الفصل الخامس عشر

285 39 2
                                    


لو خيرها أحد بين سقوطها من أعلى سفح جبل وبين تلك المواجهة، لكان الخيار الأول خيرًا لها من أن تجد ماضيها حاضرًا أمامها الآن.
لقد وأدت كل شيء في مقبرة ما بقلبها، ولكن رؤيتها لمي أعاد كل شيء كما السابق.
ماذا إن تحدثت أمامه ؟ وماذا سيقول عنها ؟ الأفضل أن تغادر المكان بأكمله والآن وإلا ستندم على ذلك كثيرًا.

كل هذا ما دار بخلدها أثناء وقوفها كالتمثال المنحوت، بينما طالعهم يوسف بشيء من الدهشة كون مي تعرف بسمة .
تحدث ثانية يقطع ذلك الصمت المريب الذي يخيم على الأجواء:- ما قولتيش يا مي تعرفيها منين ؟

نظرت لها بسمة برجاء شديد بأن لا تنطق بحرف أمام يوسف وتفشي بسرها، بينما هتفت مي بضحك '- دي معرفة قديمة أوي من أيام سنتر الدروس، مش كدة يا بسمة ؟

شحب وجه بسمة للغاية وكادت أن تفقد وعيها، تمنت في هذه اللحظة أن تنشق الأرض وتبلعها فلا تظهر ثانية، هتفت بسمة بسرعة قبل أن تتمادى مي في الحديث :- أعرفها لما جات في مرة تشتري فستان من المول اللي كنت بشتغل فيه .

انطلقت ضحكات مي في الارجاء وهي تردد :- بتكدبي ليه يا بسمة ! بس سؤال واحد محيرني أنتِ بتعملي إيه هنا ؟

أردفت بهدوء مصطنع:- بشتغل مربية .

رفعت حاجبها بعبث لتقول :- مربية! قولتيلي . طيب كويس أهو فرصتك جات لحد عندك، ورينا شطارتك بقى  .

بدا الحديث مبهم بالنسبة ليوسف بينما أردفت بسمة برجاء :- ممكن تيجي معايا نتكلم مش هاخد من وقتك كتير .

اومأت مي بموافقة لتخرج كلماتها الساخرة والمتشفية في آن واحد:- وماله يا بسبس دة إحنا عشرة عمر برده .

قالت ذلك ثم سارت معها لتتوقف في ركن ما وهي تقول بخوف :- ممكن يا مي متقوليش أي حاجة ليوسف، على فكرة أنا كنت عيلة يومها ونسيت كل حاجة، والبركة فيكي وفي المرحومة عرفتوني مقامي كويس .

أردفت مي بتكبر  :- كويس إنك عارفة المقامات يا بسمة، بس أنتِ كدابة علشان لو مش كدة مكنتيش جيتي اشتغلتي هنا، حركة جريئة منك واهو سالي الله يرحمها مش موجودة .

أردفت بسمة بصدق :- والله العظيم مش زي ما أنتِ فاكرة، الموضوع كله صدفة أنا أعرف أخته وهي اللي أصرت اجي هنا معاها .

رددت مي بدهشة :- كمان أخته! لا دة أنتِ مش سهلة ويتخاف منك بقى .

أردفت بسمة بهلع:- لا والله يا مي صدقيني مفيش اي حاجة من اللي في بالك دي، أنا جاية أشتغل وبس صدقيني .
أنا طلعت الموضوع دة من حساباتي بدري يا مي ياريت أنتِ كمان تطلعيه من دماغك .

مطت شفتيها قائلة بعدم اهتمام:- ماشي لما نشوف نواياكي الحقيقية يا بسوم .
أردفت بسمة برجاء شديد:- أهم حاجة يوسف ما يعرفش حاجة من دي، الله يخليكي يا مي ما تقوليش حاجة ليه، ممكن ؟

المتاهة ( الجزء الأول والثاني)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن