**((15))**

7.9K 553 37
                                    

وبالوقت الذي كان به رواد يكاد يجن من غيرته ناظراً إلى الساعة كل حين وآخر  وقد أثار غيظه تأخرها برفقة لويس  حتى هذا الوقت كانت يارا تتجول مع لويس بكل مرح متناسية رواد وتكاد تتخيل ما يعتريه، أخذها لويس إلى محيط برج إيفل... ثم تجولا قليلا أمام قوس النصر وسارا معا بشارع الشانزليزيه وهي مبهورة بكل معلمٍ تراه ،كانت باريس تعج بالحياة والأضواء ..ألا يسمونها مدينة الحب، ولويس يختلس نظرات إليها بين الفينة والأخرى فرحاً لسعادتها وبرائتها تلك ولم يبخل عليها بمعلوماته عن معالم مدينته، تناولا طعام العشاء بإحدى المطاعم  حتى أصبحت الساعة السابعة مساءً وحان موعد العرض المسرحي ...
كان بالنسبة لها حلم أن ترى عرضاً حياً للباليه...وبباريس كذلك ..حبست أنفاسها شغفا  عند دخولها دار الأوبرا الضخم...
جلست على مقعدها تنتظر بفارغ الصبر أن يبدأ العرض و بعد فترة وجيزة اطفأت الأنوار وسبحت القاعة بظلام شديد...خفتت همهمات الحضور مع بداية الموسيقى التي ملأت القاعة .. فهمست بسعادة غامرة...
-يالهي ...إنها معزوفة طائر النار ...
نظر لها بعفوية قائلاً:
-هل تحبين هذه المعزوفة ؟
-نعم...بالتأكيد، إنها أفضل معزوفة لسترافينسكي بالنسبة لي.
راقه انفعالها وبهجتها  وتناسى العرض أمامه وبقي محدقا بشغفها الواضح لهذا الفن ..
تأمل وجهها ..وشعرها .. عيناها الدامعتين الغارقتين بالظلام وابتسم .وهي تتأمل ذلك الضوء الأزرق الذي تلونت به أرضية المسرح قبل أن يلقى ضوء أحمر قرمزي على شجرة ظهرت تلتمع أغصانها الذهبية ..
تقدمت راقصة ترتدي فستاناً أحمر اللون ترقص بكل حرية  ثم اختفت فجأة ليظهر راقص آخر وكأنه يجول بعينيه باحثاً عنها ....صارا بتناوبان بالظهور من خلف تلك الشجرة المضيئة ...هي ترقص بكل حرية وفرح وهو بعدها يحارب شراً ما باحثا عنها ..
كان فستانها يتمايل معها بكل انسيابية على خشبة المسرح وهي تدور حول تلك الشجرة  ..حتى ظهر الشاب من وراء الشجرة والتقيا أخيراً فتقدم نحوها...وبدآ بالرقص بكل جاذبية .
يحملها بكل خفة ويدور بها ..ويارا تتراقص عيناها بدورها على هذا العرض الرائع ..لكم تمنت ان تقدم عرضاً كهذا بهذه الاحترافية والمهارة والدقة .
انتهت فقرة ذاك الثنائي ليظهر بعدها ضوء أزرق و عدة فتيات يرتدين أثواباً بيضاء يرقصن حول تلك الشجرة بكل دقة ..ببنهن فتاة مميزة بثوبها الجميل وكأنها أميرتهن.
شعر لويس باندماجها الشديد بهذا العرض فاقترب هامساً لها :-أتعرفين أن مصمم هذه الرقصة هو مايكل فوكين ..واستوحاها من روايات الفلكلور الروسي ...حول طائر سحري يجلب نعمة لمن يحصل عليه .
نظرت إليه مبتسمة قبل أن يردف مثبتاً عينيه عليها (ويحمل لعنة كذلك )

كان يحاول أن يوصل إليها فكرة أنها اجتاحت حياته وقلبه وجلبت معها كل ماهو جميل له ولكن حبها هذا كان كاللعنة بالنسبة إليه...لأنه موقن أنها لن تكون له.
يعرف هذا بقرارة نفسه ويشعر به ولكن عاطفته كانت أقوى من أن يفكر بعقلانية ومنطق .
أشاحت بوجهها عنه بخجل متحاشية نظراته وأكملت متابعة العرض في حين ظهر الأمير مجدداً يحاول الوصول إلى أميرته والفتيات  بينهما يحاولن إبعادهما حتى التقيا أخيراً ...
كان كل تفصيلٍ بهذا العرض رائعاً ...الالبسة الإكسسوارات والديكور حتى شغف الراقصين كان جلياً وواضحاً، تمنت لو يتوقف الزمن بها هنا بهذا العرض الرائع ..وتمنت ان تشاركهم بهذه اللحظة
وكان لويس يراقب انفعالاتها بصمت ..
أسدل الستار وخرج هتاف حاد من الجمهور وتصفيق حار ...وقفت يارا بدورها تصفق بكل سعادة وفرح

الرقصة الأخيرةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن