الفصل الخامس عشر: لا تذهب!

236 31 37
                                    

     يارا:

     مرت أيام عديدة، حتى أنني فقدت الشعور بالوقت، بدأت ساقي تتحسن عن السابق؛ إذ أنه عاد بإمكاني المشي بسلاسة بعض الشيء، وتحسن حال كلا من داريل وكارل.

قضيت الكثير من الوقت برفقة داريل، كلانا كان يقطن في المنزل وحده طوال اليوم، لذا كنا نجلس كثيراً معا. تحدثنا عن أشياء كثيرة، تحدثنا كثيراً عن حيواتنا السابقة، عن الأفعال التي تزعج كلينا من بعضنا، حتى أننا تحدثنا عن موسيقانا المفضلة، واستمعنا للكثير منها أيضاً.

ازحنا الكثير من الضغينة بيننا عن صدورنا، حيث أن كلانا وجد مهربا من العالم- في حواره مع الآخر. بالذات أنا شعرت بهذا، شعرت أنني كنت أعرفه سابقاً، ربما في حياة أخرى، شعرت بأنني اقمت محادثات مشابهة معه، أو ربما هي حالة ديچاڤو متقدمة، أو ربما أنني أهذي كثيراً هذه الأيام.

لكنني شعرت بارتباط روحي بيننا، كلما نظرت في زرقاوتيه، أشعر أنني غرقت فيها من قبل، عرفتها من قبل، تمعنت بها لسنوات، حفظت تشعباتها وحركة بؤبؤيها. كلما تحدث بلكنته التي يمكنني تمييزها بين ملايين الأصوات، نبرة صوته وحدته، ابتسامته، حركة يده العفوية عند حديثه، لقد عاشرت كل هذا، كأنه مخبأ في مكان ما داخل عقلي وقد دفن بالتراب، فقط علي البحث أكثر، يجب علي أن أبحث أعمق من هذا.

     صباح اليوم، استيقظ جميعنا على صوت زمجرة عنيف، كان الصوت قريباً جداً. هرعت نحو النافذة لأتحقق، أرى باب حظيرة السيد جرين يرتعد، وقد تعالى صوت الزمجرة من هناك. لم يمر وقت طويل، حتى نزل الجميع من غرفهم، ليتحققوا من الأمر. أصبح الشك يقيناً عندما قرر الرجال الخروج للتحقق مما قد يكون في الحظيرة، اعتقد معظم من في المنزل أن هناك حيوان بري مفترس في الحظيرة، وأنه كان مختبئا وقد حبس في الداخل- عن غير عمد.

لكنني اعتقدت أنه شيء أكبر من ذلك، وقد تيقنت عندما فتحت بوابة الحظيرة، ليخرج منها مجموعة لا بأس بها من السائرين. شاهدت كل ما حدث خلف نافذتي الزجاجية، لكنني عشت كل لحظة مما شاهدته وكأنني كنت بينهم، صوت كل طلقة انطلقت من كل سلاح حملوه في يديهم- كان يرعد في داخلي.

بقيت آشلي في حضني طوال اليوم، مرتعبة من هذا الصوت، والأصوات المصاحبة له من تناثر لأجزاء رؤوسهم ودمائهم. كان هذا جزءاً بسيطاً، من الرعب الذي حام وسط المكان، عندما اكتشفوا أن صوفيا كانت هناك طوال الوقت.

لا يمكنني نسيان كيف بدت، كانت هذه أول مرة أرى فيها طفلة قد تحولت، ولا يمكنني مسح صورة كارول من ذاكرتي، وهي تجثو على الأرض منتحبة، تصرخ بكل ما أوتيت من قوة، تحاول الاقتراب من ابنتها التي لم يعد بإمكانها التعرف عليها، هذه ليست الطفلة الهادئة ذات شخصية الفراشة- التي كانت تحوم حولنا، كانت مجرد جسد احتوى وحشا، لم ير والدته سوى وجبة غداء تمر مرور الكرام.

الكائن الجميل | Sweet Creatureحيث تعيش القصص. اكتشف الآن