بـ 40 / النهایة

316 40 14
                                    


لولو وخلود كانوا يحضنون سديم بحنان، وهي واقفة في مكانها، جسدها كله تجمد وما تتحرك، بس دموعها اللي كانت تنزل بغزارة على خدها، كانت تفضح اللي في قلبها. ما قدرت تقول ولا كلمة، كانت بس واقفة مثل التمثال، كأنها في عالمها، ما تقدر تتحمل الهم اللي في صدرها. أما لينا، غادرت المكان تمامًا، كأنها ما كانت موجودة، وجهها مليان تجاهل، حتى نظرتها كانت فارغة، وما كان عندها أي رغبة في المشاركة أو حتى النظر في اللي صار. كان واضح إنها تحاول تهرب من كل شي، وكأنها ما تقدر تتحمل الموقف

البنات حاولوا بكل جهدهم إنهم يخرجون سديم من صدمتها، يحاولون يتكلمون معها، يحسون فيها، بس كانت ساكتة وما في أي رد فعل منها. عيونها شاخصة في الفراغ، وكأنها في عالم ثاني. خلود ما قدرت تتحمل الوضع، رفعت يدها وضربتها كف على وجهها، كانت ضربة مو بس لوجهها، كانت ضربة لصدمتها، عشان تصحصح وتفوق من حالة الضياع اللي هي فيها. لكن سديم، وبكل هدوء، اكتفت بالصمت وما قالت شي، كأنها فقدت القدرة على التعبير عن نفسها. في النهاية، رجعت للبيت، خلود ولولو وراها، مشيت وراها بحذر، لكن ما كان في كلام بينهم، الصمت كان هو الحاكم.

دخلت سديم البيت، وما قالت شي، ولا حتى التفت يمين ولا يسار. راحت لغرفتها على طول، وراحت نامت. هذا كان كل اللي سوت، كأنها تبغى تهرب من كل شي، تبي تهرب من الواقع، من كل شيء صار. وسط نظرات خلود ولولو اللي كانوا واقفين في الصالة، كانوا ما يعرفون وش يسوون؟ هل يواسون سديم ويحاولون يوقفون معها؟ ولا يواسون نفسهم؟ كانوا في صدمة، صدمة ما كانوا يتوقعون يعيشونها، وش اللي صار هذي اللحظة؟ كل وحدة منهم كانت عايشة صدمة تختلف عن الثانية، والكل فيهم يحس بالألم، ويشوف الدنيا بتتقلب عليهم

كانت خلود ولولو جالسين في الصالة، يطالعون بعض في صمت، وكأن كل وحدة منهم كانت غارقة في تفكيرها، تحاول تستوعب اللي صار. فجأة، لولو كسرت الصمت وقالت بصوت مشوش وحزين:
"معقول؟ فيه إنسان يسوي كذا بحد يحبه؟ وليش والله؟ عطتها عيونها، ما كان في داعي!"

خلود نظرت لها بصدمة، كأنها لسه ما استوعبت الكلام، وبعد لحظة من السكوت، ردت وقالت:
"ما أدري، لولو... يعني كيف ما فكرت؟ كيف تسوي كذا لشخص كانت تحبه؟"

حست خلود بشعور مختلط بين الألم والغضب، وغمضت عيونها لفترة قصيرة، وكأنها تحاول تهدئ نفسها. بعدها قالت:
"عطتها عيونها... والله 

لولو كانت للحين في حالة ذهول، وعينها كانت مليانة تساؤلات، وقالت:
"يعني كيف نتعامل مع هالشي؟ شنسوي؟"

خلود أخيرًا ردت بجدية، وكأنها حاولت تلاقي حل، وقالت:
"ما أقدر أفهم... بس كل اللي نقدر نسويه الحين إننا نكون جنبها، حتى لو هي بعيدة عنا، ننتظر لما تكون جاهزة تفتح قلبها. بس أنا متأكدة أن اللي صار مو نهاية الدنيا."

عيـنا الجانــي! #اكتملتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن