27_لكل امراة قفطانها

2.1K 127 36
                                    

"يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك
_______________________________


بعد ثلاثة أسابيع:

كان سر هبة يختبأ داخلها كما يختبئ الكنز بأعماق البحر، كما تختبأ البذرة تحت الأرض، كما تختبأ الشمس خلف الغيم.

كما تختبأ زهرة اللبن تحت الثلج.

تنمو تحته ببطئ قبل أن تتفتح أكمامها متحدية الجليد و الثلوج التي تتراكم فوقها، تخرج من تحته بفخر معلنة بذلك بداية جديدة لموسم جميل قادم.

لحياة جديدة.

كالتي كانت تنتظر هبة.

ومع أن هذا الطفل أنشأ بليلة سوداء، إلا أنه قد كان من فضل الله، كان هدية منه ومعجزة ستنسيها كل ما حصل لها قبلها. كان هذا الطفل، البداية الجديدة التي تنتظرها بعد تلك النهاية المأساوية التي أهداها إليها آدم.

لاتزال هبة حائرة حول كيفية إعلام عائلتها بهذا الأمر. فكرت وفكرت بالطريقة المثلى من دون جدوى. وهل يوجد طريقة لأخبار العائلة بحمل غير مرغوب به من طليق مجنون وعنيف؟

لا توجد.

و لأنها لا توجد، قررت الهبة الصمت وأن لا تخبرهم بالخبر الصاعق إلا بعد زفاف إبنة عمها مريم.

- لا أحب هذا اللون. لنجرب شيئا آخرا. قالت أسماء من الجهة الأخرى للقاعة المليئة بالمرايا.

حبا بالله ! ليس مجددا.. هبة لا تستطيع الصمود مطولا.

- لقد تعبت. نحن نجرب هاته القفاطين منذ ساعات ! تذمرت هبة.

- ماذا نفعل؟ هل لدينا حل آخر؟ ليس لديك ما ترتدينه في العرس. اعلنت أسماء وهي تشير إلى جسد هبة بيديها.

- لدي. حتى أنني لم ألبسهم قط. ارتدتهم الخزانة وفرحت بهم أكثر مني. ما إن انهت هبة حديثها حتى رفعت أسماء عينيها إلى السماء.

- نعم والله. إرتديهم، إرتديهم.... وإجعلينا حديثا للناس !  مر على تلك المجموعة يا إبنتي خمس سنوات ! إتجهت أسماء نحو مجموعة أخرى من القفاطين المعلقة و قامت بتفحصها بعيون تلمع. "ثم مماذا تتذمرين ؟ لو كان الإختيار لي، لكنت اشترت خمسة قفاطين، حسنا... لربما عشرة. كل ما نراه هنا جميل، قفطان ينسيكي في آخر !"

- لأنهم من ذوقك. قالت هبة.

- وذوقك صعب. قالت أمل وهي تضرب أصابعها فوق الشاشة بسرعة فائقة.

- تتذمرين من الوقت، لكن أكثر واحدة فينا أضاعته هي أنت. قالت أسماء بسخرية. زفرت هبة الهواء بقوة. ما إن تبدا أسماء الحديث أو الإنتقاد لا تتوقف. أبدا. لا نسلم إلى أن نستسلم. "كلنا وجدنا قفاطينا وإكسسوارات. لكن لا شيء يعجبك ! لو أنك تختارين شيئا كنا انتهينا منذ زمن بعيد." أكملت المرأة حديثها.

طريق الانتقام  ( الجزء الأول )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن