الفصل الرابع والثلاثون

1.2K 156 28
                                    

"لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك "

أحببتهُ وأسكنتهُ شرياني..
ولكن ماذا فعل ياساااادةة؟؟
جعلني أحترقُ بنارِ هواه..
وأقامَ معي معاركَ الغرور..
ألم يكتفي لحرقِ قلبي؟..
بلى!!
جعلني غربتهُ الهوجاء..
أخبروهُ إن كان هو آدم..
فأنا حوَّاء التي أخرجت آدم من جنَّةِ الخلدِ والبقاء..

اقتربَ منها مبتسمًا:
بلى سيدةُ الكون..

ماذا لو أخبرتُكِ أنَّي أُحِبُّكِ؟!
وتماديتُ حتى
ضعتُ خلف همسِ
                شفتيكِ

فأنا يا حبيبتي كلَّما تمنيتكِ..
يرحلُ نبضي ليخفُقَ تحتَ
                          ضِلعيكِ

- ألم تسمعينَ قولَ المُتنبي :

لا السيفُ  يفعلُ بي ما أنتِ  فاعلةٌ
ولا لقاءُ عدوَّي مثلَ لُقياكِ
لو باتَ سهمٌ من الأعداءِ في كَبدي
ما نالَ مِنَّيَ ما نالتْهُ عيناكِ
فماذا ستفعلينَ بي ياحوَّاء
وأنا الذي أريدُ أن أدُّسكِ بين قلبي ونبضه..
فما ذنبي إن كانت النفسُ أمَّارةٌ بالشوقِ إليكِ

بمنزل ميرال

ظلَّت بمكانها جالسة، تنظرُ بضياعٍ حولها، و رغم أنَّ عقاربَ الساعة لم تخطُ سوى بضعِ دقائق، ولكنَّها شعرت وكأنَّهُ دهرًا كاملاً، احتضنت ركبتيها تحاولُ أن تلملمَ شتاتَ نفسها، تنظرُ بعيونٍ شاردةٍ ضائعة، عيونا أُطفئَ بريقها للأبد..أفكارها تتصارعُ في رأسها، لكنَّها تعودُ لنفسِ الحقيقةِ الموجعة: لقد تلاعبَ بمشاعرها، عبثَ بقلبها كدميةٍ بين يديهِ ثمَّ ألقاها دون رحمة.

انسابت دموعها كأنهارٍ جريحة، كلَّ دمعةٍ كانت تحملُ عشقهِ المؤذي، كلَّ قطرةٍ كانت ترتجفُ بأسى كلَّما تذكَّرت همسهِ المسموم، كلماتهِ التي كان ينسجها حولها كشرنقةِ حب، ثمَّ فجأةً تحوَّلت إلى قيودٍ تخنقها..وضعت ذقنها على ركبتيها، وأطبقت على جفنيها بشدَّة،  تحاولُ مسحَ بصماتهِ التي تركها داخلها..كيف لها أن تنسى دفءَ أنفاسهِ حين كان يهمسُ لها بعشقهِ الأبدي؟ كيف لهذا الدفء أن يتحوَّلَ إلى بردٍ قارسٍ ينهشُ عظامها الآن؟

صوتُ كلماتهِ ما زال يتردَّدُ في أذنها، ورغم أنَّها كانت ناعمة، عذبةً بعشقها، إلَّا  أنَّها أصبحت الآن كالسُمِّ يسري في روحها ببطءٍ قاتل..كانت همساتهِ فيما مضى تعويذةُ حب، أمَّا الآن، فهي لعنةٌ تحيطها بسحرٍ أسود..لمستهِ التي كانت دفئًا يحتويها، لكن الآن، كلَّ ذكرى منه تشبهُ أشواكًا حادَّةً تنغرسُ في جسدها، تمزِّقها بلا رحمة، وتتركُ على روحها جروحًا تنزفُ ألمًا لا يندمل.

شهقت شهقةً مرتجفة، كأنَّ الهواءَ صار سكِّينًا يجرحُ صدرها، وتنهيدةٌ باردةٌ أفلتت منها وهي تظنُ أنَّ هذه المرَّة نحرها بسكينٍ بارد، لا دماء تُرى، لكن الجرحَ في أعماقها لا يلتئم.

وفجأة، اخترقَ صمتها صوتًا باسمه..
-إلياس…

انتفضت، واتَّجهت إلى النافذة، عيناها الغارقةِ في الدموعِ تلتقي بترجُّلهِ من السيارةِ سريعًا، ونداءُ أحدهم باسمه، لكنَّه كان يتجوَّلُ بعينيهِ على المكان، كجندي حارسٍ للحدود، يبحثُ عن عدوه..استدارَ للذي يناديهِ واقترب منه:
-المكان يتمشَّط حلو، مش عايز دبانة تعدِّي من غير علمي، قالها وصعدَ للأعلى على رنينِ هاتفه:
-أيوة اسحاق باشا..على الجانبِ الآخر وبالقربِ من منزله:
-مش قولت متعملش حاجة بدون علمي ياإلياس..توقَّفَ عن الحركةِ واستدار ينظرُ بكافةِ الاتجاهاتِ مرَّةً أخرى:
-حضرتك اللي بعت الرسالة مش كدا؟..
-فيه ساكن قصادك، خلِّي بالك منه، وبلاش تهور، طول عمرك عاقل يابنِ السيوفي، ولَّا المرة دي أقولَّك يابنِ الشافعي.
كوَّر قبضته يضغطُ عليها بعنفٍ وأجابهُ بنبرةٍ حادة:
-متأكد إن حضرتك ورا هروبه المرَّة اللي فاتت، ومتأكد برضو إن حركتك الليلة دي علشان توقَّفني، بس بقول لحضرتك، أنا خلقي ضيَّق ومابحبش اللي بيدخَّل في حياتي الشخصية ياباشا، مع احترامي لشخصك.
-وأنا كرئيسك بأمُرك ممنوع الاقتراب من راجح ياحضرة الظابط، سمعتني ولَّا ولأ.. ولاأغيَّر نظرتي فيك...قالها وأغلقَ الهاتف ممَّا جعلَ الآخر يستشيطُ غضبًا، جلس على المقعدِ ينظرُ أمامه بشرود، قاطعهُ رنينَ هاتفه:
-إلياس عملت إيه؟..فيه حدِّ عندك في البيت فعلًا؟..تذكَّر شيئًا فتوقَّفَ سريعًا إلى سيارتهِ قائلًا:
-أرسلان خلِّي بالك من ميرال، لم ارجع ..قالها وأغلقَ الهاتفَ نهائيًا، ثمَّ قادَ السيارة متَّجهًا إلى وجهته، التي ستكشفُ له الكثير والكثير..

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: 2 hours ago ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

شظايا قلوب محترقةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن