البداية

1.8K 127 260
  • مهداة إلى AMC
                                    

     - يارا... يارا، استيقظي. يارا، هناك من يطرق الباب.
أيقظتها شقيقتها الصغرى بينما كانت تهزها من فراشها لتنهض.

     - من قد يأتي هذه الساعة؟... حسنا، أنا قادمة!
اردفت بينما فركت وجهها لتستعيد وعيها، إنها الثانية صباحا. ارتدت صندلها، تزحف بإتجاه الباب تستند إلى الجدران محاولة استعادة توازنها، شقيقتها تتبعها بقلق بينما تمسك بدبها المحشو في يسراها، ومتشبثة بثوب شقيقتها الكبرى بيمناها.

     - لا تطرق هكذا!
زعقت غاضبة من صوت طرقات الباب المتتابعة دون توقف، وكأن أحدا يطرق بمطرقة حديدية على باب شقتها الخشبي.

     - من هناك؟
سألت من خلف الباب، فاركة وجنتها اليسرى وقد أمسكت بمقبض الباب بيدها الأخرى.

     - إنه أنا.. هينري

     - هينري؟ ماذا الخطب؟
تسائلت بعد أن فتحت الباب، وجدت رفيقها يلهث ويبدو أنه كان يركض لمدة ليست بهينة.

     - لا وقت للشرح، فقط جهزي حقيبة لك وحقيبة لآشا وبدلا ملابسكما ولنخرج من هنا سريعا!
قال مغلقاً الباب خلفه، بينما يدفعها إلى داخل غرفة الجلوس.

     - ما الخطب، هينري؟ أخبرني!

     - فقط اسرعي وسأشرح لك لاحقاً! اجمعي ما باستطاعتك جمعه، هيا!

     - حسنا.. هيا آشا بدلي ملابسك، سأذهب لتحضير حقائبنا، آمل أن تكون الأمور بخير...
قالت فركضت شقيقتها بإتجاه غرفتها.

     - سأجمع المعلبات ريثما تنتهون..
قال هينري راكضا بإتجاه المطبخ. ذهبت هي لتحضير متاعها، هي مرتبكة، مشتتة، تجهل ما يحدث، كانت تجمع أغراضها بتوتر. إنتهت بعد دقائق معدودة وبدلت ملابسها، تشعر بالقلق والريبة يسيرون في عروقها مجرى الدم.

     - لا تنسي أخذ سلاح والدك!
قال رفيقها؛ فوالدها كان يعمل شرطيا في السابق. أخرجت ياري السلاح من درج الخزانة وقامت بتعبئته، لقد أتقنت استعماله منذ سنوات، ولكنها لا تزال تجهل ما يحدث.

     - هيا آشلي، إرتد حقيبتك.
قال بينما كان يساعدها في هذا، فهي في التاسعة من عمرها.

     - هلا أخبرتني ماذا يحدث؟ بربك هينري تحدث!
كانت تتحدث بنبرة ملأها الخوف والغضب، تتسائل وتخشى أن تسمع الإجابة.

     - لا أعلم كيف أنبئك بهذا، لكن قد إنتشر فيروس منذ فترة ليست بقصيرة وكانت الحكومات في العالم أجمع تتكتم عليه، والآن خرج عن سيطرتهم، لا يوجد أكثر من هذا لدي الآن.. ولكن أعلم أنه ينتقل بالعض.. ويوقظ الموتى.. هذا لا يجعل المنطقة آمنة لكما..
أجاب لتصاب هي بذعر أكبر وتضم شقيقتها إلى صدرها، تتمنى لو لم تكن تعلم شيئا. توجهت إلى خزانة الأحذية لتسحب حذائها الرياضي منها فتنتعله. أخذت صورة لعائلتها من فوق أحد الأرفف فوق الخزانة، مسحت الغبار عنها ثم وضعتها في حقيبتها فارتدتها.

     - إلى أين سنذهب إذا؟

     - علينا أولا الذهاب إلى إيلينا، لقد تحدثت معها عبر الهاتف وطلبت منها أن تجهز نفسها ريثما احضركم.
أجاب مرتديا حقيبته.

     - جيد.. هيا لنذهب، آشلي..
قالت وأمسكت يدها.

     - أريد دبي المحشو..
صاحت شقيقتها الصغيرة.

     - حسنا، هاك.. أمسكيه جيدا.. وابق ممسكة بيدي، حسناً؟
أجابت وأعطتها دبها، أومأت شقيقتها بالإيجاب. هذبت شعر شقيقتها آنذاك وضمتها إلى صدرها لتشعرها بالطمأنينة.

     - هيا.. أغلقي الباب ولنخرج..
قال هينري بينما أمسك بيد شقيقتها. كانت تنظر لمنزلها الذي تربت وعاشت فيه -للمرة الأخيرة، نظرت بخيبة أمل إلى مقبض الباب وهي تسحب يدها عنه بعد أن اغلقته. إلتفتت ووجدت ما يصعد على الدرج بإتجاههم، رجلاً امتلأت بشرته بالدماء والرضوض، وقد تحولت إلى لون رمادي شاحب كالموت، يتحرك نحوهم ببطء صاعدا الدرج.

     - ها هم يأتون! أطلقي الرصاص!
صاح مذعورا فأخرجت مسدسها وبدأت تطلق النار، ولكن هذا لا يتوقف عن الإتجاه نحوهم، اجهشت شقيقتها بالبكاء خوفا ودثرت وجهها بكفيها الصغيرين، وهذا ما زاد توترها، ترتعش يديها بينما تحاول بكل جهدها - التصويب على ذلك الشخص. كان هذا أحد جيرانها الجيدين، كان رجلاً وقورا ومهذبا، كان أشبه بأب لها.

     - جربي شيئا غير القلب!

     - لا يمكنني! هذا العم أرنولد!

     - أرنولد سيلتهمنا الآن، أطلقي الرصاص! يارا، أنه الأمر!
صاح مجددا فأطلقت رصاصة طائشة مغمضة عينيها، لتستقر في رأس جثة العم أرنولد، ليسقط هامدا دون حركة، ضمت شقيقتها إلى صدرها خوفاً.

     - هيا لننزل.
قال بينما باشر طريقه، وقفت متسمرة في مكانها من هول المنظر، ترى الدماء الداكنة تصنع طريقها إلى أسفل الدرج. حملت شقيقتها مدثرة وجهها الصغير بينما تعبر بجانب الجثة. خرجوا إلى العالم حيث الكثير من البشر يصرخون ويركضون، هناك المزيد من الجثث السائرة التي تجوب رائحتها المكان، بدأت تشعر بخوف أكبر من سابقه، ولكنها تشجعت من أجل شقيقتها؛ هي تعلم أن العالم حولها ينهار، ولكن هي تحاول ألا تنهار معه.

الكائن الجميل | Sweet Creatureحيث تعيش القصص. اكتشف الآن