنا عارف يا ندى أنا محتار زي زيك، سيبي كل حاجة تمشي زي ما ربنا عايز، ومتنسيش أهل شيرين الله يرحمها .

جعدت جبينها بضيق لتقول :- ما تفكرنيش دة أخت شيرين دي أعوذ بالله كأنها بتقوله أتجوزني عيني عينك كدة، مشفتش كدة الصراحة أبدًا.

ضحك عليها ليردد :- ما هي دي المشكلة ابنك لو حاول يتجوز هيلاقي دول عقبة في وشه ..

رددت بنفي :- يوسف ما بيهمهوش حد خالص، ولو تصرفوا أي تصرف هيعرف يوقفهم عند حدهم .

المتاهة ( الجزء الأول والثاني)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن