وقف عند المحطه وبصوت هادي يعكس النيران اللي بداخله و الوجع اللي بداخله:تبون شي
الكل اجاب بالرفض ..مشى لين ابتعد عن انظارهم لاكن قوته خارت وجثَى على ركبه يبكي بحرقه ..وقفو العيال ورى سيارته التفت لهم حاتم:لاحد يطلع
وركض لعزيز يسنده :عزيز اهدى
كان يبكي بحرقه يبكي بوجّع وخيبة:بسببي يا حاتم مات بسببي انا ذبحته انا.. ياما نبهتوني لا ادخل عايلتي فهالزفت.. حاااتم امي للحينها فرحانه فيني والحين بتبكي غيري فهمني كيف اقولها كيف اقولها ولدك ذبح اخوه كييف
نزلت دموعه على ندم عبدالعزيز احتضنه لعله يخفف من حرقة جُوفه
:عزيز اهلك لايشوفوك بهالحال لساتنا بأول الطريق لاتخليهم ينتبهون الله يخليك تماسك
وقفّه بصعوبه وشال لثمته وتوجه للحمامات غسل وجهه وتوضى ..دخل المصلى تنهد بوجع خلصّ صلاته ..وسجّد يدعي ربه-يارب ساعدني يارب كون بعوني وعون امي يارب اربط على قلبي وقلوبهم -كان حاتم يشُوف ضعفه ويحاول يكبت دموعه..وقف وبلع غصته يمشّي ويحس الثقل بروحه وقلبه يحّس الوقت طويل وكأن الدنيا توقفت للحظات مسكه حاتم يحاول يسنده لاجل يستقوى فيٍه ..التفتت وشافت حاله اللي دبّ الخوف بقلبها نزلت دموعها بضعف:عزيز فيه شي -التفت لأم عبدالعزيز-خالتي والله عزيز مو على بعضه
ام عبدالعزيز بضيق/الله يستر الله يستر وش صاير معاه
..
ركبّه حاتم السياره ..مشعل انت سوق بدال عبدالعزيز
مشعل بصدمه من حَاله:بسم الله عليه وش صاير له
فيصل:عزيز وش فيك
توتر حاتم :صاحب لنا فالداوم استشهد
بحزن ووجع:الله يرحمه يارب راح للي ارحم مني ومنك ادع له بالرحمه والله يصبر قلب امه واهله
رفع نظره لحاتم وابتسم بوجع وكأنه يحكي بعيُونه الوجع اللي ماقدر ينطقه ..بهمس:آمين
طلع مشعل وراح لسيارتهم ..وانهلّت عليه الاسأله عن عزيز وحَاله وخبرهم باللي صار .. بس كانت متأكده ان هالشي اكبر من اللي قاله لهم حاسه فيه وحاسه هالوجع كبير على صاحب ..تحس الطريق طَال وكأنها ايام مو ساعات قليلة وصلُو البيت ..والتفت وراها بس ماشافت سيارتهم :مارح يجي عزيز
مشعل:مدري وين راحو ضيعتهم
ام عبدالعزيز:الله يصبره يارب ويربط على قلبه والله كسّر قلبي
هناي:يمه احس الموضوع كبير ولا ليه يخلينا نعطيه جوالاتنا
وبدات تساؤلاتهم على فعلّه..عقدت حواجبها وتحجرت الدموع بعيُونها وكأنها عرفت الموضوع اللي حاول يخبيه عليهم..طلعت جناحها وانصدمت من منظر البيت المتكسر شغلت جوالها واتصلت عليه مرتين وثلاث بس مارّد ..
..
حاتم برجى/عزيز الله يخليك لاتدخل انا بدخل واتعرف على الجثه بس انت لا الله يخليك
التفت له وعيُونه يطلع منها الشرار:لاتناقشني بهالموضوع مارح يدخل غيري
مسح وجهه بتوتر يستذكر كلام القايد عمر-للاسف حتى جثته ماقدرنا نتعرف عليها من الحروق اللي بسبب الحادث- يناظره بوجع بس كان لازم يعرف إن الجثه متشوهه كُلياً:عزيز الجثه -بلع ريقه بوجع-للاسف مشوهه ومارح تقدر تتعرف عليها
فتح باب ثلاجة الموتى متجاهل كلام حاتم..كان مغطى بالكفن الابيض اقترب منّه رغم اطرافه اللي ترتجف مّد يده يبعد الكفن تجمّدت اطرافه من شافه رجع خطّوه بصدمه من المنظر اللي يُقشعر له الابدان ..دخل حاتم يسحبه بقسوه:اطلللع انت ماتفهم اطلع
دفّه بقسوة يطلعه من المكان ..كان وجهه شاحب اطرافه متجمده عيُونه ذبلانه ..حاتم :عزيز تسمعني عزيز ناظر عيُوني
كان يناظر الفراغ وعيُونه متحجره بدموعها ..كان يشُوف رجى حاتم ومحاولته بإنه يرجعه للواقع لاكن المنظر اللي شافه كان كفيل بإنه يبعده عن الواقع ..رفع نظره:والله لا اشرب من دمه
بحده:عبدالعزيز اصحى على حالك وش بتسوي
رفع حواجبه بعصبيه وتحدي:والله لا اخليه يتمنى الموت ولا يلاقيه وقول عزيز ماقال
طلع بخطوات غاضبه والحقد والانتقام اللي تولد بداخله كل مالّه يكبر ..حاتم بعصبيه من وراه:عبدالعزيز لاتتهور وتخلينا نخسر شي حاولنا نبنيه من سنين
عبدالعزيز:هذا كل ماله يتمادى صدقني ياحاتم راح اخليه يندم على الساعه اللي فكر فيها يلعب معاي
حاتم بغضب مسكه من ياقته :انت انهبلت وش بتسوي بتخلينا نخسر كل شي بتخليني اخسر فرصة اني بيوم القى هديل
دفعه عنه بقسوه:مايهمني لقيتها او مالقيتها
ضربه كف لعلّه يصحى من اللي فيِه:اصصصحى على حالك ومن اليوم ورايح انت معفي من هالقضيه
باستنكار:تعفيني من القضيه؟
حاتم:انت تماديت كثير وتماديك هذا راح يخلينا نخسر سنين تعب
مسح وجهه بعدم صبر:لاتعفيني لاتذبحني بهالشي حاتم
رفع اصبعه وبتهديد:اذا رجع عقلك لراسك وقتها نتفاهم
..
طلع من المستشفى يناظر حوله بفراغ ..كيف بيخبرهم هالشي كيف بيقدر انه يكسرهم بهالشي ..جلس فالكراسي اللي قبَال المستشفى يحّس وكأنه جثه هامده يشوف الناس من حوله اللي يضحك واللي يبكّي ..حّس فيه يجلس بجنبه :فاهمك وعارف الحرقه اللي بداخلك ..بس وش بيدنا نسوي غير اننا نسلمه للدولة تحسب انك لو تذبحه راح تهدا النار االي بداخلك لا ابد راح تزيد النار وودك لو تمحي كل شخص يرتبط فيِه ..ماودي اقولك هالشي وازرع الامل بقلبك وعقبها تتحطم وتنكسر اكثر ..بس للحين ماتأكدنا الجثه اذا كانت لاخوك صحيح معاه اثباتاتته بس هذا مايعني إنه ممكن يكون خالد
التفت له بأمل:سويتو له تحليل؟
حاتم:لا الحين يبون منك دم يحللون العينات ببعض
سكنت ملامحه والتفت له:في أمل؟
رفع كتوبه بعجز..وقفو ودخلو للمستشفى سحّبو منه دم
الممرض-:النتيجه راح تاخذ يوم
اعتدل بجلسته :وش تقرير الطب الشرعي
الممرض:للحين ماتأكدنا من شي بس اللي توصلو له إن تقدير عُمره بين ٢٦للى ٢٨
عقد حواجبه باستنكار:كيف ٢٦ولا ٢٨ مو متأكدين انه اصغر
الممرض:مستحيل انه اصغر من ٢٦ ..عن اذنكم باقي المعلومات الطبيب بيقولها لكم
طلّ عليه حاتم:خلصت؟
كان عبدالعزيز متجمد وبانت الابتسامه على ثغره رفع نظره لحاتم وعيُونه اللي تلمع بدموعها:حاتم
سكنت ملامحه من حاله اللي تبدل اقترب منه :وش فيك
وقف ومسّح على وجهه بهدوء مشاعره تضاربت وصار يضحك وعيُونه تبكيه..مسك كتفه وبخوف:عزيز انت بخير؟
مسح دموعه وبضحك:يقول مستحيل انه اصغر من ٢٦
عقد حواجبه باستنكار/انت وش قاعد تقول
مسك اكتافه يهزها:اقولك الجثه مستحيل انها اصغر من ٢٦
كانت الصدمه بانت على ملامحه:بس خالد اصغر صح؟
هزز راسه بالايجاب:اصغر من وجد ووجد عمرها ٢٥
استهلت الفرحه على وجهه :انت متأكد الممرض قالك كذا
مشى عبدالعزيز تاركه متوجهه لطبيب الشرعي اللي ماسكه حالته..دخل عليه:السلام عليكم
الدكتور بصدمه:وعليكم السلام انت من سمح لك تدخل
عبدالعزيز برجى/ماعليك من سمح لي بس بسألك شي واحد واطلع
الدكتور بعصبيه:لو سمحت اطلع برا
اقترب منه:انت الي ماسك حالة خالد سلطان بسألك بس عن العمر المقدر للجثه
زمجر بغضب وصرخ بصوت عالي:اطلع برا اقولك
ضرب بكفه على الطاولة بعصبيه:بتقول لي غصب عنك
رفع سماعته :نادو لي الامن حالاً
دخل حاتم بهيبته وثقته :السلام عليكم معاك اللواء حاتم فهيد وانا المشرف على هذي القضيه وكل سؤال طرحه عليك الاخ عبدالعزيز تجاوبه الآن
بلع ريقه بخوف:بس
رفع اصبعه بتهديد وحّده:اللي قلت لك يصير
تنهد بضيق:قلت لي وش اسم الحاله
عبدالعزيز:خالد سلطان
فتح الملف وعقد حواجبه من تذكر شكل الجثه:ايوه الحاله حادث مروري واحتراق سيارة ممما ادى الى الوفاة فور الحادث
عبدالعزيز:كم العمر المقدر للجثه
الدكتور:تقريباً بين ٢٦الى ٢٨
غمض عيُونه وتنهد براحه:يعني مستحيل يكون اصغر؟
الدكتور:مستحيل لان الاحتماليه يا تكون ٢٦ او ٢٧ او ٢٨ فقط
جلس على الكرسي بأريحيه مسح وجهه بكفوفه المرتجفه غمض عيُونه يتمتم بهمس-يالله لك الحمد والشكر يالله لك الحمد-