22_ لغة العيون.

2.3K 134 53
                                    

اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
_____________________________

كانت هبة صامتة.

حتى أن تعابير وجهها قد جعلت هارون يتساءل ألف سؤال في الثانية. ما خطبها؟ لماذا لا تبتسم ؟ لم لا تضحك؟ لماذا لا تعبر عن ما بداخلها؟ أليست سعيدة؟ اتراها تندم؟ تتراجع؟ اللعنة ما خطبها؟

- كنت أعرف أنك ستحله. قال السيد الغالي وهو يخرج الأوراق من الملف. "كل شيء قانوني وصحيح؟ "

- طبعا. قال هارون وكأنه أمر واضح وضوح الشمس بالنهار.

ظلت هبة بمكانها.

صامتة.

وضع السيد غالي الملف فوق الطاولة ونهض من مكانه مصافحا الرجل بإمتنان.

- شكرا لك يا بني. قال بابتسامة عريضة وهو يطبطب على كتفه فخورا به.

ثم اتجه نحو هبة... نهضت هاته الأخيرة برجلين مرتجفتين, ووضع عمها يديه فوق كتفيها ونظر اليها بحنان فائق.

- لقد انتهى يا إبنتي.

كانت كلمات عمها كشيفرة فككت وأحاسيسها.

- انتهى... قالت هبة بإبتسامة. "لقد.. انتهى." ردت بضحكة عذبة.

نهض هارون من مكانه وعيناه لا تفارقان السندريلا، كانت ضحكتها من أجمل ما رآه في حياته بعد عينيها. كانت تضحك وكأنها امتلكت الدنيا وما فيها ومعرفة أن له يدا في هذا يجعله سعيدا بدوره.

سعيدا... هو؟

قفزت هبة وعانقت عمها بفرح ودموع السعادة تنساب على خديها بسلاسة.

- الحمد لله. حمدتك يا ربي وشكرتك.

رددت هبة هاته العبارة مرتين و هي تعانق عمها. ثم إبتعدت عنه لتنظر إليه بإبتسامة عريضة، إقتربت منه ومدت يدها له لمصافحته بشيئ من التردد. لاحظ هارون.

- شكرا لك. قالت بإمتنان.

ابتسم هارون وهو يغرق عينيه الخضراوتين بعينيها. يغرق الرجل بكل مرة هنالك. مهما قال لنفسه لا تفعل. مهما لعن نفسه و مهما قاوم...

كان يغرق فيهما بكل مرة.

أكثر...

ولم يكن الغرق بعيني هبة الهادي موضوعا باي مخطط.

- العفو.

إحساس غريب ملأهما بهاته اللحظة. وكأن العالم توقف عن الدوران، وكأنه لم يعد هناك أحد آخر غيرهما بالصالة وحتى بالكون.

لا يوجد أحد غيرهما وتلك الرسائل المشفرة التي يقرآنها بعيني بعضهما. كلمات متقاطعة معقدة، ألوان مختلطة و لوحات مبهمة. لا شيئ واضح من كل هذا ماعدا الوقت الذي يتوقف بينهما.

طريق الانتقام  ( الجزء الأول )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن