كانت بسمة تلعب مع جويرية وتضحك معها في تناغم، ولكن فجأة اختفت بسمتها وحلت محلها الصدمة ما إن سمعت صوت مي، ازداد خوفها وارتباكها بشدة، ودت لو تهرب من هنا حتى وإن أخبرتهم بشيء لا يروها ثانية، ليت الأرض تتصدع وتنشق وتبتلعها فلا تظهر ثانية، يا للهول ماذا إن أخبرته الآن يجب أن تفر الآن .وبالفعل نهضت تتحجج بأية طريقة لتغادر من أمامهم الآن، أخذت تسير بحذر كي لا يروها وهي ترحل من بينهم .
هتفت مي بخبث وهي ترى محاولتها في الفرار :- رايحة فين يا بسوم ؟
وقفت في مكانها لتقول وقلبها يقرع كالطبول من الذعر مما هو آت:- لا أبدا مش رائحة مكان أنا بس كنت رايحة أجيبلك حاجة تشربيها.
مطت شفتيها بسخرية لتقول :- كلك ذوق يا بسبس تعالي مش عاوزة حاجة أنا جاية مخصوص علشان أقعد معاكي يا شيخة، دة أنتِ وحشتيني اوي قوليلي بقى دخلتي كلية إيه ؟
بلعت تلك الغصة التي تشكلت في حلقها، وكتمت وجعها على ذلك الحلم الذي طار بعيدًا عنها، بوفاة والديها وعدم توافر المال الوافر، ردت عليها بألم وصوت بالكاد يكون مسموع من الحرج :- ما دخلتش كلية ..
رفعت حاجبها بدهشة لتردد :- معقول ! إزاي ما دخلتيش كلية ؟
ثم تابعت بتكبر :- ولا علشان مصاريفها كتير ومقدرتيش تدفعي فلوسها .ضغطت على كفها بقوة كي لا تنهض وتسحبها من شعرها وتبرحها ضربًا لتقول بابتسامة صفراء :- حاجة زي كدة يا مي .
توجهت بانظارها ليوسف لتقول :- بسمة كانت شاطرة جدا يا جو بس مش عارفة ليه ما دخلتش كلية، هو أنت مش فاكرها ؟..
طالعها بعدم فهم ليقول :- مش فاكرها! هو أنا أعرفها أصلا قبل كدة علشان تقوليلي فاكرها !
كم ألمت هذه العبارة بسمة ووبخت ذاتها كثيرًا، كيف تكن الحب لشخص لا يتذكرها حتى ؟ !
بينما طالعت مي بسمة بخبث وهي تقول :- أخص عليك يا جو إزاي كدة ؟ طب دي ....قاطعتها بسمة بوجل خشية أن تفصح لها عن كل شيء :- عادي يا مي ما تدققيش ..
تدخل يوسف والذي دفعه فضوله ليفهم هذا السر الغامض العالق بالمنتصف بين بسمة ومي، ليقول باستفسار :- عاوز أعرف إزاي كنت أعرفها قبل كدة ؟
هتفت مي بعبث وهي تحاول أن تجعل يوسف يتذكرها :- مش فاكر يعني البنت اللي خبطتها بالعربية من اكتر من تلات سنين !
هز رأسه بنفي ليقول بتهكم :- وعاوزاني أفتكر حاجة عابرة حصلت من تلات سنين ! اوڤر أوي يا مي .
ضحكت لتقول بخبث وهي ترمي كلماتها نحو بسمة :- ما أنا قولت كدة بردو أصل في ناس فاكرة هنا أنها متشافة بس يا عيني هي أصلا مش موجودة .
نظرت عهد إلى تلك الفتاة بضيق شديد فهي لم ترتاح لها منذ البداية، ومن ثم تطلعت إلى بسمة التي شحب وجهها لتنال شفقتها، لذا قررت التدخل لتنقذ ما يمكن إنقاذه لتقول بتضليل لتلك الماكرة حتى لا تقع بالكلام أمام يوسف وتخبره بأي شيء :- هروح أغير للولاد يلا يا بسمة علشان تساعديني.
أنت تقرأ
المتاهة ( الجزء الأول والثاني)
Randomنتوه في دروب الدنيا بحثًا عن الحقائق، نصل لأهداف قد تهدأ من روع أمورنا ولكن هل سنجد طريقًا أم سنظل في متاهة لا خروج منها . كوميديا دراما رومانسية كل هذا الخليط تجدونه في المتاهة .