الحلقه (16).."هو ليّ".
-----
تأجـج شعورها ألمـًا لما ألقته علي مسامعه..فهو لا يستحق كلماتها القاسيه تلك،،ولكنهـا تُريد أن تقنعه بأنها تذهب طواعيه..غير مجبوره علي ذلك لإنقاذه وكذلك افراد عائلته،،حيث مــالت بجسدها للأسفل قليلًا ثم إلتقطت الحقيبه الموضوعه أرضًا بجانب قدمها مردفه بنبرة منكسـره،،،
-ما حبيتش غيرك..ومش هكون لحد تاني لو ماليش نصيب فيك..وعُمري ما هنسـاك..بس روح واحده تتوجع ولا مليون روح تـروح بسببي.
تنهـــدت بآسي وسقطـت قطرة دموع من عينيها لتغمضهمـا ببطء تتذكـر ملامحه الحزينه من حديثها وعدم إقتناعه بما قالته رغم تغير قسمـات وجهه التي باتت لا تُصدق ما تسمعه..لا تريد أن تذهـب..فقط ترغب في البقاء معه تنظُر له ويتوقف الزمن عند هذه اللحظة..تريد السلام الداخلي الذي يمنحه إياها بمجرد نظره هائمـه من عينيه ِ،،أحبها بصدق رجُل أحيانًا ما يتحول لطفل لبق الحديث..يُرضيها ،،يُسعدها بكلماته المازحة وما أن تنجح مهمته يعـود رجلًا أدي وعـده أمام قاضي قلبه،،،
ولكن ماذا تفعل هي؟!..تتخلي عنه دون سابق إنذار..يُصدقها بينما تصدمه ببعدها..تأخذ قلبها منه سهوًا.
وضعـــت الحقيبه علي كتفيها وهي تشعر بتبكيت الضمير ولكنها أصـرت علي فعل هذا..يكفيه ألمًا منذ طفولته..آقتحمت حياته حتي تُدمرها؟!..يكفيه ما يُثقل روحه من متاعـــب.
ألقـــت نظـره أخيره في المكـان ومن ثٙم تجاوزت عتبـه الباب لتُغلقـه خلفها مُتجهه حيث قبرها بالدُنيا كما إعتادت أن تُسميه...."بـدأت بالتجذف في خُطواتها..مُبتعـده عن المكان بأكمله"،،،
كــانت بجانبه في سيارته الخــاصه عندما وصل بها إلي الحـي لتنظُر من نافذه السياره ،عاقده حاجبيها ثم رددت بنبرة سريعه،،
-لحظة هنا يا أستاذ ماجد !!!
إلتفــت ماجد لها بعينيه عاقدًا حاجبيه في تساؤل بينمـا ترجلت هي خارج السياره حيث تنظُر بإتجاه نوراي التي تستقل سياره أُجـرة،،،
-نــــوراي!!!..إنتِ رايحه فين؟!
قــاد السائق السياره علي الفــــور ،بينما لاحظـت نوراي وجودها لتلوح لها بيـدها ومازلت الدموع تسقط منها بغير وعــي...
إلتفـــتت روفيدا ناحيه ماجد الذي كان يُتابع الموقف في حيره من أمـره..لتقطع روفيدا شروده وهي تجلس داخـل السياره مُجددًا قائله بنبرة مُتحيره،،،
-هي نـوراي رايحه فين!!..وياتري بتعيط ليه؟!
مــط ماجـد شفتيه وكذلك رفع أحد حاجبيه بعدم فَهم،،
لتردف روفيدا بنبرة مضطربه:ليكون سليم حصلوا حاجه..خدني البيت بسرعه.
في تلك اللحظة أمسكـت هاتفها الجوال من حقيبه كتفها لتُجري إتصالًا بشقيقها الذي أجـــاب بنبرة مُنهكـه،،،
-خير يا روفا!!
روفيدا بقلق:إنت اللي كويس ؟! ..فيك حاجه!!!
سليم بهدوء:بخير الحمدلله.
روفيدا بتساؤل:امال إنت فين؟!
سليم مُكملًا:عند عمـي ناجي.
روفيدا بإندهاش:هــا؟!...امال نوراي كانت رايحه فين؟!
إنتبــه سليـم لذكــر اسمها فأعتدل في جلسته علي ذاك المقعدِ مردفًا بنبرة مُترقبـه،،،
-مش فاهم..تقصدي ايه؟!
روفيدا بإستئنــاف لحديثها:شوفتها كانت بتعيط وركبت تاكسي بس مالحقتهاش.
تجهمــت معالم وجهه بضيقِ شـديد..وقد لمعت عيناه بثبـات ثم ردد ســادرًا،،
-نوراي مشيت !!!
قطبـــت روفيدا حاجبيه في إستغراب ثم تابعت وهي تُشير بأصابعها ناحيه ماجد لإستئناف السير حيث منزل والده،،،
-مشيت فين يا سليم؟!
إبتلـــع سليم غصه في حلقهِ لينهض عن الأريكة مُتجهًا صوب الباب وهو يتحامل علي قدمه مُرددًا في ثبات،،،
-اقفلي دلوقتي يا نوراي.
أغلـق الهاتف مع شقيقتـهِ ثم إتجـه كالبركان الثائر هابطًا الدرج..فأخذ يمسح على غُره رأسه في إجهــاد ..فـ قدماه لا تعاونه علي السير مُطلقًا ومــا أن ترجل خارج البنايه ليجـد ماجد يقف بسيارته أمامه مباشرة...
ترجل كُلًا من روفيدا وكذلك ماجــد،،
لتقترب هي منه في قلق ونبرة متوجسه قائله،،
-سليم..فهمني ايه اللي بيحصل !!!
رمقهــا سليم بثبات ومن ثم ردد بنبرة مختنقه موجهًا حديثه لـ ماجد،،،
-ممكن تاخدني لمشوار ضروري!!..وإنتِ يا روفيدا أرجعي البيت.
روفيدا بعصبية خفيفه:مش راجعه يا سليم..غير لما أعرف..أيه اللي واجعـك وملامحك متغيره كدا ليه !!!
زفـــر سليم زفرة مُنهكة تنم عن بركان الغضب داخله ثم إستئنــف بضع خطوات حتي دلف داخل سيارة ماجــد...
نظـر كُلًا من روفيدا وماجد بإتجاه بعضهمــا ..ليتجه ماجد مُجددًا ويجلس امام مقـود السياره وكذلك روفيدا التي أصــرت علي الذهاب معهمـا...
تنحنــح ماجد قليلًا..فمازال غير مُدركًا لمـا يجول في خاطر صديقه ليردف قائلًا بتساؤل،،،
-هتروح فين يا سليــم؟!.
سليـم بثبــــات:أطلع على المقابـر.
---------
جلســـت علي رُكبتيها..أمام ذاك النصب الحجري مستطيل الشكـل ثم لامستـه رأسها والدموع تنهمـر علي وجنتيها بغزاره قائله بإنهيار،،،
-بعدتي وسيبتيني ليه؟!.روحـي أتوجعت وبقيت عبارة عن رمــاد..انا موجوعة أوي،،بس إنتِ زمان قولتيلي هترتاحي يا نوراي..هتلاقي اللي يعـوضك عن سنين حياتك كُلها..راجل عُمره ما هيفكر في جسمك ولا يستضعفك ومش هيهمـه غير روحـك..عندك حق يا ماما صفيه..أيوه لقيته بفضل دعواتك..بس بيضيع مني تاني بفضلك بردو..ما هو إنتِ اللي ربتيني مع حيوان زي عاصم..مفيش حد قادر يوقفه،،
ياريتني كُنت مُت وانا صغيره بدل ما انا بهرب من الجنه للنـار..بهرب من حُضن راجـل لقبر مُستذئب ما يعرفش ربنا..هيدفني فيه وياكل في لحمـي وروحي من غير وجه حق لمُجرد أنه فاكـر نفسه أقوي حد في الدنيا..لمُجرد أنه لقي الضعيفة اللي ملهـاش اهل..ما يستقواش ليه؟!..من حقـه..بس قسمًا بربي ما هكون له يوم واحـد ولا ثانيه واحده..وقبل ما أربط اسمي باسمه هكون ميتـه...القبر احن عليا من وجودي في القصر دا.
ظلـــت تدفن كفها في التراب الموجود حول المقبره ومــا أن تمسك كميه منه قبضه يدها حتي ترفعها عن الأرض قليلًا ثم تحررهم مُجددًا قائله...
-ما بقاش عندي حاجه أبكي عليها.
أنت تقرأ
هو لى
Romanceمسلوبـه إرادتُهـا،ذات ماضٍ لم تكُن هي سوي ضحيتـهِ،،ماضٍ اُستعمل كـ سلاح ضدها..لتُسجن داخل حاضرها المُعتم،وتُصبح أداه لذاك السادي،،ولا يُمكنها أن تصرُخ مستغيثـه سوي داخل نفسها..لتجـد وأخيراً بريق امل يتسلل داخل عتمتها ويمُر امام عينيها ثم يُكسبها لمع...