21_أنت حرة.

2.3K 135 56
                                    

اللهمَّ إني أسألُك رزقًا طيبًا، وعلمًا نافعًا، وعملًا متقبلً
_______________________________

عندما نزلت هبة للأسفل كان الصمت الغريب هو أول ما أحست به، ثم الملامح المتوترة التي سادت وجوه الجميع هو أول ما رأته. كانوا مجتمعين حول الطاولة الكبيرة المزينة بالفسيفساء البيضاء، جالسين على كراسييهم غير مرتاحين وكأن كل منهم ينتظر نهاية الفطور حتى يهرب.

جلست هبة بجانب أمين وسألته بعينيها عن خطب الجميع، إجابته كانت سريعة وواضحة، أشار الرجل لعمها الغالي برأسه.

رفعت هبة حاجبيها وهي تأخذ شرشفا، ثم حركت رأسها موافقة، ليس الأمر كما لو أن السبب كان ليكون شخصا آخر ! قالت في نفسها ساخرة. من يستطيع جعل الجميع بهاته الحالة إن لم يكن هو؟

أفرغت لنفسها كأس شاي بالنعناع في صمت.

- أنا لا أقبل. أعلنت أمل فجأة وهي تضغط على شرشفها ب "لا أريد. أتمت قولها."

بقيت هبة تنظر إلى أمل ولا تفهم سبب غضبها من والدها. مالذي ترفضه بالضبط؟

- وما سبب رفضك؟ سأل السيد الغالي.

- أبي أرجوك. أنا لا أفكر بالزواج الآن. لا زلت أدرس.

توضح الموضوع! قالت في نفسها وهي تختبأ خلف كأس شايها لترتشف منه. ليتها تأخرت قليلا بغرفتها حتى لا تشارك بهذا النقاش ولا تشهده.

- وما المانع من إتمامك الدراسة وأنت متزوجة. أأرسلك إلى منفى في قندهار؟

- لا أريد الزواج به.

- هم عائلة محترمة، من نفس طبقتنا الإجتماعية. نعرفهم جيدا وإبنهم ناجح ومسؤول، لماذا ترفضين يا ترى؟

لم تكن عائلة الغالي كباقي العائلات عندما يتعلق الموضوع بموضوع الزواج. وفي حين أن شباب اليوم يقررون بأنفسهم مع من يتزوجون، إلا أن أغلبية عائلات الطبقة المخملية لا تزالت تزوج أولادها زواجا تقليدا. يقومون بتقييم الأشخاص ومقارنتهم ثم إختيار الأنسب. كان الأمر أشبه بمقابلة عمل، يعرض كل طرف مزاياه ويقدم دوافعه ونقاط قوته والسبب الذي سيجعل الطرف الآخر يقبل به.

هذا العالم وعلى عكس ما قد نظنه، كان بعيدا كل البعد عن قصص الحب الرومانسية التي نقرأها. هنا، لا يوجد أمير على حصان أبيض يقاتل من أجل فتاة شعبية، ولا أميرة نائمة يوقظها الأمير ويوقف اللعنة التي حلت عليها. كله يتم التخطيط له من اللقاء إلى الزواج الر الوريث الذي سيسير الثروة العائلية.

طبعا... لم يكن السيد غالي ليجبر بنتا من بناته على الزواج، حتى أنه لم يكن ليمنع بنتا من بناته على الزواج برجل تريده والدليل الحي على هذا كان قصة هبة الكارثية. كان السيد غالي رجلا عادلا يكره الظلم، ما لا يعرفه الجميع هو أن خلف القناع القاسي الذي يظهره كان هناك رجل متفهم و محب.

طريق الانتقام  ( الجزء الأول )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن