**((3))**

14.5K 747 44
                                    


خطت روان زميلتها في المسكن إلى الداخل ملقية السلام ...
-جيد جداً بدأت بتوضيب أمتعتك من الآن .
-نعم كما تعلمين موعد سفري بعد ثلاثة أيام أريد أن أرتب أغراضي بترو لكي لا أنسى شيئًا .
-بالتوفيق لك ولكن مهلاً...هذا القط المسكين مالذي سيحل به ؟
ومسدت براحة يدها على ظهر القط النائم على الأريكة.
تبسمت لها قائلةً بحماس :
-ميمو.....طبعًا لن أتركه معك يا شريرة سأنهي أوراقه الرسمية و سآخذه معي .
-اه لكم أتمنى أن أكون مكانك يا ميمو .
قهقهت يارا عالياً على كلام صديقتها
ثم تغيرت ملامحها فجأةً ودفنت وجههها بيديها وهي تجلس على الأريكة وهمست بتوتر :
-أنا خائفة روان صدقاً ،أرتجف هلعاً لا أريد أن يتكرر الأمر معي مرة ثانية .
قامت روان وانتقلت إلى جانب يارا وضمتها قائلة:
-أنا متأكدة أنك ستتخطين الموضوع عزيزتي.
ثم مالبثت أن قامت وقالت بطريقة لطيفة وهي تلوح بيديها..
إسمعي عندما تصعدين ...خذي نفساً عميقاً واغمضي عيناكِ وتخيلي أنك ترقصين الباليه وتحلقين عالياً
ستشعرين بتحسن صدقيني.
-ولكن إن لم ينجح الامر.
-سينجح حبيبتي ...سينجح أنت فقط توكلي على الله و لا تتوتري وكل شيء سيكون على مايرام ، عشرات الرحلات تقام يومياً وجميعها آمنة.
************

عاد رواد من المعهد مساءً إلى شقته استبدل ملابسه و ارتمى بجسده على سريره يفكر فيها ...
وهل يوجد بحياته وعقله وتفكيره وقلبه سوى صغيرته الغاضبة المكسورة ، تذكر كيف تلقت الخبر بمشاركته لها بصدمةٍ كبيرة ففي كل مرة يتذكرها يبتسم لتصرفاتها الطائشة وكلامها الاذع ....رغم أنها تأذت كثيراً بسبب أسرته إلا أنه لم يستطع نسيانها...كل تلك السنوات وحبها كان ينمو بقلبه ويستحوذ على تفكيره وعقله .
فبذلك اليوم بالمعهد دخلت القاعة لتتعرف على سعيد الحظ الذي سيشاركها التدريب ، وما إن رأته حتى بهتت ملامحها فجأة إرتعش جسدها وكأنها قد تلقت صفعةً قوية، فبعد كل تلك السنوات من الألم والعذاب تراه أمامها وكأن الزمن قد توقف فجأةً عندما تعلقت عيناهما ....ازداد هو جاذبيةً عن السابق، وازدادت هي فتنةً وجمالاً تمنى لحظتها أن ينتشلها ويضمها إلى صدره، أن يعتصرها بين ضلوعه أن يستشعر وجودها الآن وهي علی بعد عدة خطواتٍ فقط .، تمنى لو يبثها أشواقه ويخبرها عما جرى له طيلة سنوات،.تجرأ وخطى نحوها قليلًا يهمس :
-يارا .

وأبت الكلمات أن تخرج ، تحجر الدمع في مقلتيها تحركت شفاهها بالكاد تنطق:-أنت !
استدرك خالد الموقف وقال بمرحٍ زائف وهو يربت على كتف رواد:
-أيتها الشابة هذا رواد سيكون شريكك في الرقص.
نظرت بصدمة و غضب لهذا الشخص الواقف أمامها .
-بأحلامك أن أشترك معه ، كنت أعلم أن هذا الأمر لن يكتمل معي ... كنت أعلم أن فرحتي لا تكتمل أبداً ، لا يليق بي الفرح ، عن إذنك خالد سأذهب .
تركتهما مغادرة ولكنه ركض خلفها وأمسكها من معصمها بقوة فالتفتت تجاهه.
-ماهذه الوقاحة التي أنت بها؟! ..
أبعد يدك عني ...وأنت خالد أيعقل أن تجلب لي هذا ليكون شريكاً لي ، لقد كذبت علي ولن أسامحك ،ألم تجد شاباً سواه بكل المدينة ؟
إدّعى خالد عدم الفهم وقال:
-يارا إهدئي قليلاً لما الانفعال...هل تعرفينه؟
ولكنها آثرت الصمت وهي تتفرس بمعالم رواد التي اختلفت قليلا بسبب سنين بعدها عنه ...عيناه كانتا ملاذها الآمن سابقاً ،بقيت تنظر إليه بدموع مختنقة حتى بادلها نظراتها بحدة و قال بجدية :
-أستاذ خالد هل بإمكانك أن تتركنا بمفردنا قليلًا.
التفتت يارا إلى خالد وصاحت :
-لا طبعاً لا تتركني معه ....لا يوجد ما نتكلم به .
نظر خالد مبتسماً لها ثم ربت على كتفها لتهدأ وتركهما مغادراً، أدرات وجهها وتعمدت تجاهله حتى ابتدأ الحديث:
-بالمناسبة .. هذه ليست طريقة لبقة لمقابلتي بعد تلك السنوات.
-آوه حقا ....أسفة جلالتك "
ثم أردفت بحنق
- كان علي أن أبصق على وجهك "
تمالك نفسه وأمسك معصمها وشدّ عليه بقوة مقترباً أكثر ليقلص المسافات بينهما وقال مشدداً على حروفه :

-انا للآن احترم كونك ابنة العم جابر رحمه الله لاتضطريني لأن اتعامل معك بإسلوبٍ آخر وتعرفين جنوني .
-قلت لي العم جابر !
واشتد صراخها عليه وهي تحاول إفلات يدها من قبضته .

-العم جابر الذي دمرتموه وشردتم عائلته ؟ إترك يدي أنت تؤلمني رواد..
ولكنه لم يفلتها بل شدّ عليها أكثر يهمس :
-من الجيد أنك مازلت تذكرين اسمي
كان كلامها كالسكين يطعن قلبه كلما تذكر ما حل بها لكنه وقع ضحية مثلها بكل ماجرى لا ذنب له أبدا .فاردف بخفوت...

-تعرفين أنه لاعلاقة لي بالأمر، أنا ...أنا صدقا يارا ...
تلعثم وضاعت حروفٌ كاد ينطقها فما كان منها إلا أن تنحني وتعضه من يده بلحظة فصرخ بصدمة.
- أيتها المجنونة...لما عضضتني ..

رفعت رأسها بلئم صارخة بعد أن أفلتها :
-لأني قلت لك أبعد يديك
ولم تفعل ...لا تلمسني مجددا وإلا لن يحصل خيرٌ أبدا
بلغ غضبه لأشده من مجنونته الصغيرة فاعتصر ساعدها تحت قبضته وجرها بعنف و رماها على المقعد انحنى و ضرب بيديه عليه محاصراً إياها شعر بتوترٍ بزلزل كيانه،فهاهي صغيرتي الآن على بعد عدة سنتيمتراتٍ فقط ،اقترب قائلاً بغضب :

-دعينا نتكلم مثل الخلق الآن وبدون هذه التصرفات الغبية
-أنا !كيف تجروء أيها الحيوا....
فقاطعها وهو يسد فمها بيده :
- اخرسي لنتفاهم....بغض النظر عن كل ما حصل في الماضي إلا أن هذه المسابقة يجب أن تشاركي فيها هذا مستقبلك"
ثم تطلع فيها مردفا: سأسحب يدي وتذكري أن تناقشي مثل الخلق :
نظرت له مطولاً ثم قالت بتحد بعدما ازاح كفه عن فمها :
-لن أشارك معك ..
-ستتخلين عن حلمك إذا بهذه البساطة.
-نعم .
-لأنك جبانة.
-لأني أكرهك.

اغمض عينيه بألم ،ابتعد عنها قليلاً ومشى خطوتين إلى الأمام واضعاً يديه في جيبي بنطاله الجينز .
-هذه مشكلتك
..ومع الأسف ستضطرين لمشاركتي ..
-بأحلامك.
ولكنه ابتسم بمكر :أحلامي ستتحقق صدقيني.
ببساطة تم اختيار الثنائي المشارك من كل المعاهد التي في المدينة ولم يبقى غير هذا .
إتسعت ابتسامتها وقد ظنت أنها تغلبت عليه::
-ولكنك لست منتسباً لهذا المعهد.
إقترب منها أكثر محاصراً إياها بنظراته الجريئة مردفاً:

-مع الأسف أيتها الجميلة ...أنا منتسب له حتى من قبل أن تلدك أمك وطلب مشاركتي أرفقه خالد مع طلبك وتم الموافقة عليه بعد أن اطلعوا على سجل مشاركاتي الفنية العظيمة .
إتسعت عيناها وحاولت فهم ما نطقه لتوه حاولت أن تتحاشى نظراته المستفزة ثم صرخت وهي تدفعه بقوة من أمامها:
-أريد أن أفكر .
وقف أمام النافذة الكبيرة مجيباً :
خذي وقتك.
وطبعاً بعد أن حوصرت من كل الجهات قبلت بشروط أهمها ألا يتحدث معها أبدا إلا ليتناقشا بشأن التدريب.
وأن يتركها وشأنها بمجرد انتهاء العرض .

***********
طرق الباب و دخلت عليه خادمته العجوز لتنتشله من شروده
- رواد بني ..إن استاذ خالد في الأسفل يريد مقابلتك"
إعتدل بجلسته مجيباً :
-حسناً جميلتي سأنزل فوراً .

***********
رأيكم يهمني ^ - ^

الرقصة الأخيرةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن