**((2))**

20.4K 938 88
                                    

((ومضات من الماضي))

ركض الصغير تجاه شقيقته النائمة وصرخ بها :
-انهضي أيتها الكثولة ثنتأخر"
وبدأ يهزها بعنف لتستيقظ،شعرت بانزعاجٍ شديد ودفعته بعيداً عنها:
-أتركني يا ولد..أريد أن أنام.
-أنا ولد يا ثمكة القرث المتوحث!!
نهضت تلك الصغيرة فجأة بشعرها المبعثر وقد استبد بها الغضب ونادت بأعلى صوت:
-سأريك يا داني ،أمي يا أمي.
جاءت والدتها مسرعة على صوت صراخها العالي تتسائل بقلق:
-ما بك يارا لما الصراخ.
-إن داني ينعتني بسمكة القرش المتوحش مجدداً.
خطت الأم إلى داخل الغرفة وقالت مؤنبة :
-كم مرة علي أن أخبرك ألا تصف أختك بهذا اللقب داني ؟
وسحبته من يده لتخرجه من غرفتها فوقفت يارا قربه دون أن تلحظ والدتها وقالت بمكر :
-يا ذا اللسان الأقرط"

****

وفي الصالة تقدمت رزان من ابنتها ، مسحت على شعرها بحنو بالغ وهمست :

-أحزري ماذا صغيرتي.

نظرت يارا لعيني والدتها لتكمل حديثها:

-ستذهبين إلى نادي الباليه اليوم بعد المدرسة "

حدقت يارا باتساع بعينيها البحريتان و قالت بعدم تصديق: حقاً !.

أومأت لها رزان فصرخت بقوة:

- أحبك ماما.أنتِ ...أنتِ أعظم ماما في الدنيا .

نفخ داني ماطاً شفتيه الصغيرتين ثم قال:

-هيا يا بنت ثتوبخني المعلمة إن تأخرت.

-حسناً الحقي به حبيبتي ، داني اعتني بها جيداً .

-حاضر ماما .

قبلتها وركضت تتقافز خلف توأمها لتلحق به.

اقترب جابر من زوجته وعاتبها فهو بالكاد يستطيع تأمين احتياجاتهم ومتطلباتهم لا يستطيع تحمل عبئٍ آخر فوق كاهله ،لكن رزان تعرف جيدًا شغف ابنتها برقص الباليه، هو حياتها وحلمها الذي لن تسمح لأحدٍ بأن يسلبه منها ، لذلك ربتت على كتفه وطمأنته بأنها ستتصرف ، وهاهي بعد مغادرة زوجها دخلت غرفتها وحملت صندوقاً قديماً وأخرجت منه قلادةً ذهبية.

تأملتها لبرهة فدمعت عيناها حزناً فهاهي ستضحي بآخر ذكرى من والدتها في سبيل تحقيق حلم صغيرتها .

تنهدت وقد استرقت نظرةً أخيرة للقلادة قبل أن تذهب إلى السوق لبيعها.

*********

يقولون أن الرقص هو قتال من نوع آخر أكثر عمقاً وصدقاً فيه تنخلع عنك كل القيود وتتحرر بنفسك وجسدك ، وهاهي الآن قد شغلت الموسيقى المعتادة وعاودت الرقص، انسجمت كلياً بها وبدأ شعرها  الذي لم تعقده كعادتها في التدريب يتطاير معها بكل حرية، بفستان باليه بسيط ذا لون وردي ناعم بشريطةٍ كبيرةٍ على ظهره، اندمجت لدرجة أنها لم تلمح رواد الذي اتكئ على الباب ناظراً لها وعيناه تتراقصان فرحاً لرؤية شغفها الجميل فيما تفعل، ببساطة كان مجرد رؤيته لها على هذه الحالة لوحة متكاملة لا يمل النظر إليها ...

الرقصة الأخيرةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن