لا حول ولا قوة إلا بالله
__________________________________بعد سنة:
باريس
أليست باريس هي مدينة الحب ؟ أليست رمزا للعشق والسعادة ؟ ألم يتم هنا كتابة أجمل الروايات وتصوير أحلى الافلام ؟
لماذا لم يقدر لهبة قليلا من كل هذا ؟ لماذا لم تفرح منذ أن وضعت قدميها هنا ؟ لماذا أصبحت هاته المدينة منفاها ؟ مدفنا لأحلامها، لحبها و حتى لكل شيء جميل فيها ؟ لماذا سرق آدم هنائها و رماه بالهاوية ؟
رباه !
أستستمر حياتها على هذا المنوال ؟ بتساؤلات لا نهائية و من دون أي جواب مطمئن للقلب و مريح للأعصاب ؟
الى متى ستظل مستلقية فوق تلك الكنبة ؟ استنهض بلحظة ما من وضعيتها المستسلمة و الذليلة تلك ؟
تسمع رنين هاتفها المتواصل لكنها لا تحرك ساكنا. تتركه يرن و يملأ الفراغ المحيط بها في عزيمة لا فائدة منها.
لم تكن محتاجة لأن تنهض و تتفقد شاشته لتعرف هوية المتصل بها، تدري حق معرفة انها زينب زوجة عمها غالي. المرأة التي ربتها هي و أخيها أمين بعد أن توفي والداها في حادث السيارة المفجع ذلك...
وفرا لهما كل ما هما بحاجة إليه و أكثر من ذلك بكثير، كانا عونا كبيرا لهما و سندا غير مهزوز ابدا. لكن طيبتهما وحبهما اللامحدود لم يستطع تعويضهما ما خسراه بتلك الليلة.
والديهما.
لم يكن الوضع سهلا على أي منهم، لكنهم كانوا يتصرفون و كأنه كان كذلك...الهي كم هو عجيب الانسان، يحب أن ينهك نفسه بالتمثيليات و بالاختباء وراء شبه الواجهات الصامدات، أن يكذب على نفسه و يدخلها في صراع المشاعر والمنطق، بصراع المكان و الزمان.
لربما أكبر صراع تم عيشه بهاته العائلة هو صراع أمين الوجودي الذي واجهه بعد فقدانه لذاكرته بذلك الحادث. تبخرت اثنا عشر عاما بأكملها من عقله تاركة فجوة مريعة بحياته.
ودت هبة لو أنها نسيت كل شيئ مثله، لو انها لا تتذكر الأحداث بتفاصيلها، كالصراخ الأخير لوالدها، صوت الانكسار الفظيع للسيارة، صدى تشتت الزجاج حولهم، جثث والديهما الدامية، رائحة الدم المختلطة برائحة البنزين، السيارات المتوقفة بكل مكان و المرافقة بأصوات الزمور الحادة، الانتظار المميت بقاعة المستشفى ذات رائحة المطهرات الخانقة، الوحدة التامة و الضياع الكلي للطفلة التي كانتها حينها و هي تنتظر عمها لمدة بدت لها بطول عمرها آنذاك.
انتظرته...
انتظرت عمها غالي بتلك الليلة السوداء إلى أن غلبها النعاس و غفت فوق الكرسي البلاستيكي البارد، بعيدة كل البعد من أن تتصور أنها حين ستستيقظ ستجد حياتها قد تبدلت مئة و ثمانين درجة.
أنت تقرأ
طريق الانتقام ( الجزء الأول )
Romance] ملاحظة : السرد قديم يحتاج تعديلا [ وسيم، غني، غامض و فوق كل هذا. بارد. بارد لدرجة تجعله يجمد قلب اي كائن... هارون كان له هدف واحد بهاته الحياة التعيسة، تدمير الشخص الذي دمر له حياته بأبشع الطرق. خطته كانت مثالية و محكمة. خطط الرجل لكل شيئ و توقع...