السادس والثلاثون

19.4K 864 134
                                    

"اللهم استرنا فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض عليك "

"أنا العاشق الذي لا يتوقف عن الحكي... لكن حين أراكِ، تُصبح كل الكلمات مجرد عبء، والصمت صلاة."
وان فقدتك فليس لدي ما اخسره اكثر ..
وان بقيت فلا شيء قد اتمناه بعدك ..
صرت أراك حين لا أراك
تباً لقلب صار يهذي من هواك
أيكون عشقي طرف من جنون
أهو جنون إن لم أرى في الدنيا سِواك ؟


قبلَ قليل توقَّف بجوارِ أرسلان وعيناهُ تتجوَّلُ بالمكان، وهو يتحدَّثُ إليه:
-يعني ممكن ماتعيَّدشِ هنا؟..
نفثَ سيجارتهِ وأومأ له، ثمَّ أردفَ بنبرةٍ ثقيلةٍ لا يعلمُ لماذا يشعرُ بالرَّيبة:
-إلياس خلِّي بالك من غرام طول ماأنا مش موجود، أنا وصِّيت عليها إسحاق وعارف أنَّه مش هيقصَّر معاها، بس أنا حاسس إنَّها أخدت على ميرال بسرعة، علاقتها هيَّ وملك حلوة بس مش زي ميرال، فاهمني؟..
ربتَ على كتفهِ وأومأ له قائلًا:
-متسافرشِ لوحدك لو عايزني أسافر معاك..قاطعهُ دون تكملةِ حديثه:
-لا طبعًا، تسافر فين؟..دا شغل، يعني الغلطة بموتة، والدنيا كويسة إن شاءالله، فيه واحد من فريقي واخده معايا..
استدارَ إلياس مستندًا على السياجِ الحديدي:
-أنا مش قادر أنسى أوَّل مرَّة اتقابلنا فيها هناك، كنت ممكن تتكشف..
-علشان غلطت واتسرَّعت في حاجة، متخافشِ عليَّا وبعدين دي أقدار، لولا الغلط دا مكناش قرَّبنا من بعض، أنا فاكر علاقتنا مكنتش أحسن حاجة..
استدارَ إلياس بعينيهِ على زوجتهِ مجيبًا:
-علشان شغلنا مش واحد، فكان صعب إنِّنا نتعرَّف أو نقرَّب من بعض..المهم اسمعني كويس، رؤى اتفقت مع راجح على حاجة، وأنا مش عارف إيه هيَّ، بس في نفسِ الوقت خايف منها منكرشِ دا، هيَّ كانت عايزة تسيب البيت بس أصرِّيت تفضل تحتِ عين أمِّي، وخصوصًا بعد ماعرَّفت بابا بزيارتها، مقدرتش أقول لماما، إنتَ عارف ممكن تعمل إيه..
لفتَ نظرهِ أخذُ رؤى ليوسف وتحرِّكها به، ظلَّت نظراتهِ عليها مرَّةً وعلى ميرال التي وصلت إليهم:
-هنتمشَّى شوية في البازارات اللي هنا، يوسف مع رؤى أخده ولَّا هتخلِّي بالك منُّه؟..
-متبعديش عن الحراسة..
-حاضر..قالتها وخطت خطوتينِ إلا أنَّهُ قبضَ على رسغها وسحبها إليه:
-ميرال تليفونك فين؟..
-تليفوني، ليه؟..في الشنطة، عايزه؟..
-خلِّيه في إيدك، ومتبعديش زي ما قولتلك..
-حاضر، متخافش هشوف الأنتيكات دي، شكلها عجبني، لو مش عايز أتحرَّك خلاص..
-لا، روحي بس خُدي بالك من نفسك..
ابتسمت وأومأت بعينيها:
-متخفشِ عليَّا حبيبي مش هبعد..
-حبيبك وفي الشارع، روحي ياميرال بدل ماأغيَّر رأيي..استدارت وتحرَّكت متَّجهةً إلى غرام تشعرُ بالسعادة وتدعو من الله أن يديمها عليها..
عانقت ذراعَ غرام التي رمقتها مبتسمة:
-مالك يابنتي؟. اللي يشوفك كدا يقول فازت باليانصيب..
-أعمل بيه إيه ياغرام اليانصيب دا من غير روحي..توقَّفت غرام عن الحركة تنظرُ إليها متسائلة:
-حاسة بكدا، اتصالحتوا مش كدا؟..
خطت وعيناها تلمعُ بالسعادة، وقلبها ينتفضُ بالعشقِ تهزُّ رأسها:
-مش موضوع اتصالحنا، الموضوع أكبر من الصلح، أصل ممكن تكوني زعلانة وتتصالحي وحياتك تفضل زي ماهيَّ، بس إحنا داوينا بعض، كلِّ جرح في قلوبنا التاني دواها، شعور حلو على أدِّ ماحسِّيت بمرارةِ الفراق بس نسيت كلِّ حاجة، كأنِّي فقدت الذاكرة وبأنِّب نفسي وبعاتبها على كلِّ دقيقة مستمتعش بيها.
-عندك حق ياميرال، أنا في أوَّل جوازي تعبت..بس قرَّرت أبني حياتي بنفسي من وقت ماتأكِّدت من حبِّ أرسلان ليَّا..
غمزت ميرال بعينيها:
-أرسو دا عسل يتحب من غير حاجة، خلِّي بالك منُّه يابت..
-بت، وعسل وأخلِّي بالي من جوزي، طيب لاحظي أنا بغير..

شظايا قلوب محترقةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن