اللهمّ إنّي ظلمت نفسي ظلماً كثيراً، ولا يغفر الذّنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنّك أنت الغفور الرّحيم.
_______________________________
بعد أسبوع:
كان السيد غالي بمكتبه ينظر إلى صورة قديمة تجمع بينه و بين إخوته، صورة سجلت أجمل أيامه، أسعدها أيضا حين كانت العائلة مجتمعة كاملة ومتساندة.
نظر غالي إلى الرجل المبتسم الواقف بينه وبين أخوه الصغير محمد.
راضي.
ورثت منه ابنته طبعه وسوء حظه وورث إبنه منه ملامحه وقوته.
لكن أتراهم ورثوا شيئا من طيبة قلبه؟ أطيبة قلبهم تستطيع أن تكون أقوى من الآلام التي عاشوها فيما مضى؟
كان راضي الهادي رجلا حكيما بفكره، عنيدا بطبعه وعادلا بقراراته... كان رجلا بألف رجل، كل من يسند ظهره عليه لا يسقط، كل من احتمى به وجد أمانا.
كانت أخوة راضي بغالي، أخوة روح قبل دم...
ثم تغير كل شيئ.
- آسف. همس غالي لشقيقه وهو يمسك الصورة بيد مرتجفة.
خمسة عشر سنة مضت على ذهاب راضي ولا يزال الإحساس بالذنب ينهش غالي من داخله وكأنه قد خلق بالأمس.
هل سيسامحونه؟
حين سيعرفون... هل سيسامحونه؟
كان هذا السؤال يقتل غالي كل يوم ويحرمه النوم كل ليلة، هل سيغفرون حين سيعرفون بأنه من يَتَّمهم ؟ أنه من جعلهم يعيشون كابوس حياتهم؟ أسيغفرون إن علموا أنه قد أخفى عنهم الحقيقة كل هذا الوقت؟
رباه، لا تجعل غالي يعيش ذلك اليوم ! لا تتركه يواجههم به، لا تتركه يرى الحقيقة تنفجر بوجهه.
يا الله أنت تعرف كم يندم الرجل على كل ما قام به ! إنك تعلم كم يتعذب بسبب ما حصل ! فاستر ما حدث...
- آسف يا راضي. ردد غالي وهو يضع الصورة بدولاب المكتب كما لو أنه يخرسها بعد أن كانت على وشك ان تفضح أسرارا مضت منذ وقت طويل.
إستيقظت هبة بتعب وهي مرافقة بدوار كبير...
كعادتها...
حبا بالله، ألم يقل الطبيب أنه سيمر بعد الثلاثة أشهر؟ لماذا لازالت تحس بالعياء والدوار كل صباح اذا؟ تتقيأ المرأة كلما لم تتوافق رائحة ما مع هرموناتها وتنام بعمق نوم قندس في سبات شتوي؟
لا زالت تتذكر كيف أنها انقضّت على طاجين الدجاج الذي قد وضعوه للعشاء في زفاف مريم كجائعة لم تر أكلا منذ الأزل. رباه ! كم أنها كانت محرجة !
ذهب كل حسن تعاملها وتصرفها عندما رأت الدجاجات المحمرات نائمات بكل ارتخاء فوق سرير من الصلصة والكثير من الزيتون الاحمر والحامض المخلل.
أنت تقرأ
طريق الانتقام ( الجزء الأول )
Romance] ملاحظة : السرد قديم يحتاج تعديلا [ وسيم، غني، غامض و فوق كل هذا. بارد. بارد لدرجة تجعله يجمد قلب اي كائن... هارون كان له هدف واحد بهاته الحياة التعيسة، تدمير الشخص الذي دمر له حياته بأبشع الطرق. خطته كانت مثالية و محكمة. خطط الرجل لكل شيئ و توقع...
