4_ لن أنسى.

3.5K 172 87
                                    

سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم.
___________________________

ضائعة...

هذا ما كانت عليه هبة منذ عودتها الى هاته المدينة العريقة. بحالة غريبة تشبه الاستيقاظ في الثانية صباحا بعد ضربة قوية للرأس بمكان غريب عنك وبتعب شديد ينسيك من أنت ومالذي فعلته. 
 
تمردت المرأة بعز ضعفها وكسرت شبه العبودية التي كان زوجها يجبرها عليها قبل أن تتركه غارقا بدمائه ثم تهرب بكل ما أوتيت من سرعة وشجاعة !

من يفعل هذا ؟ أي إنسان يقدر على هذا ؟ 

انسان قليل الحيلة حتما ! انسان عاجز و منهك ! انسان مستنزف بوحشية و مكسور كليا من داخله ! أجابت نفسها بنفسها قبل أن تتنهد بثقل وهي تفتح باب مكتب عمها. 

- عمي ؟ 

رأته يرفع رأسه نحوها بسرعة قبل أن يبتسم لها بوجه شاحب و يغلق الملف الذي كان بيده.

- تعالي يا ابنتي. نهض من مكانه متقدما نحوها في هدوء "اجلسي لا تبقي واقفة." 

جلست في صمت بالمكان الذي قد أشار لها به، قبل ان تسقط عينيها على السجاد الأحمر الدامي الذي يغطي الأرضية الرخامية.

كانت خجلة...

للغاية...

- ارفعي رأسك. 

- عمي... أنا أقسم لك أنني لم أفعل شيئا.

- لا داعي لأن تقسمي بأي شيء. قاطعها وهو يجلس بجانبها قبل أن يمسك يدها المصابة بيده و يطبطب عليها في عطف امتلأت له عينا هبة دموعا. "ما قالته الحاجة بالأمس لم يكن بصائب أبدا. من يجب عليه أن يخجل من نفسه ليس أنت. بل عديم الشرف ذلك." 

لم تجبه. 

كان من الصعب عليها ان تقوم بما يقوله، لأن الخجل كان شعورا محفورا بداخلها شاءت ذلك أم أبت.

- أنا المسؤول الوحيد عن كل ما حدث.

يؤنبه ضميره، يتمزق الرجل من داخله بشعوره بالذنب ! طوال هاته السنوات لم يلاحظ الرجل أي شيئ ! كيف له أن لا يحس بوجع ابنته وأن لا يرى ذبولها الفظيع ؟ أنغمس بأشغاله ودنياه لدرجة انسته أهم ما لديه ؟ أولاده وأمانة أخيه ؟ 

- لا ! أرجوك يا عمي لا تقل هذا...

- أهملتك. تركتك له من دون أن... أراقب ما يحدث لك، لم أقم بواجبي حيالك.

هو لم يتركها له ! هبة هي من تركت نفسها له و خضعت !

حاولت المرأة كثيرا أن تنقذ نفسها وهي معه، تفاءلت قائلة أن بعض المعجزات الجميلة تتفتح من بين الأشواك كما يحدث لزهرة الصبار، تعاني بالبدء قليلا لكنها تنجح بنهاية الأمر بشق السطح القاسي للحياة قبل ان تخرج للوجود بشجاعة و جمال.

طريق الانتقام  ( الجزء الأول )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن