لينا طلعت من المكان وهي تركض بكل سرعة، قلبها ثقيل، والعقل مشوش، ما كانت قادرة تتحمل ما صار. تركت المكان خلفها، وكل مشاعرها كانت متلاطمة. وصلت للكوخ، دخلت بسرعة وجلست مع خلود ولولو اللي كانوا مستغربين من تصرفاتها.
خلود ولولو لاحظوا التوتر الواضح على لينا، اللي كانت شايلة هم كبير. لينا جلست معهم على السرير، وجهها شاحب وعيونها مليانة حيرة.
"وش صار؟ ليش تعبانة كذا؟" سألته خلود بقلق.
لينا شالت راسها وأخذت نفس عميق، قبل ما تبتدي تشرح لهم: "سديم... هي قالت لي... قالت لي إنّها تحبني، وقالت كل شيء... كل شيء كان غريب، حسيت كأنّي... ما كنت جاهزة، ما كنت متوقعة هذا أبداً."
لولو حركت راسها بحزن وقالت: "لكن لينا، أنتي ما تحبينها؟"
لينا هزت راسها بسرعة وقالت: "أنا... ما أدري، كل شيء صار سريع جدًا. ما كنت مستعدة لشيء مثل هذا. سديم بالنسبة لي كانت دايمًا صديقة، مو أكثر من كذا. الآن شعرت إني ضيعتها، وما كنت أعرف كيف أتعامل مع مشاعري."
خلود كانت صامتة، تحاول تقدر مشاعر لينا، لكن لولو تابعت وقالت: "يعني... هل تتوقعين أنكم بتكونون نفس الشي؟ أو أنتِ لسه مرتبكة؟"
"أنا مرتبكة بشكل كبير، لولو. ما كنت عارفة كيف أتصرف. مشاعري تجاه سديم كانت دايمًا صداقة، لكن... اللي صار خلاها صعبة عليّ."
في هاللحظة، سديم كانت راجعة للكوخ بهدوء غريب، ما كان في كلمات على لسانها، بس كانت مشاعرها تتصاعد. دخلت الغرفة بهدوء، أخذت أغراضها بسرعة وكأنها في حالة من الصمت التام. كانت مشاعرها ثقيلة، وما كانت قادرة تبقى أكثر في المكان.
سديم ما قالت شيء، بس كانت عيونها مليانة من الألم، أخذت حقيبتها وخرجت على الفور. قبل ما تسألها خلود أو لولو عن شيء، كانت على الطريق. وكانت السيارة اللي جابها لها السائق "الدريول" في انتظارها. ما كان في كلمة واحدة بينهما، كل شيء كان صمت، وحتى السيارة كانت تمشي بسرعة وكأنها تهرب من كل شيء، من المشاعر، ومن الواقع، ومن كل شيء كانت تحاول أن تواجهه.
سديم قررت الابتعاد في هذا الوقت، لأنها ما كانت قادرة على مواجهتهم ولا نفسها، ولا حتى مشاعر لينا اللي كانت تقلب حياتها كلها.
طول الطريق، كانت سديم جالسة في السيارة، عيونها شاخصة قدامها لكن عقلها مشغول بشيء آخر. لأول مرة في حياتها، ما كانت عصبية، ما كانت متوترة ولا حتى مستعدة للدفاع عن نفسها. كانت هادئة بشكل غريب، مع شعور غريب داخل قلبها. لأول مرة، ما كانت تحس بالتحدي أو القوة، بل بالعكس، كانت تحس بحزن ثقيل يثقل صدرها، وكانت مشاعرها متخبطة بين الشفقة على نفسها وبين الألم الذي كانت تحاول تتجاهله.
أنت تقرأ
عيـنا الجانــي!
Fantastikمحامية بارعه تتقاطع حياتها مع شابة غامضة تدخل مكتبها كمُتدرّبة. ماضيها المظلم يطل برأسها شيئًا فشيئًا، بينما عيناهما تلتقيان في ظلال سر دفين يهدد بكشف المستور.